من المقرر أن تحمل الحكومة إلى البرلمان اليوم في جعبتها توضيحات مقنعة عن أسباب الانفلات الأمني الذي أسفر عن مقتل عشرات الضباط والسياسيين. ستبدو الحكومة –كما يرى مراقبون- أمام المجلس الذي استدعاها على خلفية مقتل البرلماني جدبان مثقلة بكاهل ملف الاغتيالات والتي كان آخرها الخبير الأجنبي ومدير التدريب في كلية الشرطة.. وسيقوم حينها النواب في البحث عن أنصاف الحلول لزميلهم الذي تتهم جهات حزبية بالوقوف وراء مقتله هذا إذا لم يتغيب بعض البرلمانيين لتقديم واجب العزاء في صعدة. البرلمان وفقا لما ورد في محضر جلسته للاثنين الماضي توعد بسحب الثقة من الحكومة إذا لم يحصل على إجابات مقنعة لكن مراقبين يستبعدون إقدام البرلمان على تلك الخطوة لعدة أسباب أبرزها حله. امتصاص الغضب في ال25 من نوفمبر الجاري أقر 150 عضوا برلمانيا في جلسة ساخنة بدء إجراءات سحب الثقة من الحكومة.. كان ذلك بعد يوم واحد أو بالأحرى ساعات قليلة على مقتل النائب عبدالكريم جدبان، لكن رئاسة المجلس توصلت مع رؤساء الكتل البرلمانية حينها إلى اتفاق يقضي باستدعاء الحكومة. حرصت بعض الكتل -كما تقول مصادر خاصة بالصحيفة- على تأجيل استجواب الحكومة إلى اليوم حيث سيكون جثمان الشهيد جدبان قد ووري الثرى، وأعصاب البرلمانيين خصوصا من تقدموا خلال العام الجاري بطلب استجواب لوزير أو حكومة الوفاق قد هدأت وحتى مخاوفهم من أن يكونوا الهدف التالي قد توقف. لقد كان آخر استجواب للمجلس الذي تقدم به النائب جدبان مطلع مايو يطالب فيه باستدعاء رئيس الوزراء ووزيري الداخلية والدفاع وكذا المالية والخدمة المدنية بشأن تجنيد قرابة مائتي ألف جندي في الجيش من خارج وزارة الدفاع وبدون علم الوزير وكذا 53 ألف جندي، وفقا لما أفاد به وزير المالية يوم إقرار الموازنة العامة للدولة في ال19 من يناير وجميعهم محسوبون على تيار حزبي واحد؟ وكذا استجوابه لوزير التربية بشأن اعتماده 2500 درجة وظيفية لمدارس تعليم القرآن الكريم اتهم حينها من قبل وسائل إعلام بأنه ضد القرآن؟ كانت الاستجوابات التي تقدم بها جدبان منذ مطلع العام وعددها وفقا لأرشيف مجلس النواب 3 من أصل 7 استجوابات تقدم بها النائبان (عبده بشر وأحمد سيف حاشد) وتم إيقافها جميعا في جلسة استثنائية عقدها رئيس الجمهورية بمجلسي النواب والوزراء في ال29 من يونيو الماضي. يتوقع مراقبون وحتى أعضاء برلمان حضور بعض أعضاء الحكومة في جلسة اليوم "وستكون ساخنة بالحديث أمام الرأي العام لكن لا شيء من كل ما سيتم اتخاذه سينفذ"، وفقا لما يراه النائب حاشد. يعتبر حاشد بأن الحكومة إذا حضرت فذلك يعني محاولة لامتصاص غضب البرلمانيين فقط. صراع البرلمان والحكومة قبل تشكيل حكومة الوفاق كان من السهل على البرلماني استجواب هذا الوزير أو ذاك على اعتبار أن قرارات المجلس تخضع للتصويت بالأغلبية لكن التوافق وسع فجوة علاقة الحكومة بالبرلمان من ناحية وعلاقة البرلمان بالشعب وأصبحت علاقة النواب بالحكومة تتجه نحو الأسوأ كما يراها رئيس رابطة الصحفيين البرلمانيين (نبيل عبدالرب). يشير عبدالرب إلى أن تركيبة البرلمان والحكومة الحالية خلقت نوعاً من الصراع بين مكوناته "ثمة مكونات ترى الاعتماد على الأغلبية كحق دستوري وقانوني وأقلية تتمسك بمبدأ التوافق الذي يضمن لها النصف في المجلس، وبات كل طرف مشغولا بالدفاع عن الحقائب الوزارية التابعة لحزبه وإغفال جوانب المواطن بالنسبة للأقلية". يؤكد البرلماني سنان العجي بأن قرارات البرلمان صارت خاضعة لمبدأ التوافق "الأمر الذي انعكس سلبا على أدائه الرقابي". استبعاد سحب الثقة يقلل البرلماني المستقل أحمد سيف حاشد من أهمية دعوة البرلمانيين إلى سحب الثقة عن الحكومة "البرلمان لا يستطيع مخاطبة وزير ولدينا تجارب في هذا"، مشيرا إلى أن هناك العديد من الاستجوابات التي تم طرحها على طاولة البرلمان ولم تلقَ تجاوبا من قبل الحكومة. واعتبر حاشد -في تصريح ل"اليمن اليوم"- سحب رئيس الجمهورية لمبدأ الاستجواب بأنه مصادرة لحقوق البرلمان: "ثمة مراكز قوى صارت تتحكم بالمجلس ولا أعتقد بأنه قادر خلال هذه الفترة على استجواب الحكومة حتى وإن استجوبها فهي ليست أكثر من ظاهرة إعلامية". لكن عضو اللجنة الدستورية سنان العجي قال ل"اليمن اليوم" بأنه في حال لم تحضر الحكومة فإن ثمة أغلبية موافقة على بدء إجراءات سحب الثقة "وقع قرابة 150 عضوا، وحتى إن لم تأتِ بحلول مقنعة فسوف نسحب الثقة". بينما يستبعد رئيس رابطة الصحفيين البرلمانيين سحب الثقة عن الحكومة "البرلمان مضطر أن يراعي التوافق والحلول المطروحة في حال توصل البرلمان والحكومة إلى أزمة فإن خيارات حله مطروحة أو إقالة الحكومة ". لكن ما جدوى حضورها؟ يعتبر عضو اللجنة الدستورية في المجلس سنان العجي حضور الحكومة أو "بعض وزرائها" لا يعني الكثير للبرلمان أو حتى للمواطن الذي كان يعلق الأمل على البرلمان، "ستقدم الحكومة ملفات عن الوضع الأمني الحالي وستلتزم بكل ما سيتمخض عن المجلس لكنها لن تنفذ شيئاً". من المتوقع أن تقدم توضيحات عامة عن الوضع الذي ازداد انفلاتا خلال اليومين الماضيين من جلسة البرلمان والحكومة وكله -كما يرى برلمانيون- في سبيل إخضاع النواب للتعاطف معها في مواجهة ما تسميه في العادة ب"آفة الإرهاب". هل ينتصر البرلمان؟ أيام فقط وتنتهي صلاحيات حكومة الوفاق وفقا للآلية المزمنة للمبادرة الخليجية، لكن المؤشرات كما تبدو تتجه نحو حل مجلسي النواب والشورى واستبدالهما بأعضاء الحوار الوطني فهل ينتصر البرلمان في آخر أيامه للأمن؟ يقول البرلماني سنان العجي بأن كتلة الإصلاح لا تزال متمسكة بالحكومة وتدافع عنها، "تعودنا عليهم يقولون شيئا في العلن ويرفضون تنفيذه"، لكنه لا يستبعد سحب الثقة عن الحكومة وإن رفضت بعض الكتل. يضيف: "ثمة وضع مزر يتفاقم كل يوم والبلد يتجه نحو الهاوية وإذا لم يقم البرلمان الآن بواجبه فذلك معيب في حقه"، مشيرا إلى أنه لا يحق لأية جهة حل البرلمان، "من حق رئيس الجمهورية حل البرلمان لكن في الأخير نحتكم إلى الدستور، يحل البرلمان ويجرى استفتاء شعبي على هذا القرار وفي حال حاز الاستفتاء القبول فذلك يعني إجراء انتخابات برلمانية مبكرة خلال فترة أقصاها 50 يوما".