السامعي: تعز ليست بحاجة لشعارات مذهبية    سعد بن حبريش.. النار تخلف رمادا    فضيحة الهبوط    "الوطن غاية لا وسيلة".!    عدن .. البنك المركزي يحدد سقف الحوالات الشخصية    السقلدي: تحسن قيمة الريال اليمني فضيخة مدوية للمجلس الرئاسي والحكومات المتعاقبة    جياع حضرموت يحرقون مستودعات هائل سعيد الاحتكارية    من المستفيد من تحسن سعر العملة الوطنية وكيف يجب التعامل مع ذلك    وادي حضرموت يغرق في الظلام وسط تصاعد الاحتجاجات الشعبية    في السريالية الإخوانية الإسرائيلية    مفاجأة مونتريال.. فيكتوريا تقصي كوكو    سمر تختتم مونديال السباحة بذهبية رابعة    أيندهوفن يتوج بلقب السوبر الهولندي    صومالي وقواذف وقوارير المشروبات لإغتصاب السجناء وتعذيبهم في سجون إخوان مأرب    شبوة .. توجيهات بإغلاق فروع شركات تجارية كبرى ومنع دخول بضائعها    العالم مع قيام دولة فلسطينية    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    جحيم المرحلة الرابعة    توظيف الخطاب الديني.. وفقه الواقع..!!    لمناقشة مستوى تنفيذ توصيات المحلس فيما يخص وزارة الدفاع ووزارة الكهرباء..لجنتا الدفاع والأمن والخدمات بمجلس النواب تعقدان اجتماعين مع ممثلي الجانب الحكومي    في خطابه التعبوي المهم قائد الثورة : استبسال المجاهدين في غزة درس لكل الأمة    مساعد مدير عام شرطة محافظة إب ل"26سبتمبر": نجاحات أمنية كبيرة في منع الجريمة ومكافحتها    العلامة مفتاح يحث على تكامل الجهود لاستقرار خدمة الكهرباء    إعلان قضائي    لجنة أراضي وعقارات القوات المسلحة تسلم الهيئة العامة للأراضي سبع مناطق بأمانة العاصمة    الراحل عبده درويش.. قلم الثقافة يترجل    مرض الفشل الكلوي (15)    الرئيس المشاط يعزّي مدير أمن الأمانة اللواء معمر هراش في وفاة والده    من بائعة لحوح في صنعاء إلى أم لطبيب قلب في لندن    اتحاد إب يظفر بنقطة ثمينة من أمام أهلي تعز في بطولة بيسان    عدن وتريم.. مدينتان بروح واحدة ومعاناة واحدة    بتوجيهات الرئيس الزُبيدي .. انتقالي العاصمة عدن يُڪرِّم أوائل طلبة الثانوية العامة في العاصمة    الشخصية الرياضية والإجتماعية "علوي بامزاحم" .. رئيسا للعروبة    2228 مستوطناً متطرفاً يقتحمون المسجد الأقصى    اجتماع يقر تسعيرة جديدة للخدمات الطبية ويوجه بتخفيض أسعار الأدوية    أبين.. انتشال عشرات الجثث لمهاجرين أفارقة قضوا غرقًا في البحر    من يومياتي في أمريكا .. تعلموا من هذا الإنسان    إصابة ميسي تربك حسابات إنتر ميامي    الاتحاد الرياضي للشركات يناقش خطته وبرنامجه للفترة القادمة    الهيئة العليا للأدوية تصدر تعميماً يلزم الشركات بخفض أسعار الدواء والمستلزمات الطبية    تدشين فعاليات إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف في محافظة الحديدة    مجلس القضاء الأعلى يشيد بدعم الرئيس الزُبيدي والنائب المحرمي للسلطة القضائية    انتشال جثة طفل من خزان مياه في العاصمة صنعاء    قيادة اللجان المجتمعية بالمحافظة ومدير عام دارسعد يعقدون لقاء موسع موسع لرؤساء المراكز والأحياء بالمديرية    هناك معلومات غريبيه لاجل صحتناء لابد من التعرف والاطلاع عليها    تشلسي يعرض نصف لاعبيه تقريبا للبيع في الميركاتو الصيفي    الحكومة تبارك إدراج اليونسكو 26 موقعا تراثيا وثقافيا على القائمة التمهيدية للتراث    توقعات باستمرار هطول امطار متفاوة على مناطق واسعة من اليمن    الرئيس الزُبيدي يطّلع على جهود قيادة جامعة المهرة في تطوير التعليم الأكاديمي بالمحافظة    نيرة تقود «تنفيذية» الأهلي المصري    صحيفة امريكية: البنتاغون في حالة اضطراب    مشكلات هامة ندعو للفت الانتباه اليها في القطاع الصحي بعدن!!    تدشين فعاليات المولد النبوي بمديريات المربع الشمالي في الحديدة    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    رسالة نجباء مدرسة حليف القرآن: لن نترك غزة تموت جوعًا وتُباد قتلًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجلة "ذي أميركان انترست": الاستقرار في اليمن لن يتم إلا بالقضاء على وكلاء إيران "الحوثيين"
نشر في اليمن السعيد يوم 22 - 10 - 2018

لا ينبغي للانتقادات الإنسانية للحرب في اليمن أن تجعلنا نغض الطرف عن التهديد الخطير والأكبر الذي يمثله الحوثيون والوضع الاستراتيجي لمشاركة الولايات المتحدة.
