نحن أمام حالة حرجة يمر بها الوطن. لقد كانت اليمن تمر بأزمة قاسية ولم تخرج منها حتى الآن أزمة مست القيم الأساسية التي قامت عليها فكرة الدولة اليمنية الحديثة التي نتجت عن ثورة 26 سبتمبر، كنا نقول إن الخروج من هذه الأزمة يحتاج إلى عملية جراحية بالغة الدقة وربما تكون بدون تخدير، كان المواطن اليمني يعتقد أن هذه العملية الجراحية تحتاج إلى مجموعة من الجراحين المهرة الذين يعملون بتناغم وبتركيز شديد لا يسمح بأي خطأ طبي يعمل على قتل المريض (الوطن)، ليست فقط إنقاذاً لمريض بل عودته إلى الحياة مفعما بالصحة والحيوية، كان هذا الفريق هو حكومة باسندوة التي وضع فيها المواطن اليمني كل آماله لأنه يدرك أنه لم يعد لدى اليمنيين مساحة من الزمن للإخفاق أو الفشل. خيبت حكومة باسندوة -حكومة الوفاق- كل الآمال والأحلام التي كان يرتجيها المواطن، أظهرت هذه الحكومة عدم إخلاصها للمنطلقات التي شكلت على أساسها، صحيح أن مهمة هذه الحكومة كانت ثقيلة، لكنها كانت تستطيع تجاوز ذلك خاصةً وأن المهمة حددت بملفين اثنين: الملف الأمني سواءً ما يتعلق بقطع الطرق أو تفجير أنابيب النفط وأبراج الكهرباء أو تهديد الأفراد والمؤسسات العامة والخاصة، والملف الاقتصادي المتدهور، هذان الملفان هما اللذان قصما ظهر الوطن. كذلك كان الوطن يحتاج إلى فريق مصغر من الجراحين القادرين على اتخاذ القرارات السريعة والشجاعة من قبل وزراء يقدمون مصلحة الوطن على مصالحهم الخاصة، ما حدث كان مغايراً، فقد شكلت الوزارة من 35 وزيراً، هذا العدد لا يكون أو لا يوجد إلاّ في الدول المتخلفة التي توزع الوزارات على أصحاب المصالح. لقد ارتكبت الأحزاب السياسية خطأً فادحاً حينما تقاسمت الحقائب الوزارية على حساب المصلحة الوطنية، ولم تسأل نفسها: كيف لمثل هذا العدد أن ينجح في التعامل مع مخلفات الأزمة التي نتجت عن صراع هذه الأحزاب نفسها. والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف لهذه الأحزاب التي كانت سبباً في الأزمة أن تكون جزءاً من الحل، ولكن بعد مضي كل هذا الوقت والحكومة الحالية تنقل البلاد من أزمة إلى أخرى، فنحن بحاجة وعلى وجه السرعة إلى تشكيل حكومة كفاءات مهمتها الرئيسية توفير الأمن الذي بدونه لا توجد إمكانية للتعامل مع الأوضاع الاقتصادية، وبدون إصلاح الأوضاع الاقتصادية لا يمكن تحقيق الاستقرار السياسي الذي بدوره يعطي لليمنيين فرصة بناء المستقبل. والحقيقة التي ينبغي قولها إنه لا يوجد بلد متقدم في أي مكان في العالم به 35 وزارة، ولا يوجد مجتمع ديمقراطي حقاً يسمح بهذا العدد من الوزارات التي تبدد الثروات. ولست بحاجة للقول إن الخلاص من هذا المأزق يتحدد بتشكيل حكومة مصغرة تركز على القضايا الكبرى وتقوم باستكمال البرامج المنوطة بالمرحلة الراهنة. نحتاج إلى استعادة الاستقرار التام للشارع اليمني والخروج من الأزمة الاقتصادية بتعيين فريق اقتصادي ينتج الثروة ولا يهدرها. أظن أنه حان الوقت لكي نجعل المواطن اليمني يمتلك الوطن وينتفع به، فأصل الحرية هي الملكية لأن من لا يملك لا يكون مستقلاً عن الدولة أو الحكومة إذا امتلكت عيشه حصلت على صوته ورقبته أيضاً. هي دعوة للنخب المثقفة داخل البلاد، تعالوا نكسر حلقات الإخفاق والانكسارات التي مرت بها اليمن، ولا داعي للاستسلام، نحن أمام أزمة اقتصادية خانقة وهناك رغبة في رفع الدعم عن المشتقات النفطية، وهذا يجعلنا أمام وضع سينفجر وستكون عواقبه وخيمة، لقد ضاع الاحتياطي النقدي وضاع معه النفط المستخرج من البلاد وتراكمت البطالة وازدادت الهجمات على أنابيب النفط وأبراج الكهرباء حتى لم يعد أحد مهتماً بما يجري وكأن ذلك أصبح جزءاً من الحياة اليومية، البعض يقول إن ذلك جزء من الثورة المستمرة والبعض الآخر يقول إن ذلك من سوءات النظام السابق. نحن أمام عمليات مستمرة من الإخفاق المستمر، لقد أصبحنا في النصف الأسفل من ترتيب الدول في التقدم، في كل التقارير الدولية؛ كل ذلك يحتم على رئيس الجمهورية أن يتخذ قراراً بإقالة الحكومة وتشكيل حكومة كفاءات رحمة بهذا الشعب.