طاقة نظيفة.. مستقبل واعد: محطة عدن الشمسية تشعل نور الأمل في هذا الموعد    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    "نوخان شبوة" تُسقط شبكة مخدرات: 60 كيلو حشيش في قبضة الأمن    "طاووس الجنان" و"خادمة صاحب الزمان"...دعوة زفاف لعائلة حوثية تُثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مافيها(صورة)    الحكومة تطالب بتحرك دولي لوقف تجنيد الحوثي للأطفال تحت غطاء المراكز الصيفية    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    الدوري الاوروبي ... ميلان وليفربول يودعان البطولة    الدوري السعودي ... الشباب يكتسح ابها بخماسية    "لا حل إلا بالحسم العسكري"..مقرب من الرئيس الراحل "علي صالح" يحذر من مخيمات الحوثيين الصيفية ويدعو للحسم    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    انفجار مقذوف من مخلفات الحوثي في 3 أطفال في قعطبة    الحوثيون والبحر الأحمر.. خطر جديد على كابلات الأعماق مميز    مصرع وجرح عدد من العناصر الإرهابية على يد القوات الجنوبية بوادي عومران    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    لجنة الطوارئ بمأرب تباشر مهامها الميدانية لمواجهة مخاطر المنخفض الجوي    انطلاق أعمال الدورة ال33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لأفريقيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    سقوط 9 مدنيين في الحديدة بسبب الألغام ومخلفات الحرب خلال مارس الماضي مميز    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    إسقاط طائرة تجسس حوثية في شقرة بمحافظة أبين    تأجيل مباريات الخميس في بطولة كرة السلة لأندية حضرموت    دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية    عن العلامة اليماني الذي أسس مدرسة الحديث النبوي في الأندلس - قصص رائعة وتفاصيل مدهشة    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    ترحيل آلاف اليمنيين من السعودية    أضرار مادية وخسائر بشرية بسبب الفيضانات شرقي اليمن وإغلاق مدينة بالكامل    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    ليلة للتاريخ من لونين.. وخيبة أمل كبيرة لهالاند    أهلي جدة: قرار رابطة الدوري السعودي تعسفي    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    فضيحة قناة الحدث: تستضيف محافظ حضرموت وتكتب تعريفه "أسامة الشرمي"    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    ثلاث مساوئ حوثية أكدتها عشرية الإنقلاب    اليمن: الكوارث الطبيعية تُصبح ظاهرة دورية في بعض المحافظات الساحلية، ووزير سابق يدعو لإنشاء صندوق طوارئ    مأساة إنسانية: صاعقة رعدية تُفجع عائلتين في تعز    على رأسهم مهدي المشاط ...ناشطة حوثية تدعو إلى كسر الصمت حول قضية السموم الزراعية في اليمن    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    نيابة استئناف الامانة تتهم 40 من تجار المبيدات والأسمدة بارتكاب جرائم بيئية وتعريض حياة الناس للمخاطر    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خفايا عام من الحرب في مديرية «الصلو» اليمنية و تفاصيل مأساة قتل وتهجير وتشريد المدنيين ، واغلب الضحايا نساء واطفال وشيوخ
نشر في يمن برس يوم 17 - 08 - 2017

مديرية «الصلو» اليمنية ..سلسلة جبلية شديدة الانحدار وبالغة الصعوبة، تعرف جغرافيا بإحدى مناطق الحجرية، وتتبع إداريا محافظة تعز، والى الجنوب الشرقي من مركزها بحوالي 45كم تقريبا، تبلغ مساحتها حوالي 89،3 كيلو متر مربع وسكانها بحسب اخر تعداد سكاني 49832 نسمة يتوزعون على مناطق وقرى متربعة على أحضان الوديان والجبال العالية ذات الجغرافية الصلبة .
