إعلامياً، الألفاظ الذي تطلق عن الحوثيين حالياً بعد ثورة التغيير من وسائل إعلام الإصلاح هي نفسها التي أطلقت عليهم في حرب عمران، وبالذات التي لها مدلولات طائفية "كالرافضة" مثلاً وما على شاكلتها، وهو مصطلح يستخدمه المنتمون للفكر الوهابي الذي يمثله الإصلاحيون، واستخدم نفسه خلال الحروب الست ما لا يمكن أن يقوله صالح الذي كان يصف الحوثيين بالمتمردين خشيةً منه على حكمه. أما وسائل الإعلام المحسوبة على صالح بعد ثورة التغيير، ومنها صحيفة اليمن اليوم والقناة الذي تحمل نفس الاسم، فقد كانت حيادية ومهنية، وذكرت الحقائق، وكانت صحيفة اليمن اليوم أول من أكد سقوط عمران من يد الإصلاح، وهي أمور جرَّت عليهم الويلات كثيراً وجرى اتهامهم بأنهم من الحوثيين، وذلك موثق بمواقع الإنترنت، ولا أستبعد- من وجهة نظر مراقب للأوضاع- أن تلك التغطية للأحداث هي سبب الويل والثبور الذي طال قناة "اليمن اليوم" من هادي، المعروف بتعرضه لضغوط إصلاحية شديدة يرضخ لهم أحياناً كثيرة بسببها. ويُعرف أن صالح كان كثير الهجوم على الإماميين فعلاً، وهي الصفة الذي يحاولون لصقها بالحوثيين، وهو أمر آخر يدلِّل خشيته على الحكم كرئيس، والدليل أن بعد مغادرته السلطة لم يواصل مشوار عداء الحوثيين الذي قام به الإصلاح، رغم تواجدهم في الساحات معهم، كونها نزعة يعتبرونها دينية وتظهر في أقوالهم المتكررة ومنها "أن الرافضة أشد خطراً من اليهود"، بل أن الإصلاحيين ما فتئوا يرددون عن وجود تحالف بين الحوثيين وصالح مراراً وتكراراً. الخطاب الإعلامي الرسمي أيضاً ضد الحوثيين حالياً هو نفس الخطاب الذي كان يردد خلال الحروب الست، مما يدلِّل أنه من نفس المطبخ الإعلامي، وكون الممثلين لصالح حالياً قد تم استبعادهم ممثلين بأبرز الأسماء المعروفة ومنهم "علي حسن الشاطر، وعبده بورجي"، عن الجانب الحكومي، فذلك إثبات أنهم نفس عناصر الإصلاح وفي مقدمتهم "نصر طه مصطفى" الذي كان يعمل حينها رئيساً لمجلس إدارة وكالة سبأ، وهو حالياً وزير للإعلام.. وعبدالغني الشميري الذي كان حينها رئيساً لقطاع التلفزيون، وحالياً مستشار شخصي للجنرال "علي محسن الأحمر"، مع استمرار للدور الذي تقوم به منذ الحروب الست وحتى اليوم صحيفة أخبار اليوم التابعة للجنرال علي محسن الأحمر، ويعد رئيس مجلس إدارتها "سيف الحاضري" الفتى المدلل كذلك للجنرال علي محسن الأحمر حتى اللحظة. كذلك استمرار نفس الهيئة التابعة للإصلاح باسم العلماء بالدور الذي قامت به أيام حكم صالح، والاستعانة بالقاعدة في الحروب الست، كما جرى في عمران مؤخراً، وقديماً تمت الاستعانة بهم في الحرب خلال صيف 94. بموجب فتاوى الجهاد الصادرة عن المشيخات الدينية بالحزب ويقودها بنفسه الشيخ عبدالمجيد الزنداني، الذي وصف يوماً علي عبدالله صالح بالصحابي عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ثم قلب له ظهر المجن. كما لا ننسى مشايخ القبيلة في حزب الإصلاح، ويقودهم وريث ملك حاشد ممثلاً بصادق الأحمر نجل الشيخ عبدالله الأكبر، وإخوانه الذين حاربوا خلال الحروب الست ضد الحوثيين، ثم اتهموا صالح بالوقوف وراء تلك الحروب خلال ثورة التغيير، ثم عادوا للواجهة مجدداً كألدِّ الخصوم والأعداء لأنصار الله بعد وصول الإصلاح للسلطة، وتم تسمية حسين الأحمر بأسد السنة من مشايخ الدين، وهو ما نتج عنه طردهم من حاشد، أما المشايخ القبليون، القريبون من صالح، فقد التزموا الحياد على الأقل في المعارك التي دارت ميدانياً، ومن ضمنهم مشايخ سبق أن دارت بينهم والحوثيين حروب سابقة وبمقدمتهم "صغير عزيز". أخيراً: لست هنا بهدف تبرئة أو إدانة الرئيس السابق عن "جريمة" الحروب الست.. لكني أقول هذا ليرتاح ضميري عمَّا وصلت إليه من تحليل للأمور.. ولا يهمني الماضي بقدر اهتمامي بالمستقبل. فالرئيس السابق يحظى بشعبية كبيرة بين مناصريه، وهم ذاتهم يعتبر أغلبهم مناصرين للحوثيين بسبب أنهم جميعاً ضحايا للإصلاح، على الأرجح، وبهدف عدم زيادة الأحقاد أو إنتاج ثارات، ومن دافع محبة شخصية لأنصار الله حتى لا يتأخر قليلاً انتشارهم الثقافي أو الاجتماعي في البلاد، وأقول لا يتأخر وليس إعاقتهم أو إيقافهم، لثقتي التامة أنه لا يوجد "ما أو من" يمكن له أن يعيقهم، فهم القوة الثابتة الصامدة، ولكن لا نريد حتى التأخير لