أطلقت السلطات الأمنية في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون حملة غير مسبوقة، استهدفت العشرات من المنتمين إلى الديانة البهائية، ودعت منظمة العفو الدولية إلى الإفراج عن 27 من أتباع الطائفة الذين تم احتجازهم قبل أكثر من أسبوع، إثر مداهمة مقر كانوا يجتمعون فيه. ووصفت المنظمة هذا الاحتجاز بأنه “حالة صارخة من الاضطهاد بحق أقلية دينية”، وقالت في بيان لها “على جماعة الحوثي المسلحة التي تسيطر على البعض من أجزاء اليمن، أن تضمن بشكل فوري الإفراج عن الأفراد ال27 من الطائفة البهائية، والذين احتجزوا في العاصمة صنعاء لأسبوع من دون توجيه أي اتهام رسمي إليهم”. ووفقا للمنظمة الدولية فقد قام مسلحون يتبعون جهاز الأمن القومي (الاستخبارات) في العاشر من أغسطس الجاري ب”اقتحام ورشة عمل شبابية للبهائيين في صنعاء وأوقفوا 65 شخصا، بينهم 14 امرأة وستة أشخاص دون الثامنة عشرة من العمر”، قبل أن يفرجوا عن عدد منهم في وقت لاحق، لتطال الاعتقالات أشخاصا آخرين. وفي تصريح ل”العرب” وصف عبدالله العلفي وهو أحد أبناء الطائفة البهائية في اليمن، علاقة البهائيين بالسلطات المتعاقبة في اليمن بأنها ضبابية وغير واضحة، قائلا إن أبناء هذه الطائفة تعرضوا لموجات من الاستهداف والملاحقة، بدأت في العام 2008 حيث اعتقلت الأجهزة الأمنية عددا من البهائيين اليمنيين والمقيمين، وانتهت الحملة بترحيل عدد من المقيمين مع عائلاتهم، وبحسب “هيومن رايتس ووتش” فقد قام عناصر من الأمن القومي في يونيو من العام 2008 باعتقال ثلاثة من البهائيين في صنعاء، كانوا يحملون جوازات سفر إيرانية، كما اعتقلوا بهائيا رابعا، كان يحمل جواز سفر عراقيا، ويقول العلفي إن الحملات عاودت في العام 2013 حيث تم اعتقال الناشط البهائي حامد بن حيدرة، غير أن الاعتقالات التي طالت أتباع هذه الديانة، بلغت ذروتها عقب سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر 2014 باعتقال ناشطين اثنين في العام 2015. وأضاف الناشط البهائي اليمني عبدالله العلفي أن الأيام الماضية شهدت تحولا حادا، حيث تحولت الاعتقالات من فردية إلى جماعية، وذلك من خلال مهاجمة مقر مؤسسة تتبع أحد البهائيين اليمنيين واعتقال كل من كان متواجدا فيها. وعن العلاقة التي تربط البهائيين بالجماعة الحوثية، أشار العلفي إلى أن “بعض القياديين في الجماعة يؤمنون بحرية العقيدة ويستنكرون بشدة ما قام به الأمن القومي”، لافتا إلى أن”الأغلبية من الجماعة الحوثية تعتبر البهائية دخيلا ماسونيا ويجب إيقافه بحجة أن اليمن في حالة حرب”. وبينما رفض العلفي الإفصاح عن موقعه في الديانة البهائية في اليمن معتبرا أن “الوضع لا يسمح بإعلان الصفات”، تحدث ل”العرب” عن طبيعة التكوينات البهائية ووجود مكون رسمي للديانة في اليمن بالقول “جميع البهائيين في العالم يرتبطون ببعضهم البعض تحت مظلة بيت العدل الأعظم، وفي كل دولة يوجد محفل مركزي ينتخبه البهائيون كل سنة، هذا المحفل