واكب التحضير لحرب صعدة التحضيرات لمؤتمر الحور الوطني ففي السادس من مايو 2012 أصدر رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي قرارا جمهوريا بتشكيل لجنة الاتصال والتهيئة للحوار الوطني الشامل في اليمن للعمل على التواصل مع مختلف الأطراف اليمنية لدعوتها للمشاركة في الحوار الوطني وما إن وجهت اللجنة دعوتها إلى الحوثيين في صعدة للمشاركة في الحوار حتى خرج حزب التجمع اليمني للإصلاح عبر أحد أبرز خطبائه في شارع الستين "عبد الله صعتر" يدشن رسميا تحضيرات حزب ا?صلاح لشن حرب سابعة في محافظة صعدة ضد الحوثيين . في يوم الجمعة 14 يونيو 2012 صعد صعتر (إله الحرب في صعدة) على منبر نصب له في صعيد معسكر الفرقة ا?ولى مدرع سابقا في شارع الستين ليقول "ما حدث في أبين مرحلة أولى وعلى الدولة أن تعمل على بسط نفوذها على محافظة صعدة وإخضاعها للدولة"، كان حينها يشير إلى إعلان القوات المسلحة -وتحديدا تلك القوات التي تحركت من الحرس الجمهوري سابقا لمواجهة تنظيم القاعدة في أبين- الانتصار على القاعدة وتحرير عاصمة المحافظة "زنجبار" يوم 12 يونيو، وحين استنكرت كل ا?وساط السياسية دعوة القتال تلك خفت صوت صعتر في شارع الستين لكن التحضير لرحى الاقتتال بمنطقة دماج بين الحوثيين والسلفيين ظل مستمرا يواكب كل خطوات التحضيرات لمؤتمر الحوار الوطني وحينها كان السؤال ا?كثر حضورا في المشهد اليمني يبحث عن إمكانية جر حزب ا?صلاح للرئيس هادي إلى حرب سابعة في صعدة لإضعاف قوات الحرس الجمهوري "سابقا" وإنهاكها ومن ثم الانقضاض عليها، أم أن الرئيس سيدرك المخطط وأبعاده . خفت صوت صعتر لكن التحضيرات لم تتوقف لشن الحرب في صعدة بل انتقلت لتواكب عمل اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني والتي تشكلت بعد إنهاء اللجنة الأولى عملها، وهناك في شارع الستين وعلى مقربة من منزل رئيس الجمهورية كان العشرات من المواطنين يخرجون صبيحة كل يوم من معسكر الفرقة سابقا لتنفيذ وقفات احتجاجية تندد بإشراك الحوثيين بالحوار الوطني وتطالب ببسط نفوذ الدولة بصعدة، ولم يقتصر ا?مر على احتجاجات شارع السين، حيث فتح حزب ا?صلاح جبهة مناوشات مسلحة مع الحوثيين في محافظة حجة لم تسفر إلى نتيجة عدا العشرات من الضحايا ا?برياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل . ومرة ثالثة انتقلت تلك التحضيرات إلى مؤتمر الحوار فور انعقاده، حيث بدأ مكون التجمع اليمني للإصلاح وأحزاب اللقاء المشترك في المؤتمر بتنفيذ الوقفات الاحتجاجية على انتهاكات يقولون إن جماعة الحوثيين مارستها ضد مواطني محافظة صعدة وفي وقفة لهم يوم 20 مايو 2013 م قال عضو مؤتمر الحوار محمد عيضة شبيبة: "وقفنا اليوم لنقول للعالم أن الحوثي وميلشياته المسلحة عاثت في الأرض فساداً" مردفا: "صعدة اليوم ترزح تحت وطأة مليشيات الحوثي التي تقتل الإنسان وتحرق الأرض وتعيث الفساد"، هناك وقف عبدالكريم الخيواني وهو عضو ممثل للحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني يقول: نريد دولة في الحصبة لا صعدة واصفا الوقفة الاحتجاجية بأنها تندرج في إطار المزايدات، مؤكدا :"إن الدولة متواجدة بمعسكرات الحرس والفرقة (سابقا) ونحن نريد دولة في الحصبة وليس في صعدة ففي صعدة الدولة موجودة"، واتهم ا?صلاحيين بأنهم يريدون أن يغطوا على تدخلهم في محافظة حجة بالمطالبة للدولة ببسط سيطرتها على صعدة ولا أحد يقول أن صعدة خارج نطاق الدولة، لا الرئيس ولا غيره. الإشكالية التي بات يواجهها الطرف الداعي للحرب أن التحضير لعقد مؤتمر الحوار الوطني سارت في مساراتها محليا وخارجيا والتأم الحوار بحضور الحوثيين فيما تحضيرات الحرب التي واكبت التحضير للمؤتمر لم تصل بعد إلى مرحلة النضج رغم مشارفة الحوار على إسدال الستار، وبدا حينها الجواب واضحا على التساؤل المطروح بإمكانية نجاح حزب ا?صلاح بجر الرئيس هادي للتورط بحرب سابعة في صعدة يقحم من خلالها قوات الحرس الجمهوري سابقا باعتبارها صاحبة القول الفاصل في حسم المعارك مع تنظيم القاعدة في أبين وتحريرها، وبالمقابل بدا لدى الداعيين للحرب أنه ما من جدوى أو فائدة وراء الانتظار طويلا فكانت الخطة البديلة جاهزة للتفجير كيفما كلف ا?مر .
