منذ أن حضر الى ريال مدريد صيف 2010، وبعدما قاد فريقه الى فوز يتيم على حساب برشلونة مقابل 5 هزائم و3 تعادلات، لم يعد جوزيه مورينيو يملك ما يقوله سوى الاعتراف بأنه مهما اخترع من تكتيكات وابتكر من توجيهات وشحن من بطاريات وأطلق من تصريحات، فإن ريال عجز عن الوقوف أمام ماكينة التفوق الكاتالونية.. وهو لن يعترف بالتأكيد. ويعلم مورينيو أن أحداً لا يقدر على إرغامه على الاعتراف، ولكنه يعلم في المقابل أن رصيده يتناقص بسرعة.. أكثر من مرة وضع اللوم على الحكام، وأكثر من مرة تحجج بعامل الحظ، وأكثر من مرة تهكم على برشلونة ومدربه بيب غوارديولا، وأكثر من مرة قام بحركات تهريجية عند حدود الملعب.. اعتقد الكثيرون أن تقدم ريال على برشلونة بفارق عدد من النقاط خلال الموسم الجاري يعني أن الأول بات أفضل من الثاني، ثم ثبت أن اعتقادهم أقرب الى وهم وسراب، حتى ولو انتزع الفريق الملكي بطولة الدوري.. وبغض النظر عن مباراتي الكأس السوبر الإسبانية مطلع الموسم «2/2 ثم 3/2 لبرشلونة»، جاءت مباراة الدوري في 10 ديسمبر في سانتياغو برنابيو لتؤكد ذلك «3/1 لبرشلونة» ثم جاءت مباراة ذهاب ربع نهائي كأس اسبانيا الأربعاء الماضي لتشير مرة جديدة الى أي مدى البون شاسع بين الفريقين. بات الكثيرون يعلمون إحصائيات المباراة إن كان من حيث النتيجة والاستحواذ أو التسديد أو الركنيات وقد صبت كلها في خانة برشلونة كما من حيث «الفاولات» وقد صبت وحدها في خانة ريال مدريد.. ولكن ما قد لا يعرفه الكثيرون هو أن صاحب الأرض المدريدي مرر 234 كرة ناجحة مقابل 744 مرة ناجحة للفريق الضيف، وأن أفضل ممرر مدريدي كان شابي الونسو برصيد 40 تمريرة منها 35 ناجحة، وأن أفضل ممرر برشلوني كان شافي برصيد 144 تمريرة، منها 122 ناجحة!! الأرقام المذكورة ليست جديدة، حيث سبق أن سُجلت أكثر من مرة في لقاءات الفريقين السابقة.. ومع ذلك لم يركز الكثيرون عليها هذه المرة، بل على حالة اليأس والعجز التي بدا عليها ريال مدريد في الشوط الثاني بالذات.. داخ لاعبوه من كثرة جريهم وراء الكرة، وأسقط في يديهم أمام الإذلال الذي يتعرضون له.. وبالتالي، فإنهم ردوا على العقوبة الفنية التي يفرضها عليهم الضيوف بعقوبات بدنية وصل عدد منها الى حدود اللامقبول، وخصوصاً عندما داس الجزار بيبي عامداً متعمداً على يد ميسي. قد يعاند كل مدريدي فيتمسك باللامنطق.. ولكن، مع مرور المباريات، لم يعد يقدر إلا على قول الحقيقة.. وأكثر المدريديين تعصباً هم أصحاب الأقلام الخبيرة في صحف العاصمة الإسبانية الذين أكدوا على خلاصتين: أن مدربهم مورينيو غير قادر على انتهاج خطة غير الخطة الدفاعية المكثفة لمواجهة برشلونة وعجز عن وضع خطة هجومية تتدرج من مباراة الى أخرى ليتبلور بعض الأمل، وأنه يركز كثيراً جداً على شحن لاعبيه حتى يرهبوا البرشلونيين.. وتاريخياً، فإن الأسلوب الذي يركز على إجهاض هجمات الخصم أكثر مما يركز على بناء الهجمات الخاصة به ليس أسلوب ريال مدريد، والخشونة الزائدة والمتعمدة لم تكن يوماً سلاحاً للنادي الملكي حتى ينتزع الفوز، بل تسيء لسمعته. أخيراً، قد يكون هناك من يحب زين الدين زيدان مثلي، ولكنه لا يحبه أكثر مني.. ومع ذلك، لمست أن زيزو تحول للمرة الأولى في تاريخه الى مجرد «موظف».. منح بيبي كل الصفات الحميدة خارج الملعب واعتبر أن نهمه للفوز هو الذي يجعله عنيفاً داخله.. والجملة التي تفوه بها النجم الكبير لا معنى لها على الإطلاق ولا طعم.. جميع اللاعبين يعشقون الفوز، فإذا ما سلكوا سلوك بيبي فعلى كرة القدم السلام.. الى ذلك، هاجم زيدان من يدعون الى إقالة مورينيو وطالبهم بقراءة الأرقام الإيجابية التي حققها مع ريال مدريد.. ويعرف النجم الكبير أن السلوك مهم مثل الأرقام، وأن مورينيو أفسد كرة القدم الإسبانية حسب ما يقول الكثيرون، ومنهم المدرب السابق للفريق الملكي ومدرب المنتخب الحالي دل بوسكي.. ثم إن ارقام مورينيو إيجابية مع كل الفرق الأخرى، ولكنها سلبية بامتياز أمام برشلونة بالذات. لننتظر مباراة الرد مساء الأربعاء، بين فريق مضيف منتش وبين فريق ضيف متهالك، بلاعبيه وبمدربه.. سيكون اللقاء ال218 بين الغريمين منذ العام 1902.. وهما حتى كتابة هذه السطور متساويان في عدد مرات الفوز «86 لكل منهما» وفي عدد مرات التعادل «45».. بالنسبة الى برشلونة بالذات ستكون مباراة تاريخية.. كان دائماً متأخراً في الرصيد، ومع تشكيلته الذهبية قلباً وقالباً، منذ أن تسلمه غوارديولا صيف 2008، ضاق الفارق، وها هو مرشح ليكون له قصب السبق.