استغل رئيس الجمهورية احتجاجات غاضبة شهدتها العاصمة صنعاء، وأصدر تعديلاً وزارياً لامتصاص الغضب المتنامي منذ أيام، على خلفية أزمة المشتقات النفطية، غير أن أحزاباً وسياسيين ومراقبين قللوا من أهمية هذه التعديلات، وأنها ليست أكثر من تدوير وظيفي. واجتاحت العاصمة صنعاء، في الساعات الأولى من الصباح، موجة غضب شعبية تلقائية صاحبها قطع للشوارع الرئيسية وأخرى فرعية من قبل المحتجين الذين شكلوا حواجز بشرية وإحراق إطارات لقطع الطرقات ما تسبب بشل الحركة تماماً حتى الثانية بعد الظهر. وردد المحتجون شعارات غير منظمة لكنها تعبر عن الغضب الجارف إزاء أزمة المشتقات النفطية الخانقة التي دخلت شهرها الثالث، فيما طوابير تطول يومياً أمام محطات النفط. وحالت قوات الحرس الرئاسي المرابطة بالقرب من منزل رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي دون وصول المتظاهرين إلى أمام منزل الرئيس بشارع الستين الغربي، حيث أطلقت تلك القوات الرصاص باتجاه المحتجين وفرقتهم بالقوة وقال شهود عيان إن عدداً من المحتجين أصيبوا بطلقات نارية، مشيرين إلى أنهم لم يتمكنوا من معرفة العدد الفعلي للمصابين . وسمع إطلاق رصاص على المحتجين المطالبين بإقالة حكومة الوفاق وتشكيل حكومة كفاءات على خلفية أزمة المشتقات النفطية وانقطاع الكهرباء وأزمة الغاز المنزلي المتفاقمة منذ نحو 3 أشهر دون اتخاذ الحكومة أية حلول ناجعة لمعالجتها؛ في عدد من شوارع الأمانة وخاصة شارع القاهرة والستين فيما استخدمت قوات مكافحة الشغب الغازات المسيلة للدموع لتفريق المحتجين . وبدأت الاحتجاجات مساء الثلاثاء من شارع خولان بالعاصمة للمطالبة بتوفير المشتقات النفطية وإعادة الكهرباء والماء، وتدخلت قوات مكافحة الشغب لقمع المتظاهرين وفتح الشارع أمام حركة المواصلات في وقت متأخر من المساء قبل أن تعاود الاندلاع مجددا الثامنة صباح أمس الأربعاء في جميع أحياء وشوارع العاصمة، حيث خرج صغار السن وبعض الشباب إلى الجولات وقاموا بقطعها بالحجارة والإطارات الحارقة، فيما أعلن سائقو باصات وسيارات الأجرة توقفهم عن العمل احتجاجا على عدم وضع حد للأزمة المتفاقمة منذ 3 أشهر، ولم يجد الموظفون وسائل تقلهم إلى أعمالهم فخرجوا بمظهرات احتجاجية في أكثر من شارع. وفي العصر نشرت وكالة الأنباء الحكومية (سبأ) قرارات جمهورية قضت بتعيين نائبين لرئيس الحكومة أحدهما من المؤتمر الشعبي العام، والآخر من حزب الإصلاح، وإقالة وزراء المالية صخر الوجيه، والكهرباء صالح سميع، والإعلام علي العمراني، والخارجية أبو بكر القربي، والنفط خالد بحاح، وكذلك أمين عام رئاسة الجمهورية علي منصور بن سفاع وكذا إقالة مدير مكتب رئيس الجمهورية نصر طه مصطفى وتعيينه وزيراً للإعلام. ونص القرار الجمهوري رقم (95) لسنة 2014م على النحو التالي: -1 يعين الأخ /د. أحمد عبيد بن دغر نائباً لرئيس الوزراء وزيرا للاتصالات وتقنية المعلومات 2 - يعين الأخ/ د. عبد الله محسن الأكوع نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للكهرباء 3- يعين الأخ/ نصر طه مصطفى وزيراً للإعلام. 4 - يعين الأخ/ أحمد عبدالقادر شائع وزيرا للنفط والمعادن. 5 - يعين الأخ / محمد منصور زمام وزيراً للمالية. 