وبعد أيها الراكعون الساجدون لله وحده ، وبعد أيها المؤمنون بأنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا معبود بالكون سواه ، وبعد أيها المؤتمنون على شرف وكرامة وعِزة وشموخ (اليمن) ، وبعد أيها الحاملون لراية الفداء والتضحية والبذل والعطاء ، وبعد أيها الأبطال الأشاوس ، وبعد أيها الجنود البواسل ، وبعد يا حُماة الوطن ، وبعد أيها الشُجعان الصناديد ، وبعد أيها الشُرفاء المغاوير، وبعد أيها العمالقة المُناط بكم الدفاع عن حياض هذا الوطن ، وبعد أيها الساهرون على أمن واستقرار مواطنيكم ، وبعد يا من تزلزلون الأرض تحت أقدامكم ، وبعد أيها القابضون على الزناد ، وبعد أيها المحايدون الناظرون لما يجري على أرض الوطن بقلوب مكلومة وأعين تملؤها الحسرة والألم ، وبعد أيها الأعزاء على قلوبنا جميعاً ، ومازال الأمل فيكم بإذن الله طالما فقهاء وحمقى السياسة ما يزالون في غيهم يعمهون ، مازال الأمل بكم بأن يسخر الله منكم من يأخذ بناصية هذه الأمة ويقود سفينتها المترنحة وسط الأنواء والعواصف الهوجاء وحماقة من يظنون أنفسهم ممثلين لجموع الشعب المغلوب على أمره ، وبعض أولئك المتسيسين (العتوانيين) بلغت به الوقاحة والخرف حداً هستيرياً لا يخطر على بال بشر ، إذ طاوعه فمه بأن ينطق باستحالة وجود حل للأزمة الخطيرة غير المسبوقة إلا بتدخل أجنبي مباشر . إلى متى الصمت الذي طال وتجاوز كل حدود العقل والمنطق ؟! ، إلى متى التخاذل ؟! ، إلى متى التقاعس؟! ، إلى متى السلبية؟! إلى متى الاكتفاء بالمشاهدة ومصمصة الشفاه وإطلاق الآهات؟! ، إلى متى وأنتم شهود عيان على وطن يتهاوى هو وطنكم انتم؟! ، إلى متى وأنتم ترون وطنكم أشبه ما يكون بالفريسة التي يتنازع جسدها الذئاب والضباع والثعالب ؟! ، إلى متى وأنتم تلمسون تهاوي معسكرات وألوية عسكرية بأيدي من يدعون أنهم الأقوى ذوي الغلبة والقوة؟! ، إلى متى ستظلون ضمن الفئة الصامتة التي لا تحرك ساكناً وهي ترى الوطن يسير بخطى حثيثة نحو الهاوية؟! ، إلى متى ستظلون على حالكم هذا والوطن في أمس الحاجة إليكم؟! ، وإن لم تمدوا له أياديكم اليوم فما حاجته إليكم غداً بعد أن يكون قد زال كل جمال – لا قدر الله – في هذا الوطن؟! ، إن لم تنتصروا له اليوم ، ما حاجته إليكم غداً وقد صار أثراً بعد عين – لا قدر الله – وقد كنتم شهوداً وشركاء مساهمون فيما صار حاله إليه؟! . وما الذي تنتظرونه لتنتفضوا ؟! ، ما الذي ترتجونه أيها الأحرار الذين لا تسجدون إلا لله وحده دون شريك له ممن خلق ، ولا تحنون هاماتكم إلا لله وحده بلا منازع له في مُلكه ؟! ، ما الذي يدور في عقولكم وأفئدتكم وأنتم ترون وطنكم أصبح وليمة لكل طامع طامح للحصول على نصيب وحصة فيه ؟! ، ما الذي يمكنه أن يحرك سواكنكم أكثر مما يحدث أمام أعينكم؟! ما الذي يمكنه أن يشحذ هممكم أكثر مما يدور حواليكم من ذبح وتقتيل؟! ، ما الذي من شأنه أن يُفجر طاقاتكم ويخرجكم من عرينكم أكثر من استباحة أعراضكم وشرفكم في سوق نخاسة السياسيين؟! ، ما الذي من شانه أن يجعل أعينكم تطرف خجلاً وحياءً من موقفكم المُخزي حتى الآن حيال ما تتعرض له هذه الأرض الطاهرة من تدنيس وتلويث تحت نعال شُذاذ الآفاق الذين يحسبونها الأيسر والأسهل للهضم والابتلاع دون عناء يُذكر ؟! ، ما الذي سيجعل قلوبكم ترتجف خوفاً وجزعاً لهول ما يمر به الوطن العزيز الذي إن لم نحميه فنحن إذاً لا نستحق شرف الانتماء