تعتبر "الصلو" في محافظة تعز من المناطق ذات الاهمية الكبري، في السلم قبل الحرب وأثنائها، وذلك لموقعها الاستراتيجي المطل على دمنة خدير والخط الرابط بين تعز - عدن . حاولت أنظمة متعاقبة في الماضي جعلها موقعاً عسكرياً إلا أن أبناء المديرية واعياناها ومنهم الشيخ "منصور"، كانوا دوماً يرفضون عسكرة المنطقة وجعلها ساحة صراعات عنيفة، سواء بين مواطنيها او مع الاخرين وحتى ضد الجنوب أيام التشطير . فإرتفاع جبل "الصلو" الشاهق يجعله يطل أيضاً على لحج وعدن ، ولولا أن الطيران يستطيع دك أي تموضع لمنصات إطلاق الصواريخ لكان الانقلاليون - الحوثي صالح - قد إستخدما هذا الجبل لضرب مواقع عسكرية ومدنية في لحج وعدن وإستهداف قاعدة العند من هذه المديرية. القوات الحكومية ادركت مبكراً خطورة الموقع فتمركزت في غالبية مناطقه المرتفعة وبقي الانقلابيون في منطقة الشرف وهو المدخل الرئيسي للمديرية من جهة دمنة خدير ، وإحدى أعلى الهضاب الجبلية المرتفعة في جبل الصلو ، ولكن لا يستطيعون التموضع فيه بشكل دائم، كما ان "الصلو" ذات تاريخ عريق وفيها مدارس أثرية وحصن وقلعة "الدملؤة" التي يذكرها العلامة والمؤرخ الهمداني في كتابه "صفة جزيرة العرب" و"مدينة الجؤة والمنصورة".
وتعيش البلده التي تتكون من 11 عزلة اشكالا قاسية من المعاناة، تفاقمت تحت وطأة تداعيات حرب ضروس تدور هناك منذ عام بين قوات الحكومة المعترف به دوليا، والجماعة المسلحة التي تعرف باسم الحوثيين المدعومة بالقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح .
عندما اندلع النزاع المسلح الذي يعصف بالبلاد لاكثر من عامين كانت الصلو خارج نطاق الصراع وظلت بعيدة عن الحرب تستقبل المئات من ابنائها العاملين في مهن مختلفة والعائدين اليها نتيجة مآلات الحرب في عدة مدن يمنية، ولم يكن في حسبان احد حينها انها في حسابات طرفي هذا النزاع ساحة لمعارك، لكنها موجلة.
●بداية الحرب
مطلع اغسطس صيف العام 2016 وبعد سقوط مديرية حيفان المجاورة بيد المتمردون الحوثيون وحلفائهم، بدات تحركات لقيادات عسكرية بالجيش الوطني اليمني في بعض مناطق الصلو وتمركزت فيها، وهو ما آثار ردة فعل انتقامية لتحالف صنعاء - الحوثي صالح - باستحداث مواقع في منطقتي ورزان ودمنة خدير وباشروا في قصفهم المدفعي والصاروخي على قري المديرية .
● مسارات الاحداث:
وفي السابع من الشهر نفسه كانت بداية المواجهات المسلحة واستخدام المديرية منطقة عسكرية وشهد جبل نقيل الصلو يومها معارك دامية اسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من الطرفين نتج عنها حصار مطبق استنفد كل معالم الحياة البسيطة ومازال مستمرا.
يقول "عبدالله" (45 عاما)، “تركت البلاد مساء اول ايام الحرب، أخافتني اصوات الانفجارات وضراوة المعارك، خشيت على عائلتي، فأخذتها إلى صنعاء" .
وفي غضون ذلك تمددت المواجهات الى منطقة النجيبة وقرية الشرف ، وبدات وتيرة الاشتباكات تزحف باتجاه قري العقيبة والحود وصولا الى قرية "الصيار"، حيث شهدت القرية المكتضة بالمدنيين معارك ضارية تسببت بدمار هائل وبحالة رعب حقيقة وهلع في اوساط سكانها.