6 - يعين الأخ/ جمال عبدالله السلال وزيراً للخارجية. كما صدر قرار رئيس الجمهورية رقم (35) لسنة 2014م قضى بتعيين الدكتور أحمد عوض بن مبارك مديراً لمكتب رئاسة الجمهورية. وقضى قرار رئيس الجمهورية رقم (36) لسنة 2014م بتعيين الدكتور منصور علي أحمد البطاني أميناً عاماً لرئاسة الجمهورية، وقضى قرار رئيس الجمهورية رقم (37) لسنة 2014م بتعيين الدكتور أبو بكر القربي وأحمد عبيد الفضلي عضوين في مجلس الشورى. كما صدر القرار الجمهوري رقم (96) لسنة 2014م قضى بتعيين حسام الشرجبي نائباً لوزير المالية، والقرار الجمهوري رقم (97) لسنة 2014م بتعيين فؤاد الحميري نائباً لوزير الإعلام. والقرار الجمهوري رقم (98) لسنة 2014م بتعيين صخر الوجيه محافظاً لمحافظة الحديدة. والقرار الجمهوري رقم (99) لسنة 2014م بتعيين السفير خالد محفوظ بحاج مندوباً دائماً للجمهورية اليمنية لدى منظمة الأممالمتحدة بنيويورك، والقرار الجمهوري رقم (100) بتعيين الدكتور علي منصور بن سفاع سفيرا بوزارة الخارجية، والقرار الجمهوري رقم (101) لسنة 2014م بتعيين علي محمد محمد الطائفي مديراً عاماً تنفيذياً لشركة توزيع المنتجات النفطية. ردود أفعال الاشتراكي: التعديلات الوزارية ابتعدت عن الشراكة السياسية العسلي: لا جدوى من الترقيع والمطلوب 4 شروط لضمان الخروج من الأزمة المتوكل: ما حصل لعبة كراسٍ أشبه بهيكلة الجيش بشر: الرئيس أضاع فرصة منحه إياها المحتجون أمس لإحداث تغيير حقيقي عبر الحزب الاشتراكي اليمني –ثاني أكبر أحزاب اللقاء المشترك- عن استيائه من التعديلات الوزارية المعلنة أمس، معتبراً إياها غير ذات جدوى في مسار بناء الدولة. وقال الاشتراكي -في بلاغ صحفي نشره على موقعه الرسمي «الاشتراكي نت»- إن هذه التغييرات الوزارية تأخذ المشاكل في البلد إلى مسارات التقاسم بين القوى بعيداً عن الشراكة السياسية الحقيقية والمعالجات الهادفة إلى بناء المؤسسات الضامنة لحل وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني. وأضاف: لقد تابع الحزب الاشتراكي باهتمام بالغ التطورات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي شهدتها البلاد خلال الأيام الماضية، والتي تحاول فيها بعض الأطراف إغراق البلد في فوضى عارمة، وكنا نتوقع أن تكون هذه التطورات والأوضاع الخطيرة موضوع مناقشات عامة تدعو لها الأحزاب المشاركة في الائتلاف السياسي الذي يحكم البلاد باعتبار هذه الأحداث مسئولية الجميع. وتابع: لكننا فوجئنا بقرارات التغيير الوزاري بالصورة التي تعبر عن تجاهل لروح الشراكة التي كانت عليها العملية السياسية منذ توقيع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. لعبة كراسٍ من جهته قلل الدكتور محمد عبدالملك المتوكل –أبرز مؤسسي تكتل أحزاب المشترك- من أهمية هذا التعديل الوزاري، وأنه لا جدوى منه في حل الأزمة، ولا يعدو مجرد «لعبة كراسٍ». وقال المتوكل ل»اليمن اليوم»: أوضاع البلد سيئة وخطيرة إلى حدٍّ بعيد، وما حصل اليوم –أمس- من تعديل وزاري لن يفيد بشيء في سياق حلحلة الأمور وجلب الاستقرار والطمأنينة إلى نفوس الشعب. وأضاف: هذا التعديل يشبه تماماً في أثره هيكلة الجيش التي لم تكن أكثر من لعبة كراسٍ، في حين جوهر المشكلة كما هو، ويزداد سوءاً.