إن الروايات التي تسردها وسائل الإعلام الغربية، تصور الحرب الجارية في اليمن وكأنها نزاع "عقيم" أو "كارثي". لكن، وقبل كل شيء، كانت اليمن عرضة للنزاعات القبلية والطائفية منذ عقود قادت البلاد إلى تمرد وحروب أهلية شاملة. بيد أن التعقيد التاريخي للسياسة اليمنية وعلاقتها الكبيرة بالمملكة العربية السعودية، يجب ألا يجعلنا نغض الطرف عن جهود إيران لإنشاء رأس جسر وموطئ قدم في شبه الجزيرة العربية من خلال تمكين مليشيا الحوثي المتمردة.
ومن المستبعد أن ينتهي الصراع في اليمن في الوقت القريب، ما لم تلعب القوى الخارجية المهتمة، ولاسيما الولايات المتحدة، دوراً فاعلاً في احتواء إيران وسلوكها المزعزع وإجبار الحوثيين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
يميل الأمريكيون إلى عرض الأحداث في اليمن فقط من خلال منظور الأزمة الإنسانية لهذا البلد ودور المملكة العربية السعودية فيها. ولكن حتى إذا كان الطموح والخطأ في حسابات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد أدت إلى تفاقم الوضع، فإن هناك مخاطر أكبر ورهانات أعظم في اليمن تفوق ما يعترف به منتقدو الحرب جراء تداعياتها الإنسانية.
وتبدأ هذه الرهانات بالخطط المعترف بها علناً للاستراتيجيين الإيرانيين الذين عبروا عن توقعاتهم بضم العاصمة اليمنية صنعاء إلى قائمة العواصم العربية – بيروت ودمشق وبغداد – التي سقطت في "حضن إيران وأصبحت تنتمي إلى الثورة الإسلامية الإيرانية". ولهذا السبب يدعم نظام آية الله خامنئي الحوثيين وزعيمهم الذي قتل عام 2004 على أيدي القوات اليمنية.
وتضم الحركة الحوثية مقاتلين مسلحين ومدربين تدريباً جيداً، وتبنت الحركة شعارها (الصرخة) منذ عام 2003. ويشير إصرارهم على السعي إلى السلطة عبر الوسائل العسكرية، مع معرفتها بغياب ثقتها في الدعم، حتى في أوساط سكان اليمن الشيعة.
ويعتبر الحوثيون مليشيا حزب الله اللبناني، بمثابة قدوتهم حيث حصل الحوثيون على أسلحة متطورة من إيران، وهددوا المملكة العربية السعودية عبر شن هجمات صاروخية ضدها.
لكن التهديد الذي يمثله الحوثيون قد طغى عليه شجب الحملة الجوية السعودية ضدهم، والتي يُلقى عليها اللوم في التسبب بخسائر مدنية يمكن تجنبها. كما أن شهادة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مؤخراً للكونغرس بأن السعوديين وحلفاء آخرين عرباً يبذلون جهوداً أكبر لحماية المدنيين، لم يضعف من ماكينة تلك الانتقادات.