دماج الجرح المفتوح لتصفية الحسابات
عمليا بدأت رحى حرب دماج بين الحوثيين والسلفيين "بالنيابة" من المساجد المتاخمة لساحة جامعة صنعاء في تلك الليالي الرمضانية التي شهدت أولى النزاعات الدامية على صلاة التراويح بينما لم يكن التوتر السابق بين الحوثيين والسلفيين في دماج بصعدة ومعبر بذمار عدا الباب الذي وجدته القيادات ا?خوانية مفتوحا لمواراة عجزها عن جر الرئيس هادي إلى مستنقع حرب جديدة، ومن ساحة جامعة صنعاء إلى حرف سفيان بعمران بدأت حبات السبحة بالانفراط والتبعثر في حوادث متفرقة تجمعت في النهاية لتفضي إلى حادثة أكبر حين أقدم معتوه على اغتيال أسرة بكاملها من الحوثيين في أحد المطاعم بمحافظة عمران لتسفر تلك الحادثة عن حرب ضارية بين أولاد ا?حمر ومعهم مسلحو حزب ا?صلاح من جانب والحوثيين من جانب آخر في مديرية العشة انتهت بما لم يخطر على بال أولاد ا?حمر وحزب ا?صلاح بتاتا بعد أن وجدوا منزل الراحل عبدالله ا?حمر وهو يتهاوى أمامهم ويستوي بالتراب، وبدأ أولاد ا?حمر بالتسليم با?مر الواقع ليمضوا على عقد صلح لم يرغبوا به وتنتهي المواجهات وفي النفس شيء من "الحسرة". وحدها قضية دماج ظلت الباب المفتوح الذي لم يغلق يوما ولعلها ظلت كذلك لغرض في نفس الذئب المختفي ببدلة رسمية في أروقة القصر الجمهوري هذه المرة، رغم محاولة رئيس الجمهورية سد هذه الثغرة التي تأتي منها الرياح من خلال لجنة رئاسية خاصة، وهو ما يعززه فشل اللجنة ا?خرى التي تشكلت لحل مشكلة أبناء المخلاف بتعز وا?عوش بمأرب .
وبعيدا عن أي نوع من الصراع المسلح لم تكن مواجهات عذر بين أولاد ا?حمر وحزب ا?صلاح من طرف والحوثيين من طرف آخر لتحقق أغراضها في جر البلاد إلى أتون حرب مستعرة وربما أن التقدم الذي أحرزه الحوثيون في هذا المسار تحديدا قد أطاح بكل خطط التجييش المعدة سلفا من الطرف الآخر لكن دماج القضية التي لم تجد من يطفئ جمرها ستحدث فرقا طائفيا هذه المرة ويمكن هنا استدعاء الصحابيين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وذلك ما حدث، فعلى إثر نكء جراح دماج هرع مقاولو الحروب إلى إعلان النفير وا?علان لكل من أراد أن يشفي غليله من الحوثيين أن الفرصة قد حانت لتلقين "الروافض" حد ما تناقلته ا?شرطة ا?خبارية في قناتي "سهيل" و"يمن شباب" وتدافع النافخون إلى النفخ في كير المعركة بكل الوسائل والسبل وخرج حسين ا?حمر متأبطا شرا كما هي العادة للثأر لدماج والبدء بمعركة يبدو أن الطرف الوحيد الذي سيكون محايدا فيها هو الجيش هذه المرة، وهذا ليس تجنيا على الشاب ا?حمري الطامح الذي وصف يوما إيقاف الرئيس صالح للحرب السادسة بصعدة بكونه خيانة عظمى إذا إن رئيس اللجنة الرئاسية في صعدة يحيى منصور أبو أصبع حمل صراحة حسين الأحمر مسؤولية الدماء التي سفكت في دماج وعرقلة بدء تنفيذ آلية الاتفاق بين الحوثيين والسلفيين.