باكرا دشن رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي أولى مهامه الرئاسية العام 2012 بموجب المبادرة الخليجية بالاعتراف الرسمي بالقضية الجنوبية في أول خطاب انتخابي له في ال 19 من فبراير 2012 م. ومن ذلك التاريخ وحتى ال 18 من مارس 2013 خضع الحراك الجنوبي لهندسة جينية على مرحلتين: ا?ولى، بدأها تيار ا?خوان المسلمين بجهود غير عادية لتسفر في نهاية ا?مر عن استقطاب "الناخبي" بوصفه ا?مين العام للمجلس ا?على للحراك إلى صفوف المرحبين بمؤتمر الحوار الوطني، لكن ذلك لم يكن كافيا لتبدأ بعدها مباشرة المرحلة الثانية الخاصة بالرئيس هادي والتي أسفرت -بظرف أشهر- عن ولادة ما صار يعرف بتيار مؤتمر شعب الجنوب ، التيار الذي صار لاحقا الحامل الوحيد للقضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني بزعامة محمد علي أحمد كممثلٍ للجنوبين وسط اعتراضات لم تجد لها آذاناً صاغية. ولكون الهندسة الجينية بحاجة إلى تمويل دائم لمواجهة أية عوارض وتطورات غير محمودة فقد تحول مؤتمر الحوار الوطني على مدى سبعة أشهر إلى مؤتمر للصرافات الآلية بامتياز وظل الجنوب غارقا في قضيته حتى النخاع . هندسة الحراك الجنوبي بدأت فعليا من خلال لجنة الاتصال والتواصل التي شكلها رئيس الجمهورية ?داء مهمة واحدة تمثلت بضمان مشاركة مختلف القوى وا?طراف السياسية في الحوار الوطني سواء تلك المتواجدة في الداخل أو تلك التي كانت خارج الوطن، والرفع بتقرير إلى رئيس الجمهورية عما أنجزته من تقدم في عملية التواصل ، أعقبها تشكيل اللجنة الفنية للإعداد والتحضير للمؤتمر الحوار الوطني والتي بدأت عملها دون حسم موقف الحراك من المشاركة في المؤتمر حتى بدأت تحركات المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر داخليا وخارجيا ?قناع القيادات الجنوبية في الخارج بضرورة المشاركة في الحوار دون أية شروط مسبقة وسقف مفتوح؛ لتسفر في النهاية عن قبول وزير الخارجية ا?سبق عبد الله ا?صنج المشاركة في اللجنة الفنية للإعداد والتحضير للحوار الوطني والقبول المبدئي باسم الحراك الجنوبي للمشاركة في الحوار، وعلى الفور وجه ا?صنج لطفي شطاره بالعودة إلى صنعاء ممثلا عنه في اللجنة الفنية وتولى مهمة التنسيق مع محمد علي أحمد "بن علي " في التحضير لانعقاد مؤتمر جنوبي بعدن يضم مختلف الفصائل الحراكية رغم اعتراضات فصيلي البيض وباعوم على أهداف ومخططات بن علي الذي أفلح في استثمار وتوظيف تلك الاعتراضات بشكل منقطع النظير، وتحويلها إلى أرصدة بالعملتين المحلية والصعبة كانت تصرف من رئاسة الجمهورية والخزينة العسكرية بشكل فاق التوقعات، وأسفرت عن تمكن بن علي من تشكيل تيار ثالث للحراك الجنوبي هو " تيار مؤتمر شعب الجنوب " ولم يقتصر ا?مر عند ذلك الحد من الدعم ، إذ كانت النقاط العشرين التي جادت بها قريحة الحزب الاشتراكي اليمني ذات اجتماع للجنته المركزية ومكتبه السياسي والتي قدمها للجنة الفنية لتبنِّيها باعتبارها ا?ساس العملي لضمان إقناع الحراك الجنوبي والحوثيين بالمشاركة في الحوار الوطني. وكان له ما أراد حين أعلنت اللجنة الفنية تبنيها لتلك النقاط وتضمينها تقريرها النهائي الذي رفعته لرئيس الجمهورية لإقرارها كخطوة أولى ?بداء حسن النوايا تجاه القضية الجنوبية وقضية صعدة ، لكن هذه النقاط تحولت إلى معادلة رياضية بعد إضافة 11 نقطة أخرى عليها من قبل رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني ، حيث باتت تعرف بالنقاط ( 20 +11 ) لتبدو كعملية حسابية أخرى، أثقلت كاهل القضية الجنوبية التي أثبتت ا?