وتماماً كما تغطي الماكينة الدعائية لحزب الله اللبناني المدعوم من إيران على عنفه وإرهابه من خلال إثارة الضجة حول الخسائر المدنية، فقد تمكن الحوثيون وداعموهم الدوليون من تجنب الخوض في مناقشة السياسة المعقدة في اليمن وتجاوزات الحوثيين من خلال الانتقادات المركزة لسلوك التحالف الذي تقوده السعودية في الحرب الجوية، حيث أدت المخاوف المشروعة بشأن الإصابات في صفوف المدنيين من القصف الجوي السعودي إلى تجاهل العديد من النقاد لكل من دور إيران المزعزع أو إمكانية حصول الاستقرار في اليمن حال نجح الحوثيون -وهم أقلية داخل أقلية طائفية- في إقامة حكمهم على البلد بأكمله.
كما دفع النقد الإنساني لتكتيكات التحالف العربي معظم المراقبين إلى تجاهل حقيقة أن الحرب ضد الحوثيين تدعمها قرارات الأمم المتحدة الداعمة لاستعادة سيطرة الحكومة الشرعية على اليمن. ففي عام 2015، طالب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216، والذي اعتمد ب 14 صوتاً مؤيداً مقابل لا شيء ضده مع امتناع روسيا عن التصويت بأن "على الحوثيين الانسحاب من جميع المناطق التي تم الاستيلاء عليها خلال النزاع الأخير، والتخلي عن الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية مع وقف كافة الإجراءات التي تقع ضمن سلطة حكومة اليمن الشرعية، والتنفيذ الكامل لقرارات المجلس السابقة".
ومذ ذلك الحين، أصبحت الحرب متوقفة على الرغم من أن أجزاء من جنوب اليمن قد انتزعت من قبضة الحوثيين. وقد تحملت القوات اليمنية المشتركة والقوات الإماراتية العاملة ضمن التحالف العربي عبء خوض القتال البري، والذي كان هجومهم، الذي بدأ في يونيو لطرد المليشيات المتمردة من ميناء الحديدة، يهدف إلى إحداث تغيير مسار الحرب.
بيد أن ذلك الهجوم ما لبث أن توقف في يوليو لإفساح المجال أمام إجراء محادثات السلام. لكن ممثلي الحوثي رفضوا الانضمام إلى المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف في سبتمبر مما أدى إلى تجدد القتال. ومن المؤكد أن الحوار أفضل من الحرب، غير أن المفاوضات الجادة تتطلب شركاء ملتزمين بإنجاز حل سلمي للازمة.
وبينما يتكشف لمارتن غريفيث، مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن، أن الحوثيين لا يبالون بحضور الاجتماعات، يبدو أنهم مدركون لحقيقة أن الحروب الأهلية غالباً ما تكون طويلة الأمد وأن معظم الصراعات في العصر الحديث انتهت بانتصار حاسم من جانب واحد.
وتتمثل استراتيجية الحوثي في السعي لتحقيق النصر بالتزامن مع تقويض عزيمة التحالف العربي من خلال الرأي الدولي المعاكس. حيث إنهم يدينون سلوك الحكومات العربية التي تواجههم بينما يقومون بنشر الصواريخ التي تقدمها لهم إيران، والطائرات بدون طيار إضافة لنشر الألغام الأرضية سعياً منهم لتحقيق النصر في ساحة المعركة. ولذا، فإن هكذا نتيجة، لن تكون في مصلحة الولايات المتحدة وستزيد فقط من بؤس اليمن بدلاً من تخفيفه.
وباستدعاء أحداث الحادي عشر من سبتمبر من الذاكرة البعيدة لمعظم الأمريكيين، ينسى الكثيرون بأن اليمن كانت أيضاً ساحة انطلاق رئيسة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. ففي شهر أغسطس الماضي، قتل صانع القنابل للقاعدة، إبراهيم العسيري، بغارة جوية أمريكية. وقد خطط العسيري لعدة هجمات ضد أهداف في شتى أنحاء العالم، بما في ذلك محاولة "انتحاري الملابس الداخلية" تفجير طائرة ركاب فوق مدينة ديترويت الأمريكية في ديسمبر 2009. كما قُتل حوالي 2000 من عناصر القاعدة في اليمن على مدى السنوات ال17 الماضية.
وسيكون من المؤسف لو أن الانقسامات الداخلية في اليمن والتي مكنت القاعدة من إقامة موطئ قدم له هناك، تمهد الطريق أمامه مجدداً لإعادة تجميع صفوفه. ولن يصبح الشرق الأوسط أكثر أمناً في حال تحول اليمن غير المستقر الذي يسيطر عليه الحوثيون إلى قاعدة لتهديد جيرانها بدعم من إيران.
