في كتاب الدعاية والحرب النفسية عبارة باللغة الفرنسية تقول: اذا أردت أن تكون ناجحا في الدعاية والحرب النفسية ،عليك بأن لا تسيئ للمجتمع لأن الاساءة للمجتمع هي اساءة للجيش ، ولا تسيئ للجيش لأن الاساءة للجيش هي اساءة للمجتمع ، والمعنى أنك لاتسيئ للمجتمع لأنه مجموع الاصول الاجتماعية التي ينتمي اليها كل جندي في الجيش ، فخلف كل جندي في اي جيش سبع اسر اجتماعية هي : اسرة اهله وهم ابوه وامه واخوانه / واسرته زوجته وابنه وبنته ، واسرة اقاربه وهم العم والخال ،وكل ماله قرابة من جهة الاب أو الام ، واسرة نسبه ، وهم اقرب زوج الاخت ، واسرة صهره ، وهم اقارب واهل زوجته، واسرة صديقه ، واسرة جاره ، وبالتالي فإن أي اساءة للمجتمع فأنت بذلك تتحرش للقوة العسكرية الصلبة وتستجيش في قلب كل جندي وضابط الغيرة والحمية ليدفع روحه رخيصة في سبيل أن يظل اصله وعرضه وشرفه محميا مصانا .. ونفس الحكم في حال ما لو اسأت للجيش ، فأنت بكل ما تطلقه من تحقير وتشويه للجيش ، إنما بذلك تسيئ للمجتمع لأن الجيش يمثل الرمز الاجتماعي المقدس لعزة وكرامة المجتمع .. وبالتالي فإن اساءتك للجيش ، انما تطعن في عزة وكرامة المجتمع الذي ينتمي اليه هذا الجيش .. وامام هذه القاعدة الاجتماعية نجد أن رسول الله محمد صل الله عليه وعلى آله وصحبة وسلم قد شرعها قبل الف واربع مائة سنة في وصاياه العسكرية لجيوشه وعمل بها الخلفاء الراشدون وجميع القادة العسكريون من بعده ، حيث كان يوصي الجيش فيقول : 1 «أوصيكم بتقوى الله وبمن معكم من المسلمين خيراً، إغزوا باسم الله تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا ولا تغلوا ولا تقتلوا وليداً ولا امرأة ولا كبيراً فانياً ولا منعزلاً بصومعة ولا تقربوا نخلاً ولا تقطعوا شجراً ولا تهدموا بناءً». 2- وقال رسول الله محمد صل الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (لا تقتلوا صبياً ولا إمراة ولا شيخاً كبيراً ولا مريضاً ولا راهباً ولا تقطعوا مُثمراً ولا تخربوا عامراً ولا تذبحوا بعيراً ولا بقرة الا لمأكل ولا تٌغرقوا نحلاً ولا تحرقوه). 3- وعَنِ ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إِذَا بَعَثَ جُيُوشَهُ قَالَ: "اخْرُجُوا بِسْمِ اللَّهِ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ لَا تَغْدِرُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تُمَثِّلُوا وَلَا تَقْتُلُوا الْوِلْدَانَ وَلَا أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ". 4- وَعَنْ رَبَاحِ بْنِ رَبِيعٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ، فَرَأَى النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ عَلَى شَيْءٍ؛ فَبَعَثَ رَجُلاً فَقَالَ: انْظُرْ: عَلَامَ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ؟ فَجَاءَ؛ فَقَالَ: عَلَى امْرَأَةٍ قَتِيلٍ ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ . قَالَ: وَعَلَى الْمُقَدِّمَةِ خالد بن الوليد رضي الله عنه؛ فَبَعَثَ رَجُلاً فَقَالَ: "قُلْ لِخَالِدٍ: لَا يَقْتُلَنَّ امْرَأَةً وَلا عَسِيفًا" عدم قتال من التجأ إلى بيته : فإن رسول الله قد قال :"ومن جلس خلف باب بيته فلهم الأمان جميعا" ، وقال يوم فتح مكة : "من دخل داره فهو آمن ، ومن وضع سلاحه فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن" . -عدم جواز السلب والنهب : فبعد غزوة خيبر خرجت بعض عناصر المسلمين عن طوعها وراحوا يسلبون وينهبون فجاء زعيم اليهود إلى رسول الله يقول له : يا محمد ألكم أن تذبحوا حُمرنا وتأكلوا