لم يصمد اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة إب، كثيراً؛ فسرعان ما نشبت اشتباكات في مديريتي "كتاب" و"يريم"، بعد 5 ساعات من توقفها في مدينة إب، إثر إرسال جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) تعزيزات بمسلحين وذخائر، من ذمار، وتم اعتراضها من قبل مسلحين في "كتاب"، واشتبكوا معهم. واندلعت الاشتباكات العنيفة، في وقت متأخر من مساء أمس الأول، واستمرت حتى صباح أمس، بين مسلحي قبائل موالية لحزب الإصلاح، ومسلحي "أنصار الله"، واستمرت حتى عصر أمس، وراح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح. وقالت ل"الأولى" مصادر محلية في "يريم" و"كتاب"، إن اشتباكات عنيفة دارت بين مسلحي القبائل ومسلحي "أنصار الله" في مديرية يريم بمحافظة إب، وخلفت عشرات القتلى والجرحى، بعد ساعات من توقف اشتباكات مماثلة كانت شهدتها عاصمة المحافظة (مدينة إب)، وتوقفت بعد وساطات قادتها شخصيات قبلية وأمنية. وأوضحت المصادر أن اشتباكات مدينة يريم اندلعت عقب قيام مسلحي القبائل بمنع وصول تعزيزات قالوا إنها كانت قادمة من محافظة ذمار، لجماعة "أنصار الله" في إب، وسقط خلالها قتلى من جانب "أنصار الله" الذين هاجم عدد منهم -حسب المصدر- منزل شيخ قبلي يدعى علي مسعد بدير، واشتبكوا مع مسلحيه، ونتج عن ذلك مقتل شقيقه عبدالجليل ونجله، وإصابة 2 من حراسته، مساء الجمعة. وذكرت ذات المصادر أن مسلحين اعترضوا تعزيزات حوثية في "كتاب"، كانت متجهة، عند حوالي ال12 منتصف ليل الجمعة- السبت، إلى مدينة إب، بكمين، وتم قتل عدد من مسلحي "أنصار الله"، قبل أن تنشب اشتباكات مسلحة بين الطرفين، امتدت إلى مدينة يريم. وأشارت المصادر، نقلاً عن معلومات ميدانية في المنطقة، إلى أن الهجوم على منزل بدير تكرر صباح السبت، من قبل مسلحي "أنصار الله"، بهدف البحث عن 3 من مسلحيهم قالت المعلومات إن مسلحي الشيخ القبلي بدير قاموا بأسرهم في وقت سابق؛ الأمر الذي -حسب قول المصادر- تسبب في اندلاع عنيف للاشتباكات المسلحة، وبمختلف الأسلحة النارية الخفيفة والمتوسطة. وقال مصدر محلي آخر ل"الأولى" إن الاشتباكات استمرت لساعات، في وسط ومحيط الخط الدائري لمدينة يريم، وكذا الشارع العام بالقرب من معسكر اللواء 55 التابع لقوات الاحتياط (حرس جمهوري سابقاً)، وسقط خلالها عشرات القتلى والجرحى من الطرفين، ومن شدة الاقتتال بين الطرفين، لم يتمكن أحد من نقل الجثث، وإسعاف المصابين من الشارعين، وظلت -حسب الأهالي- مرمية هناك لساعات. ولم يتدخل معسكر اللواء 55 في الأحداث، بالرغم من أن الاشتباكات كانت تدور حوله. وأضاف المصدر أن مدينة يريم شهدت، أمس، معارك ضارية، في الوقت الذي عاشت فيه مدينه إب (عاصمة المحافظة) هدوءاً حذراً، رغم استمرار تواجد مسلحي "أنصار الله"، في عدة نقاط، وعلى جانبي الخط الدائري الغربي. وكشف مصدر طبي ل"الأولى" أن حصيلة الاشتباكات 16 قتيلاً، وأكثر من 10 مصابين من الطرفين، حيث تم نقل بعض جرحى جماعة "أنصار الله" إلى مستشفى ذمار العام، وجرحى مسلحي القبائل الذين يقودهم الشيخ القبلي علي بدير، إلى مستشفى الأمل بيريم. وأشار المصدر إلى أن مستشفى يريم العام استقبل جثث 9 من القتلى، فيما شوهد قيام سيارة بنقل عدد من الجثث التي يرجح أنها تابعة ل"أنصار الله"، إلى