إليه؟! ، ما الذي من شأنه أن يعصف بعقولكم ويستثير هممكم ويحولكم إلى فاعلين بدلاً من كون واقع حالكم المأسوف عليه مفعول به ؟! ، ما الذي سيجعلكم موقنين بأن كل لقمة تتناولونها وكل شربة ماء تنساب في حلوقكم هي أشبه ما تكون بغصَّة لا عافية لكم بها ولا هناء ؟! ، طالما وأنتم مستمتعين باستلام مرتباتكم نهاية كل شهر من خزانة هذا البلد العظيم بأهله وتُرابه ، من قوت أبنائه المدنيين الذين تقتاتون على حسابهم ، وتعيشون باقتطاع جزء عزيز من قُوتِهم فتطعمون به أزواجكم وأبنائكم مالاً ملوثاً بدماء المئات ممن أًريقت دمائهم أمام ناظريكم دون أن تهتز لكم شعرة واحدة برؤوسكم . وطنكم صار بلا رئيس وبلا حكومة ، وطنكم يغادره ضيوفه من الدبلوماسيين والسفراء في مؤشرٍ بالغ الخطورة والدلالة ، وطنكم يتجه إلى ما لا يُحمد عُقباه ، بالذات بعد دعوات (الأشقاء) في مجلس التعاون الخليجي ودعمهم المُعلن لتدخل عسكري أُممي مباشر في وطنكم ، فيما السياسيون قابعون في ذلك الفُندق الواقع أسفل جبل (نُقم) الشامخ الشاهد على مدى أنانيتهم ولهاثهم وراء مصالحهم الشخصية واضعين وطنكم تحت نعال أقدامهم ، غير مستشعرين لحجم الخطر الداهم المحيط بوطنكم من كل صوب ، وطنكم تحت رحمة مفاوضين مراوحين متشبثين بما تحت أنيابهم وضروسهم مما استطاعوا انتزاعه دون وجه حق خلال الأعوام الأربعة الماضية ، ضاربين بالمصلحة العليا لوطنكم عرض الحائط ، وطنكم يستصرخ فيكم رجولتكم وباسكم وقوتكم ، وطنكم يضع كل آماله بين أياديكم ، وطنكم يبحث عن عُشاقه فيكم ، وطنكم يتطلع للأحرار منكم ، وطنكم يُنقِّب عن الأوفياء له بينكم ، فهل هناك من مُصْغٍ إليه منكم ؟!. يقولون تشظت قواتنا المسلحة بعد إعادة الهيكلة وأصبحت لقمة سائغة لكل المتربصين بالوطن ، ويقولون ما من أمل أو رجاء في منتسبي الجيش والأمن ، ويقولون أنه لا يعول عليكم في إنقاذ الوطن ، ويقولون أنه ما من جدوى في مخاطبتكم لأن الضرب في الميت حرام ، ويقولون أن ضمائركم وعقولكم وأفئدتكم قد تم إيداعها في الفريزر تحت درجة تبريد وتجميد عالية جداً ، ويقولون أنه لم يعد للوطن من يحميه أو يذود عنه ، ومازال البعض يتهمكم بأنكم لستم أكثر من بقايا نظام عائلي (بائد) ، وأولئك يقولون زوراً وبُهتاناً وهم بالطبع شامتون متشفون أن حالكم هذا هو أكبر دليل أنكم إنما كنتم خُداماً لنظام (سابق) ، ويقول أولئك المرضى اليائسون البائسون أنكم حينما فقدتم من كنتم تعبدونه من دون الله صار هذا مآلكم . لكنني أجزم ودون أدنى مبالغة أو تضخيم في غير موضعه ، ودون تفاؤل في غير محله قد يتهمني به البعض ، بأن هناك من الشرفاء الأحرار في أوساط القوات المُسلحة والأمن بمختلف وحداتها الكثير والكثير جداً ، لكنهم ربما في حالة صدمة وذهول وعدم تصديق لما تراه أعينهم ، وهؤلاء يحتاجون فقط لمن يأخذ بأيديهم ويقودهم نحو أنجح السُبل للخروج بهذا الوطن لبر الأمان ، وحسب أحد الضُباط وعلى ذمته فإن هناك غلياناً يتصاعد في الجيش يحتاج لمن يطلق شرارته الأولى ويشعل عود الثقاب الأول ، ومن يدري لعل ذلك قريب وقريب جداً ، وظني بأن العسكريين أكثر حرصاً على هذا الوطن من حماقة السياسيين في (الموفانبيك) الذين ما زالوا ينظروا لما تحت أقدامهم دون استشراف للمستقبل الذي سيكون قاتماً بقدر قتامة ما يحملونه في صدورهم إن ظل الوطن متكئاً عليهم أو يرجو فيهم خيراً ، اللهم هل بلغت .. اللهم فاشهد .