ثمرنا وتضربوا نساءنا ؟! فأمر النبي المسلمين بإن يجتمعوا للصلاة ، فلما اجتمعوا نهض فيهم وقال " وان الله لم يحل لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن ، ولا ضرب نسائهم ولا أكل ثمارهم إذا أعطوكم الذي عليهم " ، وحدث مرة أن بعض جند المسلمين نهبوا بعض الخراف فذبحوها واعدوها للطعام فوصل الخبر إلى رسول الله فجاء وقلب آنية الطعام وقال " إن النهبة ليست بأقلّ من الميتة " . -عدم جواز التخريب وحرق المزارع وتدمير البيوت : لقد كان من عادة الجيوش أن تخرب المحاصيل وتدمر الحقول وتشعل الحرائق وتقتل الآمنين ، فان الإسلام أطلق على هذا العمل البشع صفة الفساد ونهى القرآن عنه بشدة في قوله سبحانه: {وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل .... } ، وحين أرسل أبو بكر رضي الله عنه جنوده إلى الشام والعراق أوصاهم قائلا : " ألا يخربوا قرية ولا يخربوا زرعا " ، ومن وصيته -رضي الله عنه لجيش أسامة – " لا تخونوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلا ولا شيخا ولا امرأة ولا تعقروا نخلا ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة " ، ومن وصايا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لجيوشه : " لا تغلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا وليدا واتقوا الله في الفلاحين" وحرم الاساءة للجيش : - عدم قتل الهارب والجريح : فإن رسول الله في فتح مكة قد أمر منذ البداية ألا يتعرض أحد لجريح ولا يتابع أحدٌ فارّاً ( أي من فرّ هاربا بحياته) ، وقال :" لا تجهزن على جريح ولا يُتبعَنَّ مُدبر " . عدم قتل الأسير والمقيد والمربوط : فمن أخلاقنا وشيمنا الإسلامية العربية فقد تمثلت بتوجيهات نبي الرحمة الذي نهى عن قتل الأسير بعد ربطه ولا حتى إيذائه وهو مربوط ، فقد قال أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه : سمعت رسول الله ينهى عن قتل الصُّبْر " فوالذي نفسي بيده لو كانت دجاجة ما صبرتُها" ، وقال : يوم فتح مكة " لا تجهزن على جريح ولا يُتبعنّ مُدبر ولا يقتل أسير ، ومن أغلق بابه فهو آمن " ، وأمر الحجاج طاغية العراق يوما عبد الله بن عمر رضي الله عنه بان يقتل أسيرا فرفض وقال " إن الله لم يسمح لنا بذلك ، لقد أمرنا بأن نسلك سلوكا حسنا مع من يقع في أسرنا أو نطلق سراحهم أو ننال الفدية ، يقول الله تعالى {...حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منّا بعدُ وإما فداء...}. -عدم التمثيل بالميت : إن إيذاء الميت بعد موته ، والاعتداء على جثته بانتهاك حرمتها أو قطع أطرافها أو أي صورة من صور الأذى مما يترفع عنه من كانت عنده بقايا انتماء إلى الإنسانية ، فقد قال النبي فيما رواه عبد الله بن يزيد الأنصاري رضي الله عنه : " نهى النبي عن النُّهبى والمثلة " أي التمثيل بالميت ، ومما رواه الإمام مسلم أن النبي كان يوصي جنوده الذاهبين للجهاد بقوله " لا تغدروا ولا تغلّوا ولا تمثلوا . عدم الإحراق بالنار : ومبدأنا حيال هذا العمل الوحشي المتمثل بإحراق المقاتلين من الأعداء بالنار سواء كانوا أحياء أو أمواتا فانه من خلق معلمنا ومرشدنا إلى الخير سيدنا رسول الله الذي قال : " لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار " ، وقال كذلك " لا تعذبوا بعذاب الله " ، يقصد النار التي بها يعذب الله الكفار والعصاة يوم القيامة . وامام هذا الكم الهائل من القواعد الدينية والشرعية التي تحرم الاساءة للجيوش كم استغرب واتعجب ممن يتدعون الدين والاسلام وهم يمارسون الاساءة للجيش بدون حياء أوازع ديني يردعهم عن ذلك ..