قرر العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز مساء أمس اعفاء نائب وزير الدفاع الامير خالد بن بندر من منصبه بعد 45 يوما من تعيينه في تغيير هو الرابع من نوعه في هذا الموقع خلال 15 شهرا.البديل نت واعلنت وكالة الانباء الرسمية ان الملك قرر اعفاء الامير خالد بن بندر من منصبه بناء على «ما عرضه علينا ولي العهد وزير الدفاع» الامير سلمان بن عبد العزيز. ولم يشر البيان الى ان القرار صدر بناء على طلب المعفي كما درجت العادة. ولم يلحظ قرار الاعفاء تعيين بديل للامير خالد بن بندر.
يذكر ان الملك عين الامير خالد الذي كان اميرا للرياض في منصب نائب وزير الدفاع في 14 ايار الماضي. وقد صدر امر ملكي باعفاء الامير فهد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن من منصبه نائبا لوزير الدفاع وتعيين الامير سلمان بن سلطان مكانه في مطلع اب 2013.
كما كان الامير خالد بن سلطان اعفي من منصبه نائبا لوزير الدفاع في نيسان 2013.
وأصدر العاهل السعودي في الاشهر الاخيرة عدة قرارات غيرت مواقع شخصيات مهمة في اسرة آل سعود الحاكمة.
فقد اقال الملك عبدالله مؤخرا الامير بندر بن سلطان من منصبه في رئاسة المخابرات، كما عين الامير مقرن بن عبدالعزيز وليا لولي العهد.
وخلفا لعبدالله الربيعة، الذي اقيل من منصبه كوزير للصحة، في خضم انتشار موجة من الخوف بسبب انتشار الفيرس الذي تعتبر السعودية البؤرة الاولى له.
واتى الامر الملكي غداة مؤتمر صحافي للربيعة اكد فيه ان انتشار الفيروس في المملكة لم يصل الى مستوى الوباء.
وتاتي هذه التغييرات في ظل محاولة للملك السعودية الترتيب لنجله متعب ليكون ملكا للسعودية في المستقبل وفق تفاهمات اجراها مع اهم الامراء المؤثرين في الاسرة الحاكمة.
وجاء تعيين الأمير مقرن وليا لولي العهد السعودي والتغييرات الاحقة خطوة أولى نحو معالجة واحد من أكبر التحديات التي تواجه الأسرة الحاكمة منذ 50 عاما وتفادي أزمة محتملة في الخلافة بالمملكة.
وتقترب أسرة آل سعود الحاكمة بسرعة من اللحظة التي يجب أن تقرر فيها كيف ستقفز من جيل أبناء الملك عبد العزيز مؤسس المملكة إلى جيل أبنائهم وأبناء إخوتهم، وهي عملية تحفها الصعوبات.
وترى الأسرة نفسها الآن على أنها تحكم جزيرة نادرة من الاستقرار في منطقة مشتعلة بالصراعات والخلافات السياسية وتواجه تحديات سكانية وشيكة مما يجعل هذا القرار أكثر إلحاحا.
ويقول الكاتب “خالد المعينا” في مقال بصحيفة سعودي جازيت اليومية التي تصدر بالإنجليزي: ”لا يوجد بديل. لا يوجد خيار. يجب أن يكون هناك وضوح وتعامل سليم مع مسألة الخلافة.”
ورغم الحرص الشديد على إبقاء أي نوع من التنافس على السلطة بين فروع سلالة الملك عبد العزيز خلف أبواب القصور الملكية يقول سعوديون لهم صلات بالأسرة الحاكمة إن بعض أعضائها قلقون من تهميشهم.
لكنهم يحرصون على تجنب صراع داخلي شامل على السلطة على غرار ذلك الذي سبق أن أسقط أسرتين سعوديتين حاكمتين في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر كما يحرصون على منع تكرار حالة الشلل الإداري التي أصابت البلاد قبل 18 عاما حين أقعدت جلطة الملك فهد دون أن ينقل صلاحياته رسميا لغيره.
وقال “جوزيف كتشيتشيان”، المؤرخ المتخصص في شؤون الممالك الخليجية: “هذا ترتيب للبيت لأن الملك وولي العهد متقدمان في السن وليسا في أفضل حال صحيا. وبالتالي فهذه خطوة احترازية لضمان ألا يحدث فراغ عند الحاجة وأعتقد أن هذا مهم في حد ذاته”.
وقال مسؤولون أمريكيون إن الملك عبد الله بدا في حالة جيدة وأجرى مناقشات مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما على مدى ساعتين متصلتين مساء الجمعة على الرغم من أنبوب الاوكسجين الذي كان موصولا بأنفه. لكنه قلما يظهر في مناسبات عامة او يعقد اجتماعات رفيعة المستوى مع زعماء أجانب.
ويبلغ ولي عهده الأمير سلمان من العمر (78 عاما) أما الأمير مقرن الذي أعلن تعيينه وليا لولي العهد يوم الخميس فيعتقد أن عمره 69 عاما.
ومع اصطفاف الأمراء يوم الأحد لمبايعة الأمير مقرن تحت ثريات قصر الحكم في الرياض في صور بثتها وسائل الإعلام الرسمية زخرت الصفحات السعودية على مواقع التواصل الاجتماعي بالشائعات عن مزيد من الخطوات.
ويتجاوز تعيينه الامتياز الخاص بولي العهد الأمير سلمان في اختيار ولي عهده حين يتولى الحكم وقد أثار تكهنات بشأن اتفاق أوسع بين الأجنحة المختلفة للأسرة الحاكمة.
وعلى مدى العامين المنصرمين أجرى الملك عبد الله سلسلة من التعيينات ورقى الكثير من الأمراء الشبان بينهم أبناؤه لمناصب كان يشغلها فيما سبق أعضاء أكبر سنا من أسرة آل سعود في محاولة على ما يبدو لتشكيل فريق جديد للحكم.
ومن هؤلاء الشبان ابنه الأمير متعب بن عبد الله الذي يقود الحرس الوطني السعودي وابن اخيه الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية وهما يعتبران أقوى مرشحين من جيلهما لحكم المملكة في المستقبل.
ويأمل بعض السعوديين الآن أن يكون قرار تعيين الأمير مقرن بداية لحوار عن كيفية الانتقال إلى مرشح ملائم من الجيل التالي بما يئد مناقشات محتملة مثيرة للانقسام بشأن الخلافة.
وقال المعينا “سيجلب هذا المزيد من راحة البال. إذا كان هناك اتجاه واضح فإنني أعتقد أن الناس سيرحبون بهذا”، مضيفا أن إدارة الانتقال بين الأجيال تتطلب فطنة سياسية كبيرة.
وللمرة الأولى منذ الستينيات لا يستطيع معظم السعوديين التكهن بأي درجة من اليقين بأسماء الأمراء الثلاثة أو الأربعة التاليين في التسلسل غير الرسمي للحكم.
ويعد الملك عبد الله وولي العهد الأمير سلمان آخر عضوين نشطين بالأسرة الحاكمة من مجموعة من الأمراء أطاحوا بالملك سعود عام 1964 لصالح الملك فيصل ليؤسسوا مبدأ انتقال السلطة من أخ لأخيه.
ولم تأت على المجموعة التالية من الأمراء بعد لحظة مماثلة توحد المواقف ويخشى البعض أن يؤدي الانتقال في نهاية الأمر إلى الجيل القادم إلى زعزعة استقرار ميزان القوى بين الفروع المختلفة لأسرة آل سعود.
وإذا تمكنت الأسرة الحاكمة من إبرام اتفاق داخلي الآن فقد يساعد في تشكيل جبهة موحدة في لحظة تواجه فيها المملكة تحديات خارجية اكبر من أي وقت في التاريخ الحديث إذ تسود الحرب والفوضى السياسية أرجاء العالم العربي.
وقد تكون فكرة جيدة أيضا حل أي خلافات داخل الأسرة الحاكمة في الوقت الحالي بينما تستفيد البلاد من ارتفاع أسعار النفط وفوائض الميزانية على مدى سنوات متعاقبة واحتياطيات النقد الأجنبي البالغة 717 مليار دولار مما يتيح للملكة مواصلة الإنفاق بسخاء على برامج اجتماعية.
ويعتقد اقتصاديون أن من المرجح أن تضطر حكومة مستقبلية لاتخاذ قرارات لن تحظى بشعبية بشأن الدعم والأعداد الكبيرة من الموظفين في القطاع العام للحفاظ على دوران عجلة اقتصاد البلاد.
وأشار محللون إلى إعلان أن هيئة البيعة وافقت على تعيين الأمير مقرن وهي هيئة من أفراد الأسرة الحاكمة أنشأها الملك عبد الله عام 2006، للمساعدة في صياغة عملية الخلافة.
وتتكون من 40 فرعا يمثلون سلالة الملك عبد العزيز، مما يعني أنه حتى لو كان الأمراء من فرع أو اثنين فقط هم المرشحون المرجحون لمنصب الملك يظل لبقية أفراد الأسرة الحاكمة نفوذ.
ويقول سعوديون مطلعون إن الحصول على موافقة الأسرة على المضي قدما في تعيين الأمير مقرن قبل وفاة الملك عبد الله ربما يكون انطوى على مفاوضات مطولة ومعقدة.
وتساعد القواعد التي تحكم هيئة البيعة على استقرار العملية لكن كثرة الفروع المشاركة من الأسرة يمكن أن تنطوي على صعوبات في حد ذاتها، إذ ينبغي مراعاة عدد كبير من المصالح.