يصيح الفيلسوف الألماني فريدريك نيشته بأعلى صوته لحزب الإصلاح الإسلامي قائلاً " لا تتخذون الله شمّاعة تعلّقون عليها أخطائكم" نيشته الذي كانت عائلته مُقرّبة للكنيسة ولكنّهُ عارضها لأنّها كانت تتعارض مع العلوم الطبيعية , وتعمل على إذكاء الحروب وكان يعتقد أنّها مركزاً للشعوذة وناشرة للخُرافات. حزب الإصلاح الذي أصبح اليوم قوّة مؤثّرة وفاعلة سواءاً في الحكومة أو في المعارضة لا زال يوظّف النصوص الدينية لأغراضه السياسية ويعتبرها حقاً إلاهياً بطريقة مغلوطة ولغة مفضوحة للجميع. لقد تخرّج الكثير من الخُطباء الحداثيون من جامعة الإيمان الذي يُجيدون صبغة الدين وصهره بالسياسة , ويتفنّنون في إستقطاب الجماهير مُستغلّين بذلك العاطفة الدينية التي طالما شاهدنا أيام الثورة اليمنية المغلوبة على أمرها تجسيداً ومثالاً حيّ على ذلك. نعم حزب الإصلاح لم يأتي من كوكب الزُهرة الذي يُطلق عليه كوكب الإناث ولكنّهُ حزبٌ سياسي يحقّ لهُ المشاركة في الحكم أو المعارضة ولكنّ المُفارقة العجيبة هو فشلهُ الكبير في الجمع بين السياسة والدين إلا أنهُ أثبت نجاحهُ الكبير في تأليب الشارع وشحنهِ بالطائفية الدينية ووجوب التّبعية فهو الحزب الوحيد الذي جمع القوّة الرُباعية المال والإعلام والجيش والقبيلة لينتج دولة مُصغّرة داخل دولة إسمها الجمهورية اليمنية. حزب الإصلاح للأسف لا زال حزب جهوي قروي يؤمن بالقبيلة ويدعمها , الحزب الأوحد الذي يملك مليشات هائلة تتُقن فنون ومهارات القتال ولديها جاهزية ويقظة عاليه للإقتحامات وتنفيذ الإغتيالات وكذلك الإستعداد لخوض حرب مفتوحة ,في مُعظم مناطق اليمن. لذلك تبرز الكثير من التساؤلات عن ماذا قدّم حزب الإصلاح لليمن من مشاريع تنموية وإجتماعية وصحية وإقتصادية . على مُخلتف الأصعدة يُدرك المواطن أنّ برامج الإصلاح فقيرة للدراسة عن إيجاد خُطط إستراتيجية و إقتصادية تُلبي وضع البلد الآيل للسقوط , لأنّهم مشغولين بالإستقطاب والإستقواء وجذب الأفراد وزيادة عدد الأعضاء .فلقد تورّط حزب الإصلاح بإستغلالهِ للدين على مدى تاريخه , فهو متورّطً بتكفير الجنوب , وتصدير مليشياته في حرب 94 , ومُتهم بقتل القيادي الإشتراكي الراحل جار الله عُمر , ومحُاربة الأفكار السياسية الفلسفية المُتجرّدة من الدين , ومُعاداة الحركات اليسارية مثل الليبرالية والقومية والعلمانية التي لا تتّخذ الدين كعنصر أساسي في مُعظم محاورها الهادفة إلى تطوير مفهوم الدولة وبنائها. حالياً يُتهم من قبل النُخب والمفكّرين اليمنيين بأنّهُ حزب ظلامي رجعي تكفيري يعمل على حشد أنصاره للتوسّع في الجنوب والإعداد الكبير للإستيلاء على السُلطة حيث أنّهُ سعى لتغييب مشروع الحمدي الرامي لبناء دولة مدنية مؤسساتية, حيثُ يسعى هذا الحزب الأصولي لرفع شعار الإسلام هو الحل للعمل على غطاء إيديولوجي يخدم أهدافه ويُعزّز من قدرته على التعامل مع الأحداث وذلك بفرض وجوده كقوّة حاضرة ووحيدة على الساحة اليمنية بدون وجود قوّة سياسية تعمل على إحداث توازن بين القُوى. إن تخبّط حزب الإصلاح الذي ذاب في السلطة ونشأ في أحضان النظام السابق قد خرج من رحمِه فئة إسلاموية تكفيرية مُتشددّة متعطشّة للدماء أفزعت الناس وخوّفت الآمنين وهي ما يُسمّى بأنصار الشريعة الذي دعا "محمد عبد المجديد الزنداني بعدم مقاتلتهم" ودان ضربات الجيش وإنتصاراتهم لضرب التنظيم. لم يُقدّم حزب الإصلاح أُنموذجاً للتنمية والديمقراطية وحتى بعض الصيغ الإسلامية التي طالما تبّجحوا بها , وضجّوا بها الإعلام قد ضربوا الدين من خاصرته وأضفوا الهالة المُقدّسة على فتاوى مشائخهم في حين أنّ قداسة الدين لديهم لا زالت هلامية مُقارنةً بالحزب ومشائخه فمثلاً لديهم فقه الضروريات الذين يستغلّونه في مُخالفة الشرع الحنيف والنصوص القرآنية الثابتة. لذلك ينبغي على كل المتعلمين إعادة قراءة تاريخ مجتمعاتهم ، فكل ما "تعلمناه" أو بالأحرى علمونا إياه، عن بطولات وشهامة وإيمان "أجدادنا" خاطئ ومخطئ في جزء كبير منه على الأقل . خُلاصة الأمر يتضح لنا فشل تجربة الإسلام السياسي الذي تحوّل إلى وسيلة لجمع الثروة والإستمرار في الإستحواذ والهمينة الواحدية على حساب مفهوم مبدأ الشراكة السياسية حيثُ أنّ السيطرة على الأجهزة الأمنية والنقابات والمحافظات وربطها بالحزب تعتبر كارثة سياسية وتوسّع إيديولوجي يُضعف معارضة الشارع ضدّه وذلك من خلال فرض السيطرة على المشهد السياسي وبقائه الواجهة الإعلامية لليمن .