خارج المنطقة، فيما قال ل"الأولى" مصدر أمني في إدارة أمن يريم، إن عملية انتشال الجثث استمرت حتى ال9 من مساء أمس. وحسب المصدر، لم يعرف بعد العدد الصحيح والكامل كحصيلة نهائية للقتلى والجرحى، ولم يستبعد أنه لا تزال هناك جثث مرمية في مكان الاشتباكات بشارع الدائري والشارع العام. إلى ذلك، تحدثت مصادر متطابقة عن عودة مسلحي الحوثي للسيطرة على منزل فؤاد العطاب، مدير أمن محافظة إب، الذي تقدم باستقالته، أمس، بشكل رسمي، بعد أقل من 24 ساعة من تسليمه للقائم بأعمال مدير الأمن العقيد عبده فرحان. ولم تكشف المعلومات عن سبب سيطرتهم عليه مرة ثانية. وأشارت المصادر إلى أن الهدوء خيم تماماً على مدينة إب، ولم تسجل أية حالات اشتباك بين مسلحي الطرفين، بعد هدنة بينهما، ووساطات محلية، عقب دعوة المحافظ القاضي يحيى الإرياني، التي وجهها للجميع بسحب مسلحيهم، واللجوء للحوار، وعدم جر المحافظة إلى مربع العنف. وأكدت أن اللقاء الذي كان مقرراً عقده صباح أمس، في مبنى المحافظة، بين ممثلي الأطراف والمكونات السياسية والمجتمعية، بما فيها جماعة "أنصار الله" وممثلو القبائل المناوئة للتواجد الحوثي في مدينة إب، فشل، وتم تأجيله إلى اليوم، دون الإفصاح عن الأسباب، إلا أن الشيخ عبدالواحد صلاح، رئيس اللجنة، قال ل"الأولى"، في اتصال هاتفي، إن اللجنة عقدت اجتماعين؛ أحدهما في الصباح، والآخر في المساء. وحسب المصدر، كان الاجتماع يهدف لاستكمال وتوقيع الاتفاق الذي أبرمته لجنة تم تشكيلها، مساء الجمعة، برئاسة وكيل المحافظة عبدالواحد صلاح، وبإشراف المحافظ يحيى الإرياني. ورجحت معلومات نقلها المصدر عن مصادر في المحافظة، أن سبب تأجيل اللقاء الذي وصف بالهام والضروري، هي مستجدات الساحة ليل الجمعة، وما شهدته منطقة كتاب التابعة لمديرية يريم، عند إقدام مسلحي القبائل على منع وصول تعزيزات قادمة ل"أنصار الله"، من جهة محافظة ذمار، والتي بسببها انتقل الصراع المسلح والاقتتال إلى مدينة يريم. في السياق ذاته، قالت المصادر إنه عند تمام الساعة ال4 عصر أمس، توقفت الاشتباكات، وشهدت مدينة يريم ومواقع الاقتتال هدوءاً حذراً ومفاجئاً. وقالت المصادر إن وراء ذلك التطور السريع وساطات قبلية ومحلية قادتها عدد من الشخصيات والوجاهات في يريم، لإيقاف الاقتتال بين مسلحي القبائل، بقيادة الشيخ علي مسعد بدير، المقرب من حزب الإصلاح، ومسلحي جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، وإنه وإلى ساعة كتابه هذا، لا تزال الجهود مستمرة لقطع دابر الاقتتال. وتوقعت المصادر المحلية إدخال أي اتفاق من المتوقع إبرامه بين الطرفين في يريم، في إطار الدعوة التي أطلقها محافظ إب يحيى الإرياني، مساء الجمعة، عقب أحداث عاصمة المحافظة، ويكون اتفاقاً شاملاً يحوي أحداث المحافظة كاملة، وينص على إخراج مسلحي الطرفين، وإيقاف أي اقتتال واحتراب، والدخول في حوار بعيداً عن السلاح ونزيف الدم. وقال مصدر مطلع في إب ل"الأولى" إنه بالتزامن مع توقف اشتباكات يريم، كان منزل محافظ إب يشهد اجتماعاً طارئاً للمحافظ مع ممثلي الأطراف واللجنة المشكلة أمس الأول، لحل النزاع. وتشكلت اللجنة برئاسة الشيخ عبدالواحد صلاح، رئيس فرع المؤتمر، ووكيل أول محافظة إب، وعضوية كل من: وكيل محافظة إب للشؤون الفنية عقيل فاضل (مؤتمر)، وسكرتير أول الحزب الاشتراكي الدكتور عبدالعزيز الوحش، وأمين الرجوي (إصلاح)، وخالد هاشم من التنظيم الوحدوي الناصري، وعبدالكريم النزيلي (مشترك)، وإبراهيم المساوى (مشترك)، وفضل الحسني، نقيب المحامين، وطارق المفتي، من "أنصار الله". وأشار المصدر المحلي إلى أن النقاش متواصل لإكمال ما تم الاتفاق عليه مساء الجمعة، والذي توقف بسبب المستجدات في منطقة كتاب ومدينة يريم، مساء الجمعة، واستمر إلى عصر أمس السبت. وقال الشيخ عبدالواحد صلاح ل"الأولى" إن الاجتماع أمس شدد على أهمية قيام السلطة المحلية والجهات الأمنية بواجباتهما تجاه المحافظة، وتشكيل لجنة تحقيق في الأحداث في أقرب وقت. كما اتفقت اللجنة على وقف أية عملية تعبئة أو تحريض واستقدام مسلحين جدد للمدينة، مع الالتزام بإخراج المسلحين المتواجدين بالفعل، وتسليم النقاط للشرطة العسكرية وقوات الأمن الخاصة. وأضاف صلاح أن اللجنة اتفقت على أهمية استكمال صياغة ميثاق الشرف الذي كانت بدأت بصياغته كل القوى السياسية والمجتمعية في المحافظة، قبل عيد الأضحى، وتعرقل الاتفاق عليه في اللحظات الأخيرة. وتابع: "اتفقنا أيضاً على استمرار انعقاد اللجنة حتى استكمال تنفيذ كل بنود الاتفاق، وإجراء التحقيق حول الأحداث المؤسفة التي شهدتها مدينة إب ومديرية يريم". من جهة أخرى، وفي إطار تطورات الأحداث في مدينة إب، قدم مدير عام أمن محافظة إب العميد فؤاد محمد يحيى العطاب، استقالته رسمياً من منصبه، ووجهها إلى وزير الداخلية. وذكر في استقالته أنها جاءت حقناً للدماء، ومن أجل سلامة المحافظة وأبنائها، "وحتى نقطع السبل على من يريد الفتنة والخراب، أقدم استقالتي هذه من منصب مدير أمن محافظة إب، والتي سطرتها وأنا كلي أمل لهذه المحافظة الحبيبة"، مؤكداً أنه باستقالته يتبرأ من أي أعمال أو تخريب يقع في المحافظة. وأضاف العطاب في الاستقالة التي حصلت "الأولى" على صورة عنها: "لقد تولينا منصب مدير عام شرطة محافظة إب، ومن حينها وحتى هذه اللحظة جعلنا نصب أعيننا مصلحة الوطن والمواطن، والعمل بما يرضي الله ليلا ونهارا، بدون كلل أو ملل، في استتباب الأمن للمحافظة، وأحمد الله أني بذلت قصارى جهدي في سبيل ذلك، فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي". ودعا العميد العطاب، في إطار استقالته، جميع أطياف وأحزاب ومشائخ ووجهاء وأعيان المحافظة، بمن فيهم "أنصار الله"، "الذين هم أحد مكونات نسيج هذا الوطن، بأن يكونوا يدا واحدة لإعمار هذه المحافظة الغالية على قلوبنا جميعاً". وكان محافظ إب يحيى الإرياني، رئيس اللجنة الأمنية، أوقف العميد فؤاد العطاب، عن العمل، مساء الأربعاء الفائت، عقب قدوم ودخول مسلحي ما تسمى اللجان الشعبية التابعة لجماعة "أنصار الله"، إلى محافظة إب، وتكليف نائبه العقيد عبده فرحان بالقيام بمهام وأعمال مدير الأمن، على خلفية عدم حضوره لقاء عقد في المحافظة، وضم كل المكونات والسلطة المحلية، لمناقشة المستجدات التي طرأت بدخول "أنصار الله" المحافظة. وكانت جماعة "أنصار الله" طالبت بإقالة العطاب من منصبه، على خلفية انتمائه لحزب الإصلاح، واتهامه بالتسيب، وعدم مقدرته على حزم الأمور الأمنية، ما سبب -حد قولهم- اختلالات أمنية استدعت اللجان الشعبية للقدوم إلى إب للقيام بحفظ الأمن والاستقرار