(1) غداً يتحدث الوطنُ .... يبدوا لي المشهد زاكياً عبقاً بمسك الكرامة والحرية , غداً الثلاثاء 21 -فبراير- 2012م , سيكون لنا موعدٌ مع إنجازٍ وطني , ربما لم يدرك الكثير منا حجمه , ولم يشعر بأهميته . قد ينظر البعض لانتخاب هادي أنه عرض ديمقراطي هزيل ... هكذا يحلوا للبعض تصويرَ المشهد , لكنني أرى الغد إعلاناً وطنياً ببدء عهدٍ جديد. لقد قدّم الشباب اليمني الثائر للوطن أعظم هبة عندما اصطفوا في شجاعة وإباء , وصاحوا جميعا " من هاهنا سوف يكون المنطلق ,, من هاهنا سوف نغادر النفق .. الشعب يريد .. وإرادة الشعب إعصار هائج وعاصفةٌ مهلكة تدمر كلَّ طاغيةٍ بأمر ربها . (2) كان يدخن سيجارة وينفثها ,, يضع رجلا على رجل ... يتحدث عن جندي يقتل في صعدة ويقول باستخفافٍ وحمق وعنجهية :" سنستبدله بجندي آخر " يلتفت الى المعارضة ويقول :" سأعلمكم الديمقراطية والمنافسة الشريفة .. تعلموا مني كيف تكونون معارضة ناجحة " . هكذا اخبرني أحد قادتهم . يخرج بموكبه وأمام الإعلام ينطق بلسان الحال :" ما علمت لكم من زعيم غيري " ... وبلسان المقال : " أنا باني طولة – دولة - المؤسسات " . .. يكذب , يحتال , يناور ,, يحاور .. ويقتاد على الدم . " يرحل ؟ من يرحل؟ ....... " قال لك يشتوا انتخابات رئاسية " ....يقهقه , يلوي عنقه تجاه الأضواء , يومئ لرفيق دربه .. فيعلنها الصديق الحميم ---- نصفّر العدّاد , وتكتمل الدراما بأغنية عهرٍ سياسي " مالنا إلا علي " . يا إلهي : أنت من أخبرنا خليلك بانك تمهل للظالم .. لقد رأيت إمهالك لظالمي وظالم إخوتي , وسأرى غدا قوتك فيه عندما يدس أنفه ويخرج غير مأسوفٍ عليه . (3) غداً يومٌ آخر , نغني فيه للوطن " أفقنا على فجر يوم صبي ,, فياضحوات المنى اطربي " .. حدثٌ غير منفصل عن الثورة وعن احداثياتها , هكذا ينبغي أن ننظر لانتخاب مرشح التوافق , حتى هو يدرك ذلك . لولم تكن الثورة ولولم يكن التغيير لما كنتُ هنا . هكذا يقرن هادي التغيير بالرئاسة والرئاسة بالتغيير . صالح غداً سيراقب الإنتخابات , سيقتل مرةً أو مرتين , عندما تعلن النتيجة , وسيقتل عشرات المرات عندما يرى الوطن يبنى بعيداً عن كذبه وحيله , وكهربائه النووية , وبركانهِ الجندي الذي أسمعنا كذباتٍ شامية يمانية – رجالٌ صدقوا ما عاهدوا مشيرهم عليه , وكذبوا شعبهم , اذ لم يكونوا رواداً – فالرائد لا يكذب أهله . كل صوتٍ يحصل عليه مرشح التوافق سيعتبره صالح طعنةً في قلبه , وجرحاً غائراً لن يندمل ,, سيقضم شفتيه , ويتحسر , - يا صغر الفرح في قلبي , يا كبر الألم والآه . غدا ساشاهد مصرعه , وسأسكر بكأس تبجحي عندما اشتم عبق وطني نقيا من مسخٍ لطالما لوث كل شيء في وطني . (4) وغداً يومٌ آخر , نغني فيه للوطن " أتدرين يا شمسُ ماذا جرى ** سلبنا الدجى فجرنا المختبي " ... لأصدقائي الثوار الذين لن يشاركوا معنا بانتخاب المرشح التوافقي , اعتراضاً منهم على تحويل الثورة الشبابية إلى أزمة سياسية , أقول لكم . : ثورتنا سلمية و كل الثورات السلمية مآلها إلى الحل السياسي , وحتى بعض الثورات الراديكالية انتهى بها المطاف إلى حلٍ سياسي .. فهاهو فاتسلاف هافيل , مهندس إسقاط الشيوعية في تشيكوسلوفاكيا السابقة إبان "الثورة المخملية" في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 1989م - يسجن وبعد خروجه من سجنه يجلس على طاولة الحوار السياسي مع سجانيه , وينتزع منهم حقوقه كاملة . ليس الثائر الحذق هو ذاك الذي تستهويه المراهقات الثورية , والتغيير الراديكالي الدرامي , بل هو ذاك الذي يزن الأمور ويتلاعب بمعادلات الواقع بما يتفق وأهدافه الواضحة , يقدم روحه ودمه في الوقت المناسب , ينظم المسيرات , يحاور السياسيين بذكاء وخبرة , يرفض التسوية السياسية في مقام, ويجلس على طاولة الحوار في مقام آخر .. اذ هو يدرك جيدا أن العمل السياسي هو آخر محطة تتوقف عنده مسيرته الثورية . أحترم رايكم , أنتم ثائرون أبطال , ولعل مقصدكم هو الوطن , وإن اختلفت المفاهيم والرؤى . لكن أحسب أنه سياتي يومٌ تودون فيه لو كنتم حاضرين ناخبين في ال 21 /فبراير – اذ الأمر ببساطة نفهمه - صوتي اسقاط لعرش الطغيان . (5) بعد صلاة العشاء بمسجد الحي , وقف أحد المصلين ,, رجل في الخمسينات . . في حوالي دقيقة - 60 ثانية - اختصر المعاني .... بفطرته وأسلوبه الصنعاني .. الحكمة هي لمن ؟ هي لكم انتم يا يمنيين .. مش هي لروسيا ولا الصين ولا حد الا انتم يا اهل الحكمة ) . غدوة نجتمع كلنا عشان الوطن والحكمة اليمنية اللي تجبرنا نكون يد واحدة. غدوة كلنا نرشح الوطن يد واحدة لاحظوا فقط أن هذا الشخص لا يعرف شيئا عن الأحزاب ودهاليز السياسة ربما , لكنه بفطرته أدرك أهمية التصويت من أجل اليمن والحكمة اليمنية ..) غداً سأتفرغ من كل أشغالي ودراستي وأتجه لتحقيق أهم هدف لثورتي , إسقاط زعيم الفساد , ومن أجل الحكمة اليمنية , ومن أجل بلادي سأرشح هادي .