لتصلك أخبار"اليمن السعيد"أولاً بأول اشترك بقناة الموقع على التليجرام انقرهنا «ليلة غير متوقعة».. هكذا أستطيع أن أصف الليلة الثالثة من ليالي مهرجان فبراير الكويت، أحياها وائل كفوري وبلقيس فتحي وماجد المهندس، ثلاثي شبابي، ولكنه رومانسي وهادئ.. ولكنني كنت مخطئاً، إذ ظننت أن هذا الثلاثي سيقدم ليلة باردة الأعصاب ستكون تحضيراً لليلة الختام، ولكن الثلاثة كسروا توقعاتي وقدّموا ليلة لم تخطر على البال، بدأها كفوري قوية ساخنة وتابعت سخونتها بلقيس وختم حرارتها المهندس. أحمد ناصر - بدأت الليلة غير مزدحمة على عكس الليالي السابقة، ربما لأن جمهور وائل في الكويت لا يغطي الصالة كلها، ولكن من غاب عن وصلته فاته فرح وطرب، من اللحظة الأولى عندما وقف على الخشبة قلت في نفسي إنه يحضّر لشيء في نفسه وكأنه كان يخفي شيئاً في جاكيت بدلته داكن اللون، كان يتحدى الجمهور بليلة جميلة! من يصدق أن وائل كفوري يتحدى الجمهور ويقدم ليلة ساخنة وهو الفتى المدلل الذي تحبه الفتيات لأنه ناعم، ولكن هذه الحسابات لم تكن صحيحة.. وائل كان شيئاً مختلفاً.
بعد منتصف الليل - عندما تطل عليك بلقيس فتحي بثوب أصفر وأقراط تبرق كالشمس بعد منتصف الليل فأنت إنسان محظوظ، إذا كان رأيي شخصياً جداً.. فالتصفيق الحاد من جمهور ملأ قاعة البركة يوافقني الرأي، هو، أيضاً، يشعر بأنه محظوظ أيضاً، تخيل سهرة بعد منتصف الليل مع بلقيس، هذا في حد ذاته حالة مميزة وليلة مختلفة. لبلقيس قبول في النفوس لا يوصف، ولكنني لا أستمتع بصوتها، تغني من جيوب أنفها الداخلية، «تخنخن» كما نقولها بالعامية الكويتية، ومع هندسة الصوت السيئة في الصالة ازداد صوتها سوءاً، أغنيتها الأولى لم أفهم منها سوى كلمات البداية واسم بوتركي صاحب الطبل الذي تناديه باستمرار، الزين لا يكتمل.. أليس هذا ما يقال في الوطن العربي؟ رأي - للجمهور رأي آخر يختلف تماماً عن رأيي في صوت بلقيس، كان معظم الحضور يغني معها باستمتاع كبير، كانوا يحفظون أغانيها ويرددونها وكأنهم هم الذين يحيون الحفل، على الأقل كانوا يريحوننا من خنخنة بلقيس، فهم يغنون بصوت واحد منظم ورتم قوي ثقيل وتناغم رائع وأداء موحّد، كأنهم فرقة تتكون من ألف شخص! هذا النجاح لم أره من قبل إلا قليلاً، يجب أن أعترف أن وصلة بلقيس كانت ناجحة جداً. استخدمت بلقيس أسلوبها في الأعراس، كنت أشعر وأنا أشاهد الفتيات من حولي وكأننا في زفاف.. هكذا تخيلت الأمر، وكانت بلقيس تتقن فن التعامل مع الحضور، فلم تقف جامدة أمام الميكروفون كما فعل وائل.. بل كانت تتحرك وتتحدث مع الجمهور وتناديهم، هذه الحركة زادت من تفاعلهم معها، وهذا هو الأسلوب الصحيح في الحفلات الغنائية أن يتفاعل الفنان مع الجمهور لأنه يغني على الهواء وليس تسجيلاً. أين العدني؟ طوال السهرة وأنا أنتظر أن تغني بلقيس من العدنيات، ولكنها للأسف الشديد لم تفعل! خيبت ظني وأماتت أمنيتي.. بلقيس من مدرسة المكلّا أجمل وأقوى مدارس الغناء العدني، وكان جميلاً لو قدّمت أغنية واحدة منها للجمهور، غنت «عراقي» وهيّجت الجمهور بها، ماذا عليها لو أتحفتنا بواحدة من روائع والدها أو المحضار أو العدنيات المشهورة، الجمهور الكويتي يعشق العدنيات، ومع ذلك كانت بلقيس ملكة يمانية في الحفل. لحظة سكون - ماجد المهندس لم يخيب ظني، توقعت أن يكون تقليدياً وكلاسيكياً كما عرفته في كل الحفلات التي حضرتها له، ختم الليلة الجميلة بهدوئه، ولكنه ساير وائل وبلقيس في ثورتهما الفنية، ولكن غلب عليه طبعه فكان هادئاً في أغلبية أغانيه، فقدم وصلة ناسبت حالة السكون التي يكون عليها الكون في ساعات الليل الأخيرة. امتلأت صالة البركة بالرغم من تأخر الوقت، كان معظم الجمهور من النساء، أغبطك يا ماجد المهندس على حب الصبايا لك، كان صوته يحمل شجناً ككل الأصوات العراقية، نقل هذا الشجن إلى الجمهور، فعشنا معه وكأننا في حالة حب يعاني من فراق حبيبه، حالة حب قديمة وغير جيله (تعوّر القلب) أخرجنا منها، ولكنه يعود إليها مرة أخرى، لا يستطيع الهروب منها لأنها طبع في صوته ومهارته الغنائية. بعد ثورة كفوري وبلقيس نجح المهندس في تسكين الروح في مكانها وإعادة القلب إلى رشده، غنى للوطن العربي والعرب وكأنه يحمل في قلبه هماً.. لا أعتقد أن جملتي التي كتبتها في مكانها! إنه بالفعل يحمل هماً في قلبه وليس اعتقاداً أو خيالاً، وأين العراقي الذي لا يحمل هم بلده هذه الأيام؟ كرر «العراق يا وطنّا» وكأنه يرجو أن يعود هادئاً سالماً جميلاً. المهندس كان ساكناً هادئاً، ولكنه كان صادقاً في غنائه، فكانت وصلته مختلفة رقّصتنا وأبكتنا وإن كان كل من في السهرة يضحك ويصفق. طرائف من الحفل - طلب كفوري الماء مرات عدة، ولكن لم يلتفت إليه أحد. طلبت بلقيس ستاند للميكروفون وظلت تمسكه بيدها. «نسور الإعلام» المراقبون اختفوا من الحفل، ربما غيّروا مكانهم. القهوة خارج القاعة كانت أجمل رفيق بعد منع التدخين. انقسم الزملاء الصحافيون في اختيار الأفضل من الفنانين.. ففازت بلقيس لأن عدد الشباب الصحافيين أكثر من الفتيات. من أغاني الحفل بلقيس - مجنون - مبروك - أمبيه - ارجع ياكل الحب (عبدالكريم عبدالقادر) - أمت أمت - يوي يوي - يا فهد. ماجد المهندس - الكويت - أنا بلياك - يا حب ياحب - على مودك - بسم الله على قلبك - سامحت جرحك - أعلن انسحابي. وائل كفوري - ما رجعت انت - عمري كلو - مددلتي- لو حبنا غلطة - صار الحكي بوتركي - كانت بلقيس تنادي بوتركي صاحب الطبل في كل أغنية تقريباً، فصار الاسم لزمة بين الشباب في الحفل، ينادون بعضهم بعضاً «بوتركي»، واشتهر هذا الشاب الأسمر من أعضاء فرقة بلقيس في الحفل أكثر من غيره. أمنية - تمنيت لو أن بلقيس تمنت السلام لليمن، وأن يعم كل أنحاء الوطن العربي، وأن تقدم للجمهور ولو فاصلاً طربياً قصيراً من الغناء اليمني الجميل. مدرسة السلام - شاركت مدرسة السلام للبنات في السرة بالفقرة الأخيرة من وصلة بلقيس، وأهدتها الطالبات أغنية خاصة تعبيرا عن شكرهن لمشاركتها في احتفالات الكويت، وشارك الجمهور مع الطالبات وبلقيس في غناء الفقرة الأخيرة، وحازت على إعجاب الحضور.