إن توطيد سيطرة الحوثيين على أي جزء من اليمن سيؤدي بلا شك، إلى زعزعة الاستقرار مثل صعود حزب الله في لبنان. ومثلما انتهى المطاف بحزب الله بدعم نظام الأسد في سوريا بعد نجاته من الحرب الأهلية في لبنان، يمكن للحوثيين أن يصبحوا القوة الهدامة الرئيسة في منطقة الخليج.
من جانبها، فإن لدى إيران الكثير لتربحه من خلال تأجيج الحرب في اليمن. فحتى لو لم ينتصر الحوثيون، فإن طهران ستحظى بأفضلية إقليمية بتكلفة قليلة نسبياً، وستتحمل شريكتها في الخليج، قطر، بعض النفقات.
كما أن الحرب تبقي منتقدي إيران الإقليميين في المنطقة منشغلين، وبالتالي، توفر إمكانية لبناء نظام بديل جديد في شبه الجزيرة العربية.
ولكن من منظور الولايات المتحدة، فإن ارتماء اليمن في احضان إيران، سيعمل على توسيع التهديد الذي تمثله طهران لمصالح الولايات المتحدة. وإذا ما كان هنالك طرف يجب أن ينتصر في الحرب الأهلية في اليمن، فسيكون من مصلحة الولايات المتحدة أن يكون الحكومة الشرعية المدعومة من حلفاء أمريكا بدلاً من الحوثيين المدعومين من إيران.
ولذا، من الأجدر للحكومة الأمريكية أن ترمي بثقلها وراء جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة، شريطة ألا تكون المحادثات بمثابة غطاء للحوثيين للإبقاء على استمرار الحرب الأهلية في اليمن لسنوات. وفي كلتا الحالتين فإن الولايات المتحدة سوف تقصر أمد الحرب من خلال الاضطلاع بدور محدد على نحو واضح، بدلاً من صرف الأنظار عن الأحداث الجارية في اليمن.
والناحية المثلى هو أن يؤدي الدعم الأمريكي المستهدف إلى خلق ظروف من شأنها أن تدفع الحوثيين إلى إعادة النظر في شراكتهم مع إيران والدخول في مفاوضات جادة. أما السيناريو الأسوأ لما سيحدث للحوثيين -وهو الأفضل بالنسبة للولايات المتحدة- فسيتمثل في إيجاد نهاية حاسمة لسفك الدم المستمر بما لا يترك مجالاً لوكلاء إيران التحكم والسيطرة على اليمن.
* مجلة "ذي أميركان انترست"
لا ينبغي للانتقادات الإنسانية للحرب في اليمن أن تجعلنا نغض الطرف عن التهديد الخطير والأكبر الذي يمثله الحوثيون والوضع الاستراتيجي لمشاركة الولايات المتحدة.
إن الروايات التي تسردها وسائل الإعلام الغربية، تصور الحرب الجارية في اليمن وكأنها نزاع "عقيم" أو "كارثي". لكن، وقبل كل شيء، كانت اليمن عرضة للنزاعات القبلية والطائفية منذ عقود قادت البلاد إلى تمرد وحروب أهلية شاملة. بيد أن التعقيد التاريخي للسياسة اليمنية وعلاقتها الكبيرة بالمملكة العربية السعودية، يجب ألا يجعلنا نغض الطرف عن جهود إيران لإنشاء رأس جسر وموطئ قدم في شبه الجزيرة العربية من خلال تمكين مليشيا الحوثي المتمردة.
ومن المستبعد أن ينتهي الصراع في اليمن في الوقت القريب، ما لم تلعب القوى الخارجية المهتمة، ولاسيما الولايات المتحدة، دوراً فاعلاً في احتواء إيران وسلوكها المزعزع وإجبار الحوثيين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
يميل الأمريكيون إلى عرض الأحداث في اليمن فقط من خلال منظور الأزمة الإنسانية لهذا البلد ودور المملكة العربية السعودية فيها. ولكن حتى إذا كان الطموح والخطأ في حسابات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد أدت إلى تفاقم الوضع، فإن هناك مخاطر أكبر ورهانات أعظم في اليمن تفوق ما يعترف به منتقدو الحرب جراء تداعياتها الإنسانية.
