أسجل هنا أسمى آيات الشكر للرئيس المخلوع - حسب وصف بعض وسائل إعلامية وكتاب لرؤساء سابقين- الدكتور محمد مرسي على كشفه لحقيقة النهج الإقصائي الذي تنتهجه (جماعة الإخوان المسلمين ليس فقط في القطر المصري بل في الأقطار كلها). وأرجو هنا أن يتسع صدر الإخوان لقبول النقد. ما الذي أوصل مصر بصفة عامة والإخوان بصفة خاصة إلى هذا الوضع الذي لا يحسدهم عليه أحد؟!! أتذكر مقولة أحد قيادات الإخوان في اليمن عام 1992 أثناء تعليقه على قيام الجيش الجزائري بإلغاء الانتخابات التي فازت بها جبهة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر بقيادة عباسي مدني حيث قال: الخطأ يكمن في تصرفات جبهة الإنقاذ السلفية معللاً ذلك بقوله، لماذا تدير جبهة الإنقاذ ظهرها للآخرين وتمنحهم الفرصة لضربها؟ كان الأولى أن تسلك نهج التدرج وتنأى بنفسها عن التصريحات الثورية الإقصائية....الخ!!! لماذا لم يتقبل تيار الإخوان النقد مثلما يتقبل الآخرون نقد الإخوان – ولو على مضض-؟ أثناء ثورة تونس وحدوث اضطرابات ومظاهرات في اليمن كان الإخوان يقولون لابد من تونسةاليمن!! في حين كان يرد عليهم بعض خصومهم بأن اليمن لا يمكن أن تتونس ونحن نتمسك بالشرعية!! وحالياً انقلب الوضع وأصبح خصوم الإخوان يقولون لابد من مصرنة اليمن (على غرار تونسةاليمن) فيرد عليهم الإخوان بأن اليمن ليست مصر ولا يمكن مصرنتها والفرق شاسع كما بين السماء والأرض!! كان المعارضون لنظام الرئيس صالح يعيبون على الحزب الحاكم بأنه استولى على كل مفاصل الدولة، في حين الإخوان في الشقيقة مصر بعد فوزهم بالرئاسة استولوا على رئاسة مجلس الوزراء ومجلس النواب والشورى...الخ، والأفظع من ذلك أن الجماعة عينت عناصر غير كفؤة في تلك المناصب وهو ما أصابها في مقتل، هذا إضافة إلى كون الجماعة لم تطمئن الأطراف الأخرى في الداخل وتمنحهم الثقة لكي تمنح نفسها ثقتهم، بل الذي حدث هو العكس، لم تقبل بإشراك الآخر في صنع القرار، في حين الجماعة طمأنت أطرافاً خارجية (إقليمية ودولية) وكان الأولى بالجماعة ذاتها أن تطمئن الجبهة الداخلية أولاً ثم الخارج ثانياً. في اعتقادي ورأيي البسيط أن قيادة مرسي لمصر بالطريقة تلك أصابت جماعة الإخوان المسلمين في مقتل وسيظلون يدفعون الثمن لأكثر من عقد من الزمن حتى يستعيدوا ثقة الشارع أولاً، وثقة الأطراف السياسية المصرية ثانياً، وترابط الجماعة التي بدأ ينفرط عقدها ثالثاً. منذ بداية الأزمة في مصر كان هناك طرح تغيير الحكومة إلا أن الرئيس مرسي لم يعر هذا النداء أذناً صاغية، وظل مصراً على رأيه، وتتطور الأمور ويأتي بالإعلان الدستوري ويزيد من حدة التكتل ضده وضد جماعته، تلا ذلك تغيير النائب العام وما تلا ذلك من انتقادات... إلى أن وصل الوضع للنزول إلى الشارع ومطالبة الشارع بالتغيير، إلا أن الرئاسة وخلفها الجماعة لم تعر الموضوع أي اهتمام وظلت ترفع شعار الشرعية، في حين كان الإخوان أثناء ثورة اليمن يرفضون كلمة (الشرعية التي كان ينادي بها الطرف الآخر!!!). وفق المعطيات السابقة فإن على الإخوة في جماعة الإخوان المسلمين مراجعة أنفسهم كثيراً وإعادة النظر في التعامل مع الخصوم، وكان الأولى بهذه الجماعة أن تستفيد مما حصل لها في تركيا في القرن الماضي، ولكن يبدو أن الثقة الزائدة وصوابية النظرة وطهارتها – في نظر الجماعة طغت على كل تصرف تقوم بها على كل المستويات وأولها السياسي!! (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). فالخلل جاء من الرئاسة وليس من الغير، فاللوم كل اللوم يرجع إلى التخبط الذي مارسته الرئاسة المصرية دون إدراك العواقب. اقسم بالله إن كاتب هذه الأسطر لا ينتمي إلى أي حزب أو جهة وإن الدافع لكتابة هذه الأسطر هو ما يجري هنا وهناك ونرى تهوراً كبيراً وإقصاء واسعاً في تصرف جماعة الإخوان وهو ما أفقد الأطراف الأخرى الثقة بالجماعة وتكالب الجميع عليها لدرء خطرها على المنطقة. فشكراً لك أيها الرئيس المخلوع مرسي فلقد أرجعت جماعتك إلى الوراء خمسين عاماً، ومزيداً من أمثالك أيها المخلوع، لكي تصحو جماعتك من غفوتها وتتدارك غرورها..