أثبتت جماعة الحوثي المتمردة مزاعم خصومها السياسيين والأيديولوجيين بتبعيتها المطلقة لطهران، واعتناق أتباعها الفكر الخميني الذي طالما أنكر المتأثرون بالجماعة ارتباطها بإيران، واعتناقها الفكر الإثناعشري المتطرف، طوال عقدين من الزمن. ففي الوقت الذي تزداد حدة الصراع في المنطقة، نتيجة التدخل الإيراني في عدد من الدول العربية والإسلامية، بما فيها اليمن، والتي حولت تلك الدول إلى مسرحٍ للفوضى والدمار، وأصبح شعوبها بين مشرد وقتيل بعد أن امتلأت السجون بالمعارضين، أو المعترضين على ممارسات ميلشياتها المنتشرة من المحيط إلى الخليج.. ففي الوقت ذاته نظمت جماعة الحوثي، أمس السبت، مسيرة وصفتها ب "أربعينية استشهاد الحسين" وسط العاصمة صنعاء، أبرزت خلالها حقيقة الصراع في المنطقة، وحقيقة الانتماء الفكري والثقافي والعقائدي للتوجه الإيراني الذي يأخذ في الاتساع يومًا بعد آخر، دون وجود مشروع موازٍ له في القوة، مضادٍ في الاتجاه.
وعبر سكان محليون بمنطقة "بير حطرم" عن دهشتهم ، لقيام مجموعة "شيعية" يتقدمها رجلٌ معمم، يرتدي ملابس سوداء، كتلك التي يرتديها الإيرانيون والشيعة في العراق ولبنان، بإطلاق الأناشيد الحزينة، في فعالية حوثية انطلقت من شارع المطار، مرورًا بوزارة الاتصالات، والهيئة العامة للبريد اليمني، وسط اندهاش الأهالي.
وأضاف السكان: أنَّ المتجمهرين في المسيرة الحسينية (بحسب تسميتهم ) قاموا باستخدام مكبرات الصوت و رفعوا لافتات وشعارات تتضمن عبارات طائفية، ويرددون هتافات (يا حسيناه .. يا علياه) .
حاول عدد من المواطنين إيقافهم، وتقديم النصح والإرشاد لهم، ومنعهم من مواصلة مسيرتهم "الكربلائية" إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل، وواصلت المجموعة مسيرتها بحماية مسلحين حوثيين.
مرت الساعات والفعالية مستمرة، لتقوم المليشيات الحوثية بعد ذلك بمحاصرة المتظاهرين بأطقم عسكرية، ومصادرة شعاراتهم والأعلام واللافتات التي كانت بحوزتهم، لإيهام السكان بأن لا علاقة لهم بالفعالية، بعد أن أوصلوا رسالتهم.
لم تكن هذه الفعالية الأولى في تاريخ جماعة الحوثي بعد سيطرتها على العاصمة اليمنية أواخر العام 2014، ففي يوم العاشر من محرم أقامت الجماعة فعالية مشابهة، بثتها عدد من القنوات، ظهر فيها حوثيون يضربون صدورهم، ويطلقون مواويل تشبه تلك التي يرددها الشيعة في كلٍ من العراق ولبنان وإيران.