وتبدأ هذه الرهانات بالخطط المعترف بها علناً للاستراتيجيين الإيرانيين الذين عبروا عن توقعاتهم بضم العاصمة اليمنية صنعاء إلى قائمة العواصم العربية – بيروت ودمشق وبغداد – التي سقطت في "حضن إيران وأصبحت تنتمي إلى الثورة الإسلامية الإيرانية". ولهذا السبب يدعم نظام آية الله خامنئي الحوثيين وزعيمهم الذي قتل عام 2004 على أيدي القوات اليمنية.
وتضم الحركة الحوثية مقاتلين مسلحين ومدربين تدريباً جيداً، وتبنت الحركة شعارها (الصرخة) منذ عام 2003. ويشير إصرارهم على السعي إلى السلطة عبر الوسائل العسكرية، مع معرفتها بغياب ثقتها في الدعم، حتى في أوساط سكان اليمن الشيعة.
ويعتبر الحوثيون مليشيا حزب الله اللبناني، بمثابة قدوتهم حيث حصل الحوثيون على أسلحة متطورة من إيران، وهددوا المملكة العربية السعودية عبر شن هجمات صاروخية ضدها.
لكن التهديد الذي يمثله الحوثيون قد طغى عليه شجب الحملة الجوية السعودية ضدهم، والتي يُلقى عليها اللوم في التسبب بخسائر مدنية يمكن تجنبها. كما أن شهادة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مؤخراً للكونغرس بأن السعوديين وحلفاء آخرين عرباً يبذلون جهوداً أكبر لحماية المدنيين، لم يضعف من ماكينة تلك الانتقادات.
وتماماً كما تغطي الماكينة الدعائية لحزب الله اللبناني المدعوم من إيران على عنفه وإرهابه من خلال إثارة الضجة حول الخسائر المدنية، فقد تمكن الحوثيون وداعموهم الدوليون من تجنب الخوض في مناقشة السياسة المعقدة في اليمن وتجاوزات الحوثيين من خلال الانتقادات المركزة لسلوك التحالف الذي تقوده السعودية في الحرب الجوية، حيث أدت المخاوف المشروعة بشأن الإصابات في صفوف المدنيين من القصف الجوي السعودي إلى تجاهل العديد من النقاد لكل من دور إيران المزعزع أو إمكانية حصول الاستقرار في اليمن حال نجح الحوثيون -وهم أقلية داخل أقلية طائفية- في إقامة حكمهم على البلد بأكمله.
كما دفع النقد الإنساني لتكتيكات التحالف العربي معظم المراقبين إلى تجاهل حقيقة أن الحرب ضد الحوثيين تدعمها قرارات الأمم المتحدة الداعمة لاستعادة سيطرة الحكومة الشرعية على اليمن. ففي عام 2015، طالب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216، والذي اعتمد ب 14 صوتاً مؤيداً مقابل لا شيء ضده مع امتناع روسيا عن التصويت بأن "على الحوثيين الانسحاب من جميع المناطق التي تم الاستيلاء عليها خلال النزاع الأخير، والتخلي عن الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية مع وقف كافة الإجراءات التي تقع ضمن سلطة حكومة اليمن الشرعية، والتنفيذ الكامل لقرارات المجلس السابقة".
ومذ ذلك الحين، أصبحت الحرب متوقفة على الرغم من أن أجزاء من جنوب اليمن قد انتزعت من قبضة الحوثيين. وقد تحملت القوات اليمنية المشتركة والقوات الإماراتية العاملة ضمن التحالف العربي عبء خوض القتال البري، والذي كان هجومهم، الذي بدأ في يونيو لطرد المليشيات المتمردة من ميناء الحديدة، يهدف إلى إحداث تغيير مسار الحرب.
بيد أن ذلك الهجوم ما لبث أن توقف في يوليو لإفساح المجال أمام إجراء محادثات السلام. لكن ممثلي الحوثي رفضوا الانضمام إلى المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف في سبتمبر مما أدى إلى تجدد القتال. ومن المؤكد أن الحوار أفضل من الحرب، غير أن المفاوضات الجادة تتطلب شركاء ملتزمين بإنجاز حل سلمي للازمة.
وبينما يتكشف لمارتن غريفيث، مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن، أن الحوثيين لا يبالون بحضور الاجتماعات، يبدو أنهم مدركون لحقيقة أن الحروب الأهلية غالباً ما تكون طويلة الأمد وأن معظم الصراعات في العصر الحديث انتهت بانتصار حاسم من جانب واحد.