في اليوم التالي انسحبت القوات الحكومية وما يساندها من مقاومة شعبية الى تبة الصيرتين الاستراتيجية والتمركز فيها ، فيما تمركز الحوثيون في قرية "الصيار" لتصبح الاخيرة - ساحة قتال- رئيسية لحربا بشعه بقسوتها وكلفتها على الناس بدات في تدشين القتل والتدمير ، التهجير القسري والنزوح الى المجهول .
اشتدت ضراوة المواجهات بعد هذا التمركز لطرفي الحرب وحاول الحوثيون من توسيع نطاق المعارك باتجاه قرية "حمده" وسيطروا عليها، لكن سرعان ما استعادتها القوات الحكومية والمقاومة، ليعود كل طرف الى مواقعه . ظلت الاوضاع في اشهر الحرب الاولى بين معارك الكر والفر وتبادل الهجمات ، وانقسمت المناطق الواقعة في دائرة الصراع بين الطرفين، لتتحول المعركة فيما بعد الى حرب استنزاف على ما يبدو يتبادل الطرفان السيطرة على الاراضي بشكل مستمر . وفي 18يوليو العام2017 تمكن افراد المقاومة الشعبية من ابناء المنطقة ومديريات الحجرية وتعز وباسناد قوات الجيش من احكام سيطرتهم على قرية "الصيار" التي فشل مسلحي جماعة الحوثي وقوات صالح في اكثر من هجوم لاستعادتها .
مضى عاما كارثيا ومأساويا بامتياز، واياما من الحرب والحصار عاشها مواطنو الصلو لن تُمحى بسهولة من ذاكرتهم نتيجة آثار الحرب المدمرة، وانعدم مقومات الحياة.
- ويقول الصحفي "عبدالاله الحريبي" "هاهو العام الثاني من الحرب والصلو تختزن الكثير.. من الالم، الكثير ..من المعاناة ومن هجمات الانقلابيين على المدنيين فيها، لكنها تظل إحدى عناوين الصمود في تعز، عصية على ان تبتلعها مليشيات الانقلاب".
●حرب ثمنها الابرياء
ليس هناك من يدفع ثمن هذه الحرب أكثر من السكان المدنيين، شباب وشيوخ ، اطفال ونساء والذين نزحوا قسراً للعيش في ظل قسوة التشرد والمهانة. ومن كانت احلامهم في انتظار "وطن" جميل سياتي او"دولة" تخفف ولو جزء من أوضاعهم المأساوية، وتحسن من معيشتهم، فكانت الحرب بديلا وبمزيدا من المأسي .
معظم ضحايا الحرب في عامها الاول ابرياء لاعلاقة لهم بالصراع ولابما يجري، سقط منهم العشرات قتلى وجرحى ، ناهيك عن الاف النازحين والتهجير القسري
ل (500) اسرة ويزيد من قريتي "الصيار وبيت القاضي" ويخوض من تبقى وهم ب"عشرات الالاف" حياة شبه مستحيلة وكل قرية بعيده عن الاخرى.
وفي الوقت الذي لم تصدر فيه اي احصائية رسمية بعدد ضحايا الحرب المدنيين من القتلى الجرحى في الصلو، نشر موقع"26 سبتمبر" التابع للجيش اليمني تقرير، بسقوط 563 قتيلا من الطرفين في المواجهات منذ بدء الحرب دون يشير التقرير الى المدنيين الضحايا .
غير ان احصائية لناشطون من مختلف ارجاء البلدة تكشف عن سقوط 47 مدنيا بين قتيل وجريح خلال العام الاول من النزاع في بعض المناطق، بعضهم في قصف لمليشيات الحوثي صالح وبرصاص قناصتهم او بالغام زرعها مقاتليهم، والبعض الاخر في قصف لمقاتلات التحالف العربي، واخرين برصاص عشوائيا اثناء المواجهات، وبينت المعلومات ان بين هولاء الضحايا نساء وأطفال وكبار في السن .
