إن لم ينقرض الجهل من بلدنا فسيأتي السياح ليتفرجوا علينا بدل الآثار.. الكلام قاله نجيب محفوظ في لحظة اعتراض على المبكيات الجاهلات فما الذي كان سيضيفه فيلسوف يمني مثل عبدالله البردوني لو رأى جديد « فظيع جهل ما يجري « من القتل والغش وتسريب الامتحانات وميزانية الثقافة وأزمات الأمن والاقتصاد ومشتقات النفط والانقلاب بالتواير ؟ وأما بعد أن رفعت أقلام التأشيرات السياحية وجفت أختام ضابط الجوازات تجاه مداخيل السياحة فلم يبقَ لنا سوى المزيد من السياحة الداخلية القسرية على النحو الذي تزايد فيه عدد المهجرين اليمنيين بسبب صراعات تتأخر عنها حلول لجان تثبيت الهدن ووقف الحشود والتعزيزات والاستحداثات واعتبار القتلى شهداء بالتسوية والتعويض « أسوة بأمثالهم «. لم ينقرض الجهل من اليمن ولا يبدو أنه ينكمش.. ولا حاجة للسياح أن يحضروا ليتفرجوا على الآثار أو علينا بعد أن صار كل من يحمل تلفون صحفي خطير ومدون عجيب قادر على عرض صرخات نساء وأطفال في قرى يمنية ما تزال تنتظر مجيء التاريخ الذي سيلعن كل من لا يجنح للسلم وكل من يمارس إرعاب الآمنين في قرى قصية في اليمن. وباسم الفضول أسأل لماذا يرتبط التغيير المحدود في اليمن فقط بدخان التواير؟ ولماذا يرافقه الدفع بالنظيف والفاسد إلى مجلس الشورى ؟ وأي دخل قومي ومساعدات خارجية ستستوعب استباق الدستور إلى الأقاليم والولايات وكل هؤلاء الضحايا وقائمة الشهداء الممتدة من صنعاء إلى الساحات إلى حضرموت والعودة؟ وكم هي قدرة عوض على التعويض رغم أنه ما يزال يغني ملعون أبو الفقر ذي خلى عوض مديون؟ أصحاب الفخامة والديولة والمعالي والسعادة.. يا أيها السيناتورات الأحياء منكم والأموات .. البلد تعاني فسارعوا إلى أي شيء.. سارعوا بالذهاب إلى انتخابات .. نفذوا مخرجات الحوار .. اطلعوا على الشعب بدستور ما بعد الإطلاع على التجربة الألمانية .. نفذوا بنود 20+11..ابدأوا بتنفيذ مصفوفة الحكومة ،ولا بأس بعدها من توسيع الشورى ليستوعب أقطاب 565 واستحضار روح الأقاليم لاستيعاب كل طامع في حكومات برنامج صور من بلادي. اعملوا أي حاجة فالسموم والأسلحة تمخر عباب البحر وشاطئه والكتل الهوائية المحملة بغبار الصحراء هي أبرز ما في نشرة الأخبار، وألف رحمة على البردوني وهو يحذرنا..فظيع .. جهل ما يجري.