في وقت غابت اللجنة الرئاسية المكلفة بوقف النزاع المسلح وتهدئة الأوضاع واستقال رئيسها, الجمعة, تشهد محافظة عمران تدهورا متسارعا وخطيرا في الجانب الأمني وتلتهب جبهات الاشتباكات المسلحة والعنيفة في أكثر من موقع وجهة وتزيد درجة السوداوية في الأفق مع انعدام مؤشرات إلى تدخل يلجم العنف ويوقف النيران التي انفردت بالمشهد ولا صوت آخر يسمع معها حتى الآن على الأقل. في السياق دخل عامل جديد وخطير في خط التأزم الشمالي باستخدام السيارات المفخخة والهجمات الانتحارية في النزاع إضافة إلى توسيع المساحة المفتوحة للصراع بما يشمل الجوف أيضا التي شهدت تفجيرا وهجوما داميا الجمعة بسيارة مفخخة استهدفت نقطة للحوثيين وأوقعت أكثر من عشرة قتلى وجرحى. وعلى إثر ذلك قال السياسي والأستاذ الجامعي المعروف الدكتور محمد عبدالملك المتوكل إن الإخوان يسعون لتوسيع رقعة الحرب والصراع شمالا والضغط على الرئيس هادي لتوريط الجيش في المواجهات ضد طرف في النزاع القائم.
الى ذلك ، وصف محللون بأن أفضل توصيف لما يجري في عمران من احداث ان قوى اليمين الديني تتصارع فيما بينها؛ ومن يريدون الاقناع بأنها حرب "دولة" و "متمردين" فإنهم، فضلا عن أنهم يقفون بهذا الموقف في خندق طرف من أطراف هذا اليمين؛ يفعلون ذلك في سياق واحد مع انتقادهم لنأي رئيس الدولة، بنفسه كليا عن المعركة. فكيف تكون "حرب دولة" بدون "رئيس الدولة"؟؟ محمد عايش صحفي ورئيس تحرير صحيفة يمنية يومية قال ان ثمة لواء عسكري يخوض قتالا مع مليشيا ضد مليشيا؛ دون أي غطاء من القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس الجمهورية، أو وزارة الدفاع، وعلى العكس فقد أعلن الرئيس بنفسه قبل أيام أنه لن يسمح بزج الجيش في صراعات من هذا النوع، كما أعلن رئيس جهازه للأمن القومي بالحرف: بعض الأطراف تحاول جر الجيش لإغراقه في حرب مع الحوثيين رغم وجود حلول سياسية مضيفا - هذا كله يُفترض به أن يذهب بالتساؤلات ناحية الرئيس نفسه: إذا كان ما يحدث في "عمران" عدوانا من "الحوثيين" على الدولة، فلماذا لا تتخذ قرارا بالحرب وتنصر "القشيبي"؟ وإن كان ما يفعله القشيبي ولواؤه العسكري "تمردا" على قرارك الرافض للحرب فلماذا لا تقيل القشيبي وتوقف المعارك؟ غير أننا نعرف مقدار عجز دار الرئاسة عن احتواء التناقضات المحيطة بها أو القائمة داخل الجيش. واختتم عايش بالقول " حتى وكالات أنباء دولية محترمة مثل رويترز، تسمي ما يحدث في عمران قتالا بين مجموعات "شيعية" و أخرى "سنية"..ورغم أني أعترض على حيثيات إطلاق هذا التوصيف؛ إلا أنه، وحين يطالب "الإخوان" أو مناصروهم، الدولة بالالتحاق بالمعركة فإنهم يدعونها للتورط في صراع بات العالم يصنفه "طائفيا"، وهذا أيضا حال الحوثيين الذين يدعون الدولة للتضامن معهم باعتبار أنهم يقاتلون "إرهابيين" و "تكفيريين" (أكرر: مع اعتراضي على التصنيف الطائفي لما يحدث، ولكن هذه هي رؤية العالم الآن ناحيته رغم كل شيء).