وتتمثل استراتيجية الحوثي في السعي لتحقيق النصر بالتزامن مع تقويض عزيمة التحالف العربي من خلال الرأي الدولي المعاكس. حيث إنهم يدينون سلوك الحكومات العربية التي تواجههم بينما يقومون بنشر الصواريخ التي تقدمها لهم إيران، والطائرات بدون طيار إضافة لنشر الألغام الأرضية سعياً منهم لتحقيق النصر في ساحة المعركة. ولذا، فإن هكذا نتيجة، لن تكون في مصلحة الولايات المتحدة وستزيد فقط من بؤس اليمن بدلاً من تخفيفه.
وباستدعاء أحداث الحادي عشر من سبتمبر من الذاكرة البعيدة لمعظم الأمريكيين، ينسى الكثيرون بأن اليمن كانت أيضاً ساحة انطلاق رئيسة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. ففي شهر أغسطس الماضي، قتل صانع القنابل للقاعدة، إبراهيم العسيري، بغارة جوية أمريكية. وقد خطط العسيري لعدة هجمات ضد أهداف في شتى أنحاء العالم، بما في ذلك محاولة "انتحاري الملابس الداخلية" تفجير طائرة ركاب فوق مدينة ديترويت الأمريكية في ديسمبر 2009. كما قُتل حوالي 2000 من عناصر القاعدة في اليمن على مدى السنوات ال17 الماضية.
وسيكون من المؤسف لو أن الانقسامات الداخلية في اليمن والتي مكنت القاعدة من إقامة موطئ قدم له هناك، تمهد الطريق أمامه مجدداً لإعادة تجميع صفوفه. ولن يصبح الشرق الأوسط أكثر أمناً في حال تحول اليمن غير المستقر الذي يسيطر عليه الحوثيون إلى قاعدة لتهديد جيرانها بدعم من إيران.
إن توطيد سيطرة الحوثيين على أي جزء من اليمن سيؤدي بلا شك، إلى زعزعة الاستقرار مثل صعود حزب الله في لبنان. ومثلما انتهى المطاف بحزب الله بدعم نظام الأسد في سوريا بعد نجاته من الحرب الأهلية في لبنان، يمكن للحوثيين أن يصبحوا القوة الهدامة الرئيسة في منطقة الخليج.
من جانبها، فإن لدى إيران الكثير لتربحه من خلال تأجيج الحرب في اليمن. فحتى لو لم ينتصر الحوثيون، فإن طهران ستحظى بأفضلية إقليمية بتكلفة قليلة نسبياً، وستتحمل شريكتها في الخليج، قطر، بعض النفقات.
كما أن الحرب تبقي منتقدي إيران الإقليميين في المنطقة منشغلين، وبالتالي، توفر إمكانية لبناء نظام بديل جديد في شبه الجزيرة العربية.
ولكن من منظور الولايات المتحدة، فإن ارتماء اليمن في احضان إيران، سيعمل على توسيع التهديد الذي تمثله طهران لمصالح الولايات المتحدة. وإذا ما كان هنالك طرف يجب أن ينتصر في الحرب الأهلية في اليمن، فسيكون من مصلحة الولايات المتحدة أن يكون الحكومة الشرعية المدعومة من حلفاء أمريكا بدلاً من الحوثيين المدعومين من إيران.
ولذا، من الأجدر للحكومة الأمريكية أن ترمي بثقلها وراء جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة، شريطة ألا تكون المحادثات بمثابة غطاء للحوثيين للإبقاء على استمرار الحرب الأهلية في اليمن لسنوات. وفي كلتا الحالتين فإن الولايات المتحدة سوف تقصر أمد الحرب من خلال الاضطلاع بدور محدد على نحو واضح، بدلاً من صرف الأنظار عن الأحداث الجارية في اليمن.
والناحية المثلى هو أن يؤدي الدعم الأمريكي المستهدف إلى خلق ظروف من شأنها أن تدفع الحوثيين إلى إعادة النظر في شراكتهم مع إيران والدخول في مفاوضات جادة. أما السيناريو الأسوأ لما سيحدث للحوثيين -وهو الأفضل بالنسبة للولايات المتحدة- فسيتمثل في إيجاد نهاية حاسمة لسفك الدم المستمر بما لا يترك مجالاً لوكلاء إيران التحكم والسيطرة على اليمن.
* مجلة "ذي أميركان انترست"
** حسين حقاني: مدير شؤون جنوب ووسط آسيا لدى معهد "هيدسون" الأمريكي، سفير باكستان لدى واشنطن في الفترة من 2008 إلى 2011.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.