قد تبدو "17" مليون دولار يتقاضاها حتى ملك موسيقى البوب الراحل "مايكل جاكسون" مقابل إحياء حفلة واحدة، مبلغاً مهولاً، لكن الراعي كان هو السلطان "حسن البلقية" سلطان "بروناي" في احتفالاته بعيد ميلاده الخمسين، عام 1996م، وهذا يزيح كثيراً من علامات التعجب والاستفهام!؟ السلطان "حسن البلقية"، شخص غير متدين، عموماً، بل يصفه البعض بالمتهتِّك، ومع ذلك يقترح الإسلام حلاً لمشاكل لا وجود لها، ويزجُّ بالإسلام في معاركه السياسية!! لقد عُرف بتشدُّده الديني في إدارة البلاد، ولوَّح مراراً بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية (الجلد والبتر والرجم بالحجارة)! فعل ذلك في التسعينيات، وأصدر، لاحقاً، أحكاماً دينية متشددة.. وأعلن مؤخراً عن بدء تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في بلاده المحكومة بقانون الطوارئ والأحكام العرفية منذ ثورة "بروناي" عام 1962م. هذا ما يجب أن يثير علامات التعجب والاستفهام حقاً، بمفارقات تتعلق بجانب انفصامية السلطان بظروف العائلة الحاكمة وبما تحتاجه أو لا تحتاجه في الفترة الراهنة سلطنة "بروناي"، الدولة النفطية المجهرية، في شرق آسيا، والتي يتمتع سكانها البالغ عددهم حوالي 400 ألف نسمة، 67% منهم من المسلمين، بمؤشرات عالمية عالية على أصعدة التنمية البشرية ومتوسط دخل يبلغ 50 ألف دولار للفرد في السنة.. البديهي أن "بروناي" لا تشكو من أزمة اقتصادية، والأكثر بداهة أنها لا تشكو من أزمة في الدين والعبادة والقيم، بل من أزمة في الحريات السياسية والحقوق المدنية، في ظل السلطة الملكية المطلقة للسلطان "الحاج معز الدين، وعد الله، صاحب البادوكا، سيري بادينغا"، وهذا هو لقب السلطان "حسن البلقية"، وفي ظل عناية ابنه وولي عهده الأمير المهتدي بالله البلقية وريث السلطان والسلطنة. وكغيرها "بروناي" بحاجة إلى إصلاحات جريئة تتعلَّق بالتحديث وتوسيع مجالات الحرية والانفتاح والمشاركة الشعبية والقضاء على الفساد، لا التنصل من مواجهة هذه الأزمات والاستحقاقات والالتفاف على مطالب الشعوب، بالمزايدة بالإسلام والهروب إلى مشروع الأسلمة.! لكن السلطان مُصرٌّ على أن الإسلام مستهدف، ومصرٌّ على التهرُّب من المطالب الشعبية والاستحقاقات المرحلية إلى المزايدات العاطفية والمناورات الدينية بأحكام الشريعة التي لا يتناسب حتى مع سلوكه الشخصي، والترف والبذخ والفساد الذي اشتهرت به العائلة الحاكمة.. وهو أمر لا تخطئه العين ولا الأذن، في سياق تجاوز ثروة "الحاج حسن البلقية"، عتبة ال(20 مليار) دولار، حسب قائمة "مجلة فوربس" لأكبر أثرياء العالم، واختلاس شقيقه الأصغر الأمير "جفري" ل "15" مليار دولار، كشف عنها القصر الملكي إثر خلاف عائلي.