احتفل أمس أتباع المذهب الزيدي ومعهم أتباع الطرق الصوفية من الشوافع بذكرى مولد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام. غير أن جماعة الحوثي كانت هي العنوان الأبرز في احتفال المولد الذي بدا كما لو أنه مهرجان سياسي لاستعراض القوة الشعبية ليس في صعدة وأجزاء واسعة من الجوفوحجةوعمران وإنما في قلب العاصمة صنعاء وفي المدينة الرياضية وبحماية أمنية من وزارة الداخلية بالتزامن مع بدء رحيل السلفيين من دماج. حيث احتشد الآلاف في مهرجان كرنفالي غير مسبوق في تاريخ الجماعة أقيم في ملعب المريسي الدولي في المدينة الرياضية بالعاصمة صنعاء. واستمع الجميع إلى كلمة زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي ألقاه في منطقة مطرة محافظة صعدة ومن خلف زجاج ضد الرصاص ناشد في مستهله "القوى المقربة من الرئيس عبدربه منصور هادي، إنجاز الحوار وعدم التآمر على تأسيس بناء الدولة، وحل القضية الجنوبية بصورة عادلة ترضي إخواننا الجنوبيين". وتحدث عن المواجهات الأخيرة في 6 جبهات في دماج وكتاف صعدة وفي الجوفوعمرانوحجة وأسفرت عن خروج السلفيين من دماج، قائلاً "ما قمنا به كان دفاعاً عن أنفسنا وحين تقوم الدولة بحمايتنا لن نحمل السلاح في وجه أحد". وأشار في خطابه إلى موقفهم في الحوار الوطني حيث أبدى تمسكاً بالمرحلة التأسيسية وسرعة إنشاء وتشكيل الدولة الاتحادية. من صعدة إلى صنعاء اكتظ الاستاد الرياضي بجماهير غفيرة أخذت تتدفق من الصباح الباكر ولم تجر أي فعاليات سوى الاستماع للخطاب الذي تم نقله على الهواء مباشرة عبر قناة (المسيرة) إلاّ أن تداعيات هذا التجمع الذي اعتبره المراقبون استعراضاً خلق حالة استنفار أمني وجدل إيديولوجي على مستوى الشوارع في أمانة العاصمة التي زينت شوارعها بالأعلام واللافتات التي ترفع من شأن المناسبة. ويأتي الاحتفال بالمناسبة هذا العام في مرحلة سياسية حرجة حيث تزامن مع الأيام الأخيرة من الحوار الوطني وقرب انتهاء المدة الزمنية للفترة الانتقالية وخروج السلفيين من دماج، ودعوات بالنزول للميادين يومنا هذا إلى الشوارع لإسقاط الحكومة. ثلاثة أعوام تصاعدية قبل هذا العام كان الحوثيون تمكنوا في عام 1433ه الموافق 2011م من إبراز ذكرى مولد الرسول في مدينة صعدة في احتفالات كرنفالية تم فيها جمع الحشود والوفود من كافة المحافظات وممثلين من الأحزاب السياسية وحشد من الإعلاميين ورجال الفكر والسياسة وخطب السيد عبدالملك الحوثي أمام الحشود وحذر من مؤامرة قال إنه يتم التخطيط لها من قبل الأمريكان وعملائهم في اليمن على الوحدة اليمنية والدولة المدنية وأهداف ما أسماها ثورة الشباب. وفي العام المنصرم 1434ه الموافق 2012م تم إقامة مراسيم الاحتفال في العاصمة صنعاء وفي منطقة حزيز. وقوبل الاحتفال بذكرى مولد الرسول بممانعة من حزب الإصلاح الذي كان قد رحب كثيراً بالحوثيين في ساحة التغيير أثناء الأزمة.. وتجسدت ممانعته في إبراز مخاوفه من تمدد الحوثي في أرجاء العاصمة ونقل احتفالاته من صعدة إلى العاصمة صنعاء كاستعراض للقوة إضافة إلى القناعة الإيديولوجية الدينية لحزب الإصلاح بأن الاحتفال بمولد الرسول تقليد للكفار وبدعة ولكن تلك الممانعة لم تجد تجاوباً من الحكومة والرئيس هادي تحت مبرر حساسية المرحلة السياسية التي تمر بها البلاد. خارج صعدة ونظرا للصراعات الطائفية التي برزت مؤخرا على السطح فقد غاب المشهد الاحتفالي أمس عن بعض المدن اليمنية في حين شهدت أخرى أعمال عنف أسفرت عن قتلى وجرحى. ففي محافظة حجة القريبة من صعده أعاق تبادل لإطلاق النار بين إصلاحيين وحوثيين إقامة الحوثيين للفعالية التي كان متوقعاً أقامتها في المدينة. ويقول مراسل الصحيفة سمير النمر إن قرابة 20 مسلحا من حزب الإصلاح قاموا عند السادسة صباحا بلصق شعارات فوق شعارات كان الحوثيون قد رسموها على جدران الشوارع وأعمدة الإنارة في مدينة حجة. دخل الطرفان في شجار تطور إلى تبادل لإطلاق النار أسفر عن مقتل أحد أتباع الحوثي ويدعى محمد الخالدي وإصابة اثنين آخرين إضافة إلى إصابة اثنين من أنصار الإصلاح. واستمر بعدها تبادل إطلاق النار وسط المدينة حتى الظهر. كما ألغت جماعة الحوثي في محافظة عمران مهرجاناً لأنصارها كانت تعتزم إقامته في المحافظة نظرا لتجدد المواجهات مع أولاد الأحمر. وقال مراسل الصحيفة في عمران إن المواجهات تفجرت الليلة قبل الماضية في وادي دنان (مديرية قفلة عذر) بين أولاد الأحمر وقبائل موالية للحوثيين، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، رغم توقيعهما على وثيقة الصلح. وقال مصدر في جماعة الحوثي إن إلغاء مهرجان عمران نظرا للحالة الأمنية التي تشهدها المحافظة والمخاوف من تسلل من وصفهم ب"الإرهابيين" لتنفيذ عمليات إرهابية. وأقام أتباع الحوثيين في تعز مهرجانا في المركز الثقافي وسط مدينة تعز. وقال مصدر محلي للصحيفة إن الفعالية حضرها الفنان الكبير أيوب طارش والبرلماني عن الحزب الاشتراكي سلطان السامعي وعدد من الشخصيات الاجتماعية في المحافظة. طقوس الصوفيين كعادتهم السنوية أقام أتباع المذهب الصوفي احتفالاتهم بالمولد النبوي في عدد من المحافظات وإن اقتصرت في بعضها على احتفالات رمزية داخل المساجد. ففي حضرموت -أكبر معقل للصوفيين- شهدت عدد من مساجد المكلا عاصمة المحافظة فعاليات المولد النبوي كما شهدت عدد من مديريات الوادي والصحراء احتفالات متنوعة.. وكما يقول عمر زين -أحد المشايخ الصوفيين- في حضرموت ل"اليمن اليوم" فقد بدأ الاستعداد للفعالية منذ مساء أمس الأول. يضيف: "علقت الشعارات الخضراء (التي لا علاقة لها بجماعة الحوثي) في إحياء المدينة وانطلق المنشدون عقب صلاة المغرب حاملين في أيديهم الفوانيس ويرددون الأناشيد انطلاقا من جامع بازرعة وسط المكلا وصولا إلى جامع الروضة على مشارفها حيث حطوا رحالهم هناك وأقاموا خطبة توعوية بذكرى المولد النبوي الشريف". وفي مديرية تريم ينظم أنصار الصوفية طقوسا مماثلة لتلك التي في المكلا، لكن أتباع الصوفية في تريم كما يقول زين يطورون مهرجاناتهم من عام إلى آخر ومؤخرا قرروا نقل احتفالاتهم إلى منطقة المشهد بدلا عن جامع تريم. ومنطقة المشهد تحتضن جثمان الزعيم الروحي للصوفيين (الحبيب علي بن حسن العطاس). الذي كان يقطن منطقة حريضة لكنه انتقل إلى منطقة المشهد وأسس فيها رباطه قبل 300 عام. كما أسس هناك قبة وجامعا ودفن بجوارهما وصار اليوم مزارا لأتباع المذهب الصوفي من كافة بلدان العالم. يتكفل الصوفيون في حضرموت بنفقات القادمين لمشاركتهم التظاهرة الدينية هذه من مختلف المحافظات. ويشكل الصوفيون ما نسبته 69% من سكان محافظة حضرموت وفقا لتقديرات زين ولهم تواجد في عدة محافظات أخرى. وفي الحديدة اقتصرت الفعاليات على المديح في إطار جوامع المحافظة. كما أحيا أتباع المذهب الصوفي مهرجانات دينية بمناسبة المولد في محافظات تعز وعدن وأبين. احتفال رسمي على استحياء وفي سياق ذكر المولد النبوي أحيت وزارة الأوقاف والإرشاد في العاصمة صنعاء احتفالية متواضعة اقتصرت على خطبة لأحد العلماء في الجامع الكبير بصنعاء القديمة.