مجلس النواب يدعو الحكومة للاضطلاع بواجبها وبسط نفوذ الدولة.. والحكومة تقف أمام معارك "العصيمات وعذر" وتدعو لتحكيم العقل.. ورئيس الجمهورية يؤكد بدوره على دور العقلاء والمشايخ لوقف الاختلالات في القفلة ووادي دنان.. وفي الوقت الذي تستمر فيه الانهيارات الأمنية والأخلاقية من استبساط القتل إلى زواج الصغيرات بالإكراه ترتفع صرخات 600 صياد يمني في سجون إريتريا إلى واجهة الموفنبيك. * أما أبناء تهامة فيكررون نفس تعبيرات الدهشة من هذه الميوعة السياسية التي تضرب كل مفاصل العمل والقرار.. حتى بدا اليمن متحفاً لصلف الصغير قبل الكبير.. وإجمالاً فإن حقائق الأمور تقول إنه ليس عندنا دولة، وأن الموجود هو فقط مجموعة مؤسسات معطلة يقودها مسؤولون مشدودون إلى مصالحهم، وسط قناعة بأن أحداً لن يسأل أو يحاسب، وعلى المتضرر أن يسجل وقفة احتجاجية. * والمثير للدهشة أن نفس الروح السلبية تسكن مؤسسات أهلية مدنية يفترض أنها تقوم على الطوعية وتنطلق في عملها من مفاهيم وقيم وطنية وإنسانية تنتصر لحقوق الإنسان.. لكنها تكتفي من الموقف بالفرجة على حقوق مهدورة لمواطنين يمنيين كما هو حال مئات الصيادين الذين يعيشون أقسى صنوف السجن والتنكيل في المعتقلات الاريترية، فيما المسؤولية الرسمية والأهلية في بلادهم تجسد حال الكيان البلاستيكي الذي لا يعلق به شيء من صرخات الاستغاثة. * تابع شكاوى الصيادين اليمنيين في إريتريا وستعرف معنى أن من فقد اعتباره شخص نصف مشنوق، فكيف الحال عندما يصل الأمر حد احتجاز مئات اليمنيين في غرف هي مرابض للأغنام والحمير وإجبارهم على تنظيف أنابيب الصرف الصحي وتنظيف المزابل وبناء الهناجر والأحواش والعمل في الأفران وتكسير الأحجار وهم شبه عراة، وبطعام هو عبارة عن قشور القمح. * ومما قالته المرأة التهامية أم عدنان.. اتقوا الله في عيالنا.. من يصرف علينا وسط هذا الاحتجاز الطويل الذي يفضي بعضه إلى الموت تحت التعذيب.. هل نحن في دولة؟ من يصرف علينا في غياب الأزواج والأبناء في السجون الاريترية؟ * وهنا لا بد من ترديد ذات أسئلة أهل الضحايا المحتجزين: أين الرئيس؟ أين البرلمان؟ أين الحكومة؟ أين منظمات المجتمع المدني؟ أين وزير الخارجية؟ ماذا يعمل سفير اليمن في أسمرة؟ وهل من رسائل واضحة وجهت إلى الحكومة الإريترية؟ ثم أين المؤسسات الحقوقية وأين الناشطون والناشطات، ولماذا يكونون أحياء في المغانم وفى المغارم مجرد مجاميع من المتفرجين "الأموات"؟!!