الذي عجز العطاب وأجهزته عن القيام به وتوفيره. وقالت مصادر أمنية غير رسمية ل"الأولى" إنه، وحتى قبل أن يقدم العطاب استقالته من منصب مدير الأمن، كانت معلومات ترددت عن أن البديل له سيكون نائبه والقائم بأعماله العقيد عبده فرحان، إلا أنه، وعقب أحداث أمس وأمس الأول، قالت معلومات إن هناك توجهاً لتكليف العميد علي العمري، مديراً لأمن إب، بدلاً عن العطاب، وهو ما لم تؤكده أي مصادر رسمية. ويعد العميد العمري من أهالي مديرية القفر بمحافظة إب، وكان قبل سنوات ضابطاً في الأمن بمحافظة تعز، ومن ثم مساعداً لمدير شرطة تعز لشؤون الأمن، قبل أن يعين مديراً لأمن محافظة الضالع، عام 2010، واستمر حتى منتصف 2012، قبل أن يتم تغييره، ولم يتولّ بعد ذلك أي منصب أمني. من جانب آخر، أكد مدير عام إذاعة إب، صلاح القادري، توقّف بث الإذاعة، أمس السبت، عقب اندلاع اشتباكات بين مجاميع مسلحة، إضافة إلى طقمين تابعين للأمن العام، كانا في محيط الإذاعة، مع مسلحين تابعين لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، أمس الأول. ونقلت وكالة "خبر" للأنباء، عن القادري قوله إن إطلاق نار متبادلاً وقع بين المسلحين المدعومين بطقمي أمن عام، كانوا بجوار الإذاعة، ومسلحين آخرين من "أنصار الله" (الحوثيين) الذين كانوا في الدائري، وهو ما أدّى إلى قصف الإذاعة بشكل كبير جداً، أدى لتوقفها. وأكد أن القصف أدّى إلى تضرر الإذاعة بصورة كبيرة، بما فيها مكتب المدير العام، ومكتب الشؤون القانونية، بالإضافة إلى سقوط قذائف "آر بي جي" إلى حوش الإذاعة، كما تضرر مبنى الإذاعة بالعديد من الطلقات النارية بالأسلحة الثقيلة والمعدلات، بصورة مكثّفة. وتحدث مدير الإذاعة عن أن هلعاً أصاب الموظفين الذين امتنعوا عن الحضور، أمس السبت، لافتاً إلى أن هذا القصف "نتج عنه أيضاً تضرر المولد الكهربائي للإذاعة، وانقطعت كهرباء الضغط العالي، وهذا كلّه أدّى إلى توقف بثها"، مؤكداً في ختام تصريحه أن "جماعة أنصار الله (الحوثيين) سيطروا على الإذاعة". "الأولى" تنفرد بنشر الإحصائية من مصدر أمني 32 قتيلاً و44 جريحاً حصيلة أولية ليومين من المعارك في يريم وكتاب ومدينة إب "الأولى"- صنعاء: أفاد "الأولى" مصدر أمني، نقلاً عن مصدر في مكتب الصحة بمحافظة إب، أن الإحصائية الأولية للمعارك التي شهدتها مدينة إب ومدينتا كتاب ويريم، أمس وأمس الأول، بلغت 32 قتيلاً و44 جريحاً، بينهم نساء وأطفال. وأوضح المصدر أن المعارك التي شهدتها مدينة إب، أمس الأول، خلفت كإحصائية أولية 8 قتلى، و15 جريحاً على الأقل، من الجانبين، وبينهم ضحايا مدنيون. وأشار إلى وجود تكتم من قبل طرفي النزاع حول عدد قتلاهم، مؤكداً أن هذه الإحصائية هي ما وصل إلى المستشفيات فقط. وذكر المصدر أن عدد القتلى في أحداث منطقة "كتاب"، التي وقعت مساء أمس الأول، بلغ 6، و15 جريحاً على الأقل، من الطرفين. وقال إن أحداث أمس في يريم، كانت كبيرة، حيث حدثت اشتباكات عنيفة ومتواصلة لساعات، راح ضحيتها 18 قتيلاً، و14 جريحاً على الأقل، تم تسجيلهم في مستشفيات المدينة. من جانبه، قال مصدر أمني آخر إن جماعة الحوثي نقلت عدداً من قتلاها إلى محافظة ذمار، بالإضافة إلى عدد من الجرحى، مضيفاً أن من بين القتلى والجرحى في يريم قتلى مدنيين ليس لهم علاقة بالصراع.