وأشار المتوكل إلى أن الوضع يتطلب حلولا جادة تبدأ بمصالحة وطنية حقيقية، وذلك من خلال استدعاء قيادات الجنوب البارزة الموجودة في الخارج وعلى وجه الخصوص علي ناصر محمد، علي سالم البيض، حيدر أبو بكر العطاس، وكذلك الرئيس السابق علي عبدالله صالح، إلى حوار جاد تكون نتائجه مصالحة وطنية حقيقية يبنى عليها في إرساء الاستقرار. وأضاف: هؤلاء يمثلون قوى فاعلة ولهم مؤيدون كثر في الداخل كما لهم ارتباطاتهم مع الخارج، وجميعهم شاركوا في بناء دولة الوحدة وهم أنفسهم أيضاً مساهمون بشكل أو بآخر في ما لحق بالوحدة والبلد من تشوهات واحتقانات ستظل تبحث عن حلول جادة ولن تكون ما لم يشارك هؤلاء في حلها. وقال المتوكل في ختام تصريحه أنه في حال اتفق هؤلاء على حلول ومصالحة وطنية ستهدأ النفوس وسيشكلون قوى كابحة لأي تهورات من القوى الجديدة الصاعدة أكانوا من أنصار الله (الحوثيين) أو الإصلاح (الإخوان المسلمين) أو الحراك الجنوبي المتشدد. وفي السياق وصف وزير المالية الأسبق البروفيسور سيف العسلي التعديلات الوزارية ب»الترقيع» الذي لن يزيد الوضع المهترئ إلا اهتراء. وأضاف في تصريح ل»اليمن اليوم»: المشاكل التي تواجه اليمن ليست بالهينة ولا يمكن حلها بالترقيع وإنما باتخاذ جملة من الإجراءات الهادفة إلى تغيير جذري في الداخل مسنود بدعم مالي كبير من المانحين. وعدّد العسلي الحلول المطلوبة كالتالي: 1 - تشكيل حكومة من التكنوقراطيين مع التزام الرئيس بعدم التدخل في عملها، وخصوصاً في التعيينات والاعتمادات والمشاريع الوهمية كون الميزانية في أسوأ أحوالها ولا تتحمل أي أعباء إضافية، 2 - أن يلتزم الحوثيون والإخوان المسلمون (حزب الإصلاح) بوقف الحروب وعدم إثارة المشاكل لأنه بدون ذلك لا يمكن إقناع المستثمرين والمانحين بوجود استقرار في اليمن، وبدون المستثمرين ودعم المانحين لا يمكن إنعاش الاقتصاد المنهار، 3 - أن يلتزم المانحون بتقديم 4 مليارات دولار مباشرة من أجل حل أزمة المشتقات النفطية، كون هناك ديون لدى الدولة ولا توجد سيولة نقدية لشراء المشتقات. وأكد العسلي في ختام تصريحه أنه لا يمكن التعويل على أية إصلاحات من أي نوع لا رفع الدعم عن المشتقات النفطية ولا إصلاح الخدمة المدنية ولا التعديل الحكومي أو حتى تغيير الحكومة في ظل عدم وجود ثقة وشرعية سياسية واستقرار أمني واقتصادي وبدون ذلك لا فائدة لا بتعديل الحكومة ولا بتغييرها. رئيس كتلة الأحرار ويتفق رئيس تنظيم كتلة الأحرار في البرلمان الشيخ عبده بشر مع الكثير مما ذهب إليه سابقوه، وزاد: إن الرئيس عبدربه منصور هادي لم يستغل الأجواء المهيأة له لإحداث تغيير جذري ووضع حد لفشل حكومة الوفاق. وقال بشر ل»اليمن اليوم»: نحن في البرلمان سحبنا الثقة عن الحكومة لتشكيل حكومة كفاءات وليس تعديلا حكوميا. وأشار إلى أن التعديل المعلن ليس أكثر من «تدوير وظيفي لن يوقف تنامي الغضب الشعبي». وقال النائب بشر إن ما شهدته العاصمة صنعاء أمس هو «خروج شعبي غير موجه من أية قوى سياسية، وجاء بعد أن بلغت القلوب الحناجر جراء أزمة المشتقات النفطية وانهيار مختلف الخدمات، وأن هذه الاحتجاجات وفرت للرئيس دعماً شعبياً إلى جانب دعم البرلمان، وبالتالي فإن المطلوب حكومة كفاءات وحل مشكلة أزمة المشتقات.