وهذة اسماء بعض القرى وعدد الضحايا فيها كما رصدها الناشطون
-|قرية الصيار: مقتل شاب واصابة امراتين قنصا برصاص الحوثيين ...-|قرية الحود: مقتل طفل بلغم حوثي ، و3 نساء اثنتين برصاص قناص حوثي واخرى بقذيفة، واصابة طفل ورجل مسن برصاص قناص المليشيات .
-|قرية المعبران: 6 قتلى منهم 5 في قصف لمقاتلات التحالف العربي على احد المنازل وقتيل برصاص قناص حوثي ...-|قرية الذنيب: مقتل شخص بانفجار لغم زرعه الحوثيين واصابة اخر برصاص قناصتهم .
-|قرية الضعه: مقتل شخص بانفجار لغم حوثي واصابة طفلة برصاص مباشر لانها رفضت فتح باب منزلهم للحوثيين لاعتقال والدها ...-|قرية المعينة : مقتل شخص برصاص راجع و4 جرحى بينهم امراه برصاص قناص حوثي .
-|قرية الشرف: مقتل11 شخص في قصف لمقاتلات التحالف العربي لاحد المنازل...-|قرية المقاطرة: اصابة امراءة... -|منطقة الرفصة: طفل قتيل .
-|قرية الزنح: اصابة طفل برصاص راجع بالعمود الفقري واصيب بشلل كامل ...-|قرية الودر: مقتل 5 من اسرة واحده في قصف حوثي على احد المنازل .
-|قرية المجزرة: اصابة شخص برصاص راجع .
-|قرية المدارين: مقتل شخص برصاص قناص حوثي.
-|قرية القابلة: مقتل 3 اشخاص من اسرة واحده بينهم. طفلين في قصف حوثي استهدف احد المنازل.
-|قرية اعماق: اصابة امراة برصاصة قناص حوثي.
-|قرية العزر: مقتل طفل بانفجار لغم زرعه الحوثيون.
وقد تكون هذة الاحصائية غير دقيقة، لكن العدد الدقيق للضحايا وحجم الكارثة الانسانية قد لايعرف على الإطلاق، فالعيش وسط خطر القتل والاصابة اصبح من الوقائع اليومية هنا .
●كفاح من أجل البقاء على قيد الحياة :
انعكست احداث النزاع وتداعياتها بشكل كبير على حياة السكان وحياتهم، فبالإضافة إلى القصف اليومي، وتدهور الاوضاع المعيشية . ظل الوصول إلى الغذاء والرعاية الطبية والإمدادات الأساسية، محدودا للغاية، كما ان الحرب قيدت تحركاتهم داخل وخارج البلدة.
ما يجهله الكثيرون هو أن الوضع اضحى خطيرا في الصلو والحياة اصبحت جحيم، فهجر كل من يقدر على الهجرة فيما يعيش الاغلبية في قراهم لكن كيف؟؟ يعيشون.
- يقول "عمار الصلوي" (25عاما)، "لايمكن وصف مدى المعاناة والأضرار المعنوية والنفسية والمادية التي يتكبدها الناس، يعيشون ماساة وكارثة انسانية حقيقة، لاسيما المناطق في دائرة المواجهات والمجاورة لها، تعاني من صعوبة نقل المواد الغذائية والتموينية نتيجة الالغام التي زرعها الحوثيون في الطرقات والحصار الذي يفرضونه على المدخل الرئيس للمديرية وهو ماتسبب بانعدام المواد الأساسية وبعزلة حقيقة للسكان ".
في الواقع، أصبح من الصعب أن يصمد الناس أكثر من ذلك وسط هذة الماساة التي تمر بها المديرية، وفي خضم موجات الدمار التي تجتاحها .