ليس كهنوتيا إنما هو إداري، مهمته إدارة شؤون البهائيين، وربطهم بالعالم البهائي”. وعن عدد المنتمين إلى الديانة البهائية في اليمن، قال العلفي إن عددهم يزيد عن الألفين في عموم اليمن، 75 في المئة منهم من الجامعيين، وهو الأمر الذي يتناقض مع إحصاءات شبه رسمية تقول إن عددهم لا يتجاوز المئات. وفي رده على سؤال ل”العرب” عن طريقة الانضمام إلى ديانتهم أجاب “البهائيون في عقيدتنا نوعان؛ الأول يؤمن برسالة بهاء الله ويصلي صلاة البهائيين ويلتزم بشريعتهم والمبادئ التي أمر بهاء الدين، والثاني يؤمن بمبادئ البهائيين، ويتصف بسلوكهم دون أن يكون مؤمنا برسالة بهاء الله، والأول يمتاز على الثاني بالمشاركة في الانتخابات البهائية، بينما يحرم البهائي”إداريا” إذا تبين أنه لم يلتزم بالمبادئ الأساسية. ويتهم بعض المراقبين، الحوثيين بأنهم قاموا بالتضييق على الطائفة البهائية، تماهيا مع ما تقوم به سلطات نظام طهران ضد البهائيين في المجتمع الإيراني، وذلك انطلاقا من حالة القمع وتضييق الخناق التي يواجه بها أبناء هذه الديانة في إيران التي تعتبر الموطن الفكري الأول للبهائيين، والذين يتخذون اليوم من مدينة حيفا في إسرائيل مقرا عالميا لهم منذ 1868، وهو أحد أسباب اتهام البهائيين بالعمالة لصالح اليهود عبر التاريخ. ودعت نائبة مدير منظمة العفو في الشرق الأوسط، الحوثيين إلى التوقف عما اعتبرته “تحرشهم بالأقليات واحترام الحق بالحرية الدينية”، وقالت ماغدالين المغربي إن التوقيفات الاعتباطية للبهائيين لمجرد القيام فقط بحضور حفل سلمي، هي ممارسات غير مبررة على الإطلاق، وتعتبر انتهاكا للحريات الفردية والدينية وقد شهد نوفمبر من العام 2015 تصاعد أنشطة البهائيين في اليمن والبدء بالإعلان عن تواجدهم بشكل رسمي، بعد أن كانوا يعملون بشكل سري، ويزعم البهائيون أن ديانتهم دخلت اليمن في القرن التاسع عشر، وتحديدا في عام 1844م، عندما قام أحد مؤسسي البهائية المدعو علي محمد الشيرازي، المعروف ب”الباب” بالتوقف في ميناء “المخا” على البحر الأحمر. وعلى الرغم من وجود تقارير تتحدث عن ظهور البهائية في مدينة عدن بجنوب اليمن في الخمسينات من القرن الماضي، إلا أنه ومن المؤكد، أن هذه الديانة التي تحاول إيجاد موطئ قدم لها في اليمن، لم تتمكن حتى الآن من تجاوز الحالة النخبوية، وبعض الأوساط الضيقة، ولم تستطع النفاذ إلى عمق المجتمع اليمني. ويعتنق معظم سكان اليمن الدين الإسلامي بمذهبيه الرئيسين الشافعي والزيدي، إضافة إلى وجود أعداد من أبناء الطائفة الإسماعيلية، وشهدت محافظات شمال الشمال في السنوات الأخيرة انتشارا ملحوظا للمذهب الإثني عشري “الشيعي” بين صفوف الحوثيين الزيديين، كما هاجر من تبقى من يهود اليمن إلى إسرائيل والولايات المتحدة. وتتحدث العديد من التقارير عن نشاط ملفت للتبشير المسيحي، وخصوصا بين صفوف المتعلمين في السنوات الماضية، كما تنشط الجماعات السلفية والصوفية المختلفة على الأراضي اليمنية.