يام عدم وجود حامل لها حتى اليوم، ولم تكن تلك المعادلة مغرية ل" بن علي " بقدر ما باتت تدر عملية الهندسة الجينية التي خضع لها الحراك الجنوبي من مبالغ خيالية بالعملتين المحلية وا?مريكية ، وأتاحت للرجل العائد من جحيم الهجرة القسرية إمكانية غير عادية في التحكم بمجريات ا?مور على مستوى المحافظات الجنوبية. ومطلع أكتوبر الماضي انعقدت في واشنطن حلقة نقاش خاصة بتقييم مؤتمر الحوار الوطني اليمني شارك فيها من اليمن عضو مؤتمر الحوار الوطني السفيرة أمة العليم السوسوة و مدير برنامج شمال إفريقيا والشرق ا?وسط في المعهد الديمقراطي السيد ليز كامبل ونائب مدير مركز رفيق الحريري في المجلس ا?طلسي السيدة دانيا غرينفيلد.. خلاصة ما خرجت به تلك الحلقة النقاشية هو التأكيد على أن القضية الجنوبية اختُزلت بتيار ليس له أي ثقل جنوبي " تيار مؤتمر شعب الجنوب " وتركت القضية لهيمنة رئيس التيار محمد علي أحمد معتبرة ذلك خطأً فادحاً ، ومبرر ذلك الاعتبار حد قول المشاركين في الحلقة النقاشية كون تيار محمد علي أحمد أضعف التيارات الجنوبية، وليس له أي زخم في الجنوب حتى إعلان التيار الانسحاب من جلسات لجنة ال 16 . ويبدو أن الرئاسة اليمنية تلقفت على الفور مخرجات الحلقة النقاشية، وقد وجدت فيها المخرج للحد من هيمنة بن علي الذي كثرت مطالبه وطلباته وانسحاباته من جلسات المؤتمر ?سابيع وكانت مقاطعته لافتتاح الجلسة الختامية التي عقدت بدار الرئاسة قبل أيام من عيد ا?ضحى القشة التي قصمت ظهر البعير، وبدأت مرحلة جديدة من الهندسة الجينية لمؤتمر شعب الجنوب باعتباره الحامل لملف القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار تعمل سريعا على غير العادة حتى وجد رئيس التيار نفسه وحيدا يرد على اتصالات المبعوث الدولي جمال بن عمر كما كان في البدايات التي سبقت بدء عقد المؤتمر في 18 مارس 2013 م فيما البقية أمام الصراف الآلي داخل فندق الموفنبيك يستخرجون كشوفات مصغرة لحساباتهم التي عادت إليها الحياة . بابتسامه عريضه رد أحد أعضاء مؤتمر الحوار الوطني من تيار محمد علي أحمد وفي يده كشف حساب استخرجه للتو من الصراف الآلي في "لوبي الموفنبيك " عن سؤال بخصوص عودته إلى الحوار : " كل من فصيلة دمه A سالب عاد إلى الحوار ?نه من الصعب أن نلاقي دم ببساطة ، وعلى هذا عدنا إلى الحوار " لكن عودتهم إلى الحوار لم تقف عند هذا الحد إذ سرعان ما تحرك الفريق العائد الذي يتزعمه ياسين مكاوي وهو نائب بن علي في مؤتمر شعب الجنوب للإطاحة به وتشكيل هيئة سياسة برئاسة اللواء "خالد باراس ". موقف محمد علي كان رافضا لما تقوم به ما وصفها بمجموعة مكاوي، واعتبر تلك ا?جراءات وعودتهم إلى الحوار تمرداً على ا?جماع الجنوبي وتفريطا بالثوابت الوطنية " ، وأضاف في تصريحات صحفية تناقلتها العديد من الوسائل ا?علامية أن دافعهم من تشكيل الكيان الذي وصفه بغير الشرعي تقديم تنازلات لتمرير مشاريع القوى التقليدية المرفوضة من شعب الجنوب مقابل ما تسلموه من ملايين الريالات". حوار الصرافات الآلية يكاد يكون حصريا داخل دهاليز الحوار الوطني على الشخصيات التي تتسابق لحمل ملف القضية الجنوبية ، فاتهامات بن علي لمكاوي سبقتها على مدى ا?شهر الماضية أحاديث واتهامات لبن علي بتسلم ملايين الدولارات والظفر بها لنفسه لكن الحديث عن النقاط ال 31 ومدى التزام الحكومة اليمنية بتنفيذها من عدمه يختصر في جعلها معادلة على شاكلة معادلة رياضية لطالب في الصف ا?ول ا?ساسي (20+11) والنتيجة 31 شخصية جنوبية تتصارع على زعامة الحراك الجنوبي.