●"الصيار".. عام من الشتات والرحيل المر :
هي قبلة الصلو ومتنفس "اهل المعشار" كما يسمونها "، تعرضت لكثير من الظلم والقسوة .."غابت عنها ملامح الحياه وتحولت إلى قرية أشباح .. اماكن هجرها أصحابها قسرا تخفي في جعبتها العديد من قصص المعاناة والتشرد"... خالية ، الا من منظمومات التوحش و"أكوام حجارة متناثرة كالأشلاء، وأشجار مترامية على جوانب الطريق ترفع أغصانها إلى السماء شاكيةً إلى الله ظلم ما حل بها " .
- التهجير القسري - من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، وعندما ترتكب بنية إجرامية من قبل طرف في النزاع، تشكل جريمة حرب ضد الانسانية ويخضع مرتكبوها للملاحقة امام المحكمة الجنائية الدولية ، ولاشك ان تهجير قرية "الصيار" وما حدث لسكانها يندرج تحت هذا البند . عندما اجبرهم الحوثيون وحلفائهم مطلع سبتمبر من العام الماضي بمغادرة منازلهم وسط القصف وضراوة المعارك
يومها لم يجد الأهالي ، الا الذهاب (شمال وجنوب شرقا وغرب) وسلوك طرق وعره تسببت في اذى الكثيرين منهم، خصوصا كبار السن والنساء والمرضي ، وما زاد وفاقم المصيبة حينها هو تجاهل المنظمات ونشطاء حقوق الانسان ووسائل الإعلام هذا الامر وعدم الإشارة إليه .
غادرت القرية نحو 250 اسرة ويزيد. بعضها الى قرى مجاورة والبعض الى مدينة الراهدة واب والعاصمة صنعاء والبعض الاخر نحو المجهول، وجميعهم يعيش حياة قاسية، كما ان غياب منظمات الاغاثة زاد من ماساتهم . وتشير تقارير لمنظمات حقوقية الى ان، من بين المهجرين قرابة "174" طفل دون سن الخامسة، و"320" طفل تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و 18 سنة، بحسب شبكة الراصدين المحليين بمحافظة تعز .
●حكايات المشردين في شوارع النزوح:
الاف المهجرين والنازحين من مديرية الصلو الذين اضطروا إلى ترك ديارهم بسبب المعارك ، يعيشون أوضاع إنسانية صعبه ويتجرعون مرارة وقسوة النزوح ، يوجهون مصيرا لا يقل سوءا عن الذين فضلوا البقاء في مناطقهم، التقيت بعضهم في العاصمة صنعاء وحال السواد الأعظم منهم لا يسر احد، يفتقرون إلى احتياجات اساسية من مأوى وغذاء وغيرها من وسائل ومتطلبات العيش ، املهم ان يشعر العالم بماساتهم ومعاناتهم .
يقول "مصطفى الحيدري"، احد ضحايا الحرب الذين نزحوا مع اسرهم الى صنعاء، "بسبب الحرب التي ادخلت الى مديريتنا "الصلو" في مثل هذه الايام من العام الماضي"، نعيش في تشرد ومهانة وبسببها ايضا فقدنا الكثير من اهلنا وممتلكاتنا ، هل؟ ياترى سنظل عام اخر او اعوام اخرى كساحة حرب اقليمية ولتجار الحروب الذين يلهثون خلف السلطة والثروة والنفوذ ، غير آبهين بشعب يموت جوعا و فقد بسببهم كل مقومات الحياة . انها حرب ظالمة فرضت علينا "
اما "عز الدين" (25عام) نازح، بدا منفعلا وساخطا على الجميع وكل من اوصل البلد الى هكذا حال ، يقول : "السكان داخل القرى ومن يعاني ويلات النزوح والتشرد، هم من يدفعون ثمن هذة الحرب، ووحدنا فقط من سيظل يدفع ثمنها مستقبلا دون غيرنا ، سنة كاملة ونحن في الشتات في عالم بلا انسانية ، تخلت عنا منظمات الاغاثة، وحقوق الإنسان تتجاهل ماساتنا .
تدخل الحرب عام اخر والناس تعبت من النزوح يشتاقون لتراب مناطقهم ويتذكرون اماكنها التي كان يملاءها ضجيج وصراخ الاطفال وكانت اصوات المعارك وضجيجها بديلا ، يتمنون الجلوس في جزء من قراهم او منازلهم المدمرة على أن لا يتجرعوا تجربة النزوح مرة أخرى .
وانا اجمع معلومات هذا التحقيق بالعاصمة صنعاء اصطحبني صديق الى منزل احد اقاربه تتواجد فيه اسرة نازحة من الصلو ، وما ان وطئت قدمي الباب كانت امراة في بداية العقد الخامس من العمر تجلس في حوش المنزل ، مسنوده على الجدار وراسها الى السماء كانها تشكوها امر ما حل بها، اخبرها صديقي باني صحفي من البلاد وجئت من اجل الحديث معها ، وبعد السلام والسوال عن الحال بعد عام من النزوح ، بدات حديثها وهي مكلومة : "لم أعرف إلا قريتي يا ولدي،، وطوال حياتي لم أخرج منها، لكن أجبرتنا الحرب انا واولادي أن ننزح منها الى صنعاء حيث يتواجد اقارب لنا ، أنا مريضة لبعدي عن قريتي، ولم أتذوق طعم الحياة لأنني فقدت بقري وغنمي"، صمتت قليلا وارادت مواصلة الحديث، لكنها توقفت فجاءه كانها تذكرت شئيا ما، وبعد صمت للحظات اجهشت بالبكاء لتنحدر دموعها على وجنتيها بحرارة أشد وطاة من لهيب الصيف الحار الذي خيم على منطقتها المنكوبة ليمتزج انين التشرد والشتات بدموع الاشتياق للعودة الى الديار وقالت: "اريد ان اشم رائحة تراب قريتي" قبل ان اموت" .
●البطالة حرب أخرى تعصف بالمدنيين
مئات العاملين بالاجر اليومي وذوي الدخل المحدود اصبحوا عاطلين عن العمل وبلا مصدر دخل يؤمن متطلباتهم اليومية، حتى من يحصلون على رواتب منتظمة من موظفي القطاعين الحكومي والخاص انقطعت مرتباتهم منذ اشهر ، في احد قرى الصلو المنكوبة يعيش عامل البناء "حمود الحاج"، في العقد الرابع من العمر، يعمل طوال ايام السنة داخل قري المديرية بما فيها شهر رمضان ، كان مثلا للعامل الذي لا يمل على الاطلاق ، وجد نفسة عاطلا لعام كامل بسبب ركود العمل بفعل الحرب، ويقول مقرب من "الحاج"، بان الاخير يعول اسرة افردها 9 اغلبهم اطفال ، ضاق به الحال وباسرته التي عجز عن توفير متطلبات العيش لها، واصبح في وضع نفسي حرج اثر تدهور وضعه المعيشي فيما منظمات الاغاثة لاتصل اليه .
●التعليم في عام الحرب.. حرمان قسري لمستقبل الطلاب
لا يختلف الوضع التعليمي عن الاوضاع الاخري، لكن العام 2016/2017 كان اسوا اعوام العملية التعليمية التي شهدت تدهورا مريعا، ليس في مديرية الصلو فحسب بل ومحافظة تعز ايضا . 20 مدرسة ويزيد هي عدد قوام مدارس الصلو، لكن العملية التعليمية فيها تكاد تكون مشلولة.
فالمدارس هنا تعرض بعضها للقصف من قبل الحوثيين ومقاتلات التحالف ، والبعض تحولت الى مقرات عسكرية، فيما البعض الاخر تضررت بفعل المعارك، حتى وان كانت هذه الاخيرة بقيت دون ضرر، فلن تتمكن من فتح أبوابها، فكثير من المعلمين تركوا مناطقهم نازحين و هم منذ اشهر بلا مرتبات ، لتتسبب الحرب في حرمان ما يقارب 3000 طالبا من عام دارسي كامل .
●الوضع الصحي كارثة منسية :
مع تعرض الناس للإصابات والمرض، يصبح الوصول إلى الرعاية الصحية أمرا في بالغ الأهمية، ولكن مع استمرار الحرب، وجدت مؤسسات طبية نفسها عرضة للهجمات، وهو ما ادي الى أغلاق معظم المراكز الصحية أبوابها ولم يبق منها سوى قلة فقط، البعض تعمل من أَوْساط ما تستطيع العمل به.، واخري تعيش اوضاع كارثية وتقف عاجزة عن تقديم ابسط الخدمات لشحة امكانياتها في ظل الحرب . اما مستشفى الثورة الريفي وهو اكبر منشاة طبية في الصلو ظل يعمل بوتيرة عالية على مدي 3 عقود ويزيد حتى في الايام الاولى للحرب وفي اوقات تصاعد اعمال العنف والعمليات القتالية، طاله القصف وتعرض لاكثر من هجوم، فيما اعاق الافتقار إلى الإحساس بالأمان وصول كل من العاملين في المجال الصحي من المناطق البعيده والمحتاجين إلى الرعاية الطبية . فوجد المشفى نفسه مضطرا للإغلاق .
●معونات الاغاثة والتلاعب بأسماء المستحقين
رغم الاستجابة الإنسانية للمجتمع الدولي في تقديم مساعدات إغاثة للشعب اليمني، الا ان عملية وصول هذه المساعدات الى المستحقين في كثير من المناطق ومنها مديرية الصلو تواجه كثير من الصعوبات
المناطق المحاصرة والمنكوبة كقرى عزلة الضعة لا تصلها المنظمات الاغاثية على الاطلاق والناس وضعهم ماساويا في ظل اوضاع حرب وحصار يعيشونها في الوقت الذي تتواجد فيه هذة المنظمات بشكل دائم في القرى الغير محاصرة
وابدا نازحون ومواطنون في المديرية ومن الاسر الاشد احتياجا لهذه المساعدات الانسانية وبأمس الحاجة لضروريات الحياة ، ابدءوا تذمرهم عند سؤالهم مااذا كانوا يحصلون على مساعدات اغاثية من منظمات دولية، وقالوا بان ما يحصلون عليه عبارة عن كيس قمح عبوة "50كجم" يوزع كل مرة في مناطق كثيرة على اكثر من اسرة، اضافة الى 2كيلو من السكر و3 علب من زيت الطبخ .
ويقول حقوقيون ان الإجراءات المطولة وعملية التوزيع شديده التعقيد التي يخضع لها العمل الاغاثي، أوجدت معها جملة من الاتهامات حول فساد وتلاعب بكمية المعونات وبأسماء المستحقين .
ويقول مصدر في العمل الاغاثي في الصلو ، ان المساعدات الإنسانية التي تاتي تكون شبه كافية بالنسبة للأسر المقيدة لديهم" لكنه يقول بان هناك تلاعب بكمية المعونات وبأسماء المستحقين ومحاباة تحدث لبعض المراكز على حساب مراكز اخرى.
مايحدث في المجال الاغاثي يثير كثير من التساؤلات عن الجهات التي تقف خلف عرقلة توزيع المساعدات الانسانية بشكلها الصحيح، خصوصا والمعلومات توكد، ان هناك نافذين وموالين لهم يستحوذون على كميات من هذة المعونات .
هذه هي مديرية "الصلو" بعد عام من الصراع وتبعاته المأساوية في القتل والدمار والنزوح، تعيش كارثة انسانية وماساتها تتفاقم مع مخاوف سكانها من اتساع رقعة جغرافيا النزاع اوتمدده لعام اخر.. تتعالي اصوات ابنائها المنادية بايقاف هذه الحرب والكارثة التي تهدد مناطقهم وحياتهم..وبسببها فقدوا الكثير ويعشيون حياة قاسية .. فمن يستجيب ؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.