كشفت صحيفة القدس العربي اللندنية عن وجود مؤشرات على تغير السعودية في سياساتها المجافية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الذي قالت أنه مصر على البقاء باليمن والحضور السياسي عبر اكبر مؤسسة اعلامية خاصة يمتلكها باليمن. وأرجات الصحيفة الصادر من لندن سبب التغير الكبير في سياسة السعودية العدائية لصالح- الذي قالت انه تحول من رئيس إلى زعيم الذي كان حليفا قديما لها - إلى اتساع رقعة التمدد الحوثي والقاعدي في اليمن وماله من مخاوف على ذلك التمدد التي ترى ان المخلوع استطاع كبح جماعه خلال فترة اكثر من خلفه الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي. وقالت الصحيفة في مقال لكاتبها محمود معروف أن :"لا احد يعرف ماذا يريد الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي اصبح انصاره يطلقون عليه اسم الزعيم وهو المصر على الحضور اليومي بالمشهد السياسي اليمني. منذ عودته من علاج اصابات نتجت عن استهدافه بجامع النهدين داخل دار الرئاسة، وهو في حركة مستمرة، حضور دائم في الاعلام، ليس دفاعا عنه او هجوما عليه، بل حدثا يصنعه، او تسريبات عنه وحوله. وعندما لا يكون الحدث، يخرج الى الاسواق وتلتقط له الصور. وفي الذكرى الثانية للثورة تردد انه اتصل بالشباب بالساحات وعدد من قادة الاحزاب يهنأهم بالذكرى ويحذرهم من سرقة ثورتهم ثم عرض هداياه واثار استهدافه في مسجد الصالح القريب من دار الرئاسة بالاضافة الى تأسيسه مؤسسة اعلامية (يمن تودي) كاقوى مؤسسة اعلامية متكاملة باليمن (قناة تلفزيونية وصحيفة ومواقع الكترونية). عمل صالح بجهد للبقاء بدار الرئاسة التي بقي بها اكثر من 33 عاما، قاوم وتهرب من التوقيع على المبادرة الخليجية اياما طويلة، والان يقاوم ويتهرب من مطالب مغادرته البلاد او اعتزاله العمل السياسي، لان نشاط صالح السياسي، بالنسبة لعبد الملك المخلافي، يتناقض مع الحصانة التي منحها من البرلمان. لا احد يعرف ماذا يريد، الا هو، انصاره وهو ايضا يقولون انه مواطن يمني يعيش في بلده ويمارس حق المواطنة برئاسته لحزب المؤتمر الشعبي الشريك بالحكومة والحكم، ورئيس الحكومة محمد سالم باسندوة في هجوم شرس عليه قال لنا ان صالح يناكف ويريد ان يهدم المعبد على من فيه ويريد ان يقول لليمنيين اندموا على ايام حكمتكم بها. ويسجل ايجابا للرئيس السابق علي عبد الله صالح تركه للحكم باقل الخسائر، واصبح منذ 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 رئيسا سابقا يعيش في بلاده خارج السجن وهي ليست سنة عربية. واذا كانت تجربة صالح بالحكم وشخصيته، لعبت دورا هاما في تحاشيه مصير معمر القذافي او حسني مبارك او على الاقل زين العابدين بن علي، فانه ايضا جنب بلاده مصير سوريا التي لا زال الدمار يضربها وابنائها يسقطون ضحايا. ولعلها الحكمة اليمنية، التي استولت على الجميع، لكن وضع عبد الله صالح الحالي يصعب استمراره، والمعارضة تلح ليس فقط على ابتعاده عن العمل السياسي من خلال تركه لرئاسة المؤتمر الشعبي، بل تطلب خروجه من البلاد، على الاقل خلال المرحلة الانتقالية تجنبا للتشويش الذي يقوم به. ومطلب المعارضة قدم بشكل رسمي اثناء اجتماع مجلس الامن بصنعاء يوم 28 كانون الثاني/ يناير الماضي في بيان معلن وهو ما استجاب له مجلس الامن ببيانه الرئاسي الاسبوع الماضي والذي وصف صالح كمعرقل للمصالحة اليمنية وانطلاق الحوار الوطني. ويقول جمال بن عمر ممثل الاممالمتحدة ان 'عملية نقل السلطة يجب أن تكون كاملة، وهذا ما تم الاتفاق عليه، وخلال هذه المرحلة يتم تقاسم للسلطة ما بين الأطراف من خلال تشكي لحكومة وفاق وطني، لكن تم انتخاب رئيس جديد، وهذا الرئيس تم انتخابه وبإقبال كبير على صناديق الاقتراع، كانت هذه رسالة واضحة من طرف اليمنيين للجميع، اليمنيون يريدون التغيير، الشعب يريد التغيير، ويريد طي صفحة الماضي'. وانباء 'الزعيم' ليست رسمية، لكنها كثيرة، وتتداول المقايل الصنعانية انه اقترح نفسه رئيسا لمؤتمر الحوار الوطني، ثم انباء عن رئاسته لوفد المؤتمر الشعبي في جلسات الحوار، وهو ما رفضته المعارضة فورا ويقول حزبه ان للحزب الحق باختيار من يمثله ويرأس وفده، لكن واثناء مناقشة مجلس الامن الاسبوع الماضي للوضع باليمن، تحدثت اوساط حزب المؤتمر عن ترتيبات لخروج صالح لاستكمال علاجه. واذا كان انصاره وخصومه يستبعدون تفكير صالح بالعودة لدار الرئاسة، فان خصومه يتحدثون عن ان التوريث لا زال يشغله وان طموحه بتولي نجله احمد قائد الحرس الجمهوري لا زال يهيمن على تفكيره ولا يريد الخروج قبل تحقيق ذلك بدءا بتولي احمد رئاسة المؤتمر الشعبي ثم خوضه الانتخابات الرئاسية القادمة. وتبقى مسالة الحصانة التي منحها البرلمان اليمني للرئيس السابق اشكالية امام تحديد اختياراته، فالحصانة لا تعني عدم متابعته خارج اليمن ومناهضيه يعدون ملفاته للمطالبة بمحاسبته على فترة حكمه واساسا على الضحايا الذي سقطوا ابان الثورة. وحاولت العديد من الاطراف ضمان الحصانة له في المانيا لكن برلين رفضت حتى استقباله، اما ايطاليا فقبلت استقباله بدون حصانة، وتردد ان ابنه احمد اجرى خلال الشهر الماضي محادثات تفصيلية في برلين وروما ولم يصل الى نتيجة ايجابية، خاصة ان اي طرف دولي لم يقدم ضمانات لهذه الحصانة فيما استبعدت دبي رغم وجود عددا من افراد عائلته هناك او اثيوبيا التي ابدى في وقت سابق رغبته الاقامة بها. ويقول جمال بن عمر 'الأممالمتحدة لم تكن أبدا طرفا في موضوع منح الحصانة لعلي عبد الله صالح الرئيس السابق، ومن عمل معه. موقف الأممالمتحدة من موضوع الحصانة واضح، وعبرت عن هذا الموقف في مجلس الأمن، وفي تصريحات مختلفة.' ويوضح 'الأممالمتحدة لا تؤيد أي حصانات مطلقة. قرار مجلس الأمن في الحقيقة لا يدعم أي حصانة مطلقة.' وتبقى السعودية خيارا، وبعد رفضها، بعثت الرياض اشارة ايجابية تجاه 'الزعيم' بايفاد صحافي اجرى حوارا مطولا مع صالح وتحقيق عن متحفه واثار الانفجار الذي استهدفه ومسقط رأسه.