إن فئراناً حمراء عملاقة، ذات مخالب نحاسية، هي التيخرَّبت سد مأرب، وتسبَّبت بسيل العرم، ذات كارثة يمنية قديمة.. تقول الأسطورةأيضاً: إن سيل العرم الذي سببه تفجُّر السد، هو الذي تسبَّب في تدمير دولة سبأ،وتمزيق شعبها، وتهجيرهم أشتاتاً إلى مناطق متفرقة في الجزيرة العربية.. لكن مجرّدفأرٍ لا يمكنه تفجير سد، ولو كان بحجم بغلٍ، وأظافره من نحاس، ومجرّد تفجُّر سد لايمكنه جرف أكثر من وادٍ، ولو كان بضعف حجم سد مأرب..! كعادة الأساطيرالكبيرة، تحمل هذه الأسطورة شيئاً من الحقيقة التاريخية، وإن عبَّرت عنها بطريقةجانحة في الرمزية والكناية الخيال. هناك في التاريخ قرائن وشواهد كثيرة على هجراتيمنية كثيفة إلى مناطق مختلفة في شمال ووسط الجزيرة العربية، ومن المتوقع أن ذلكحدث تباعاً، إثر أزمات سياسية استفحلت، وتسببت في أزمات اقتصادية واجتماعية طاردة،مزقت بمجملها شعباً ودمرت وطناً وحضارة كانت ملئ سمع وبصر الزمان والمكان.!!بطريقتها عبرت الأسطورة عن الدولة بالسد، كما عبرت بالفئران عن قادة مراكز القوىالفئوية، الذين ينخرون في بنية الدولة من الخارج والداخل.. قصد تدميرها، وعندماتتدمَّر يغرق الجميع، بسيلٍ جارفٍ من الصراعات والأزمات الطاحنة التي تحيل الجنةإلى جحيم.. هذا الأمر الذي يحدث اليوم، حدث حينها ومزق شعب سبأ شرَّ ممزق، وجعلأيادي سبأ أحاديث، ومضرب المثل للتشرذم والتناحر والشتات. إنها لعنة أزلية غابرة،أصابت هذا الوطن منذ القدم، ولا تلبث بين مرحلة وأخرى أن تنفجر بشكل عارم، وتجرفالجميع بتناحراتها العدمية وصراعاتها العبثية، على حساب اليمن، الدولة والشعبوالوطن والرسالة. لا علاقة للفئران الحمراء بعيال الأحمر، فهم أحدث من ذلك بكثير،وإن كانوا أمثلة حية لمراكز القوى الفئوية التي تزجُّ بالبلاد في مغامراتهاالسياسية المراهقة. عندما يغضب الرب الغفور على هذه الأرض الطيبة، يولِّي عليهافئران وجرذان اللعنة الأزلية، هؤلاء القيادات والنخب الذين يخرجون من بيننا، في كللعنة، يغرقون البلاد والعباد بمشاريع صغيرة وصراعات تافهة، تجرف الأمن والاستقرار،ومعهما كل شيء جميل وواعد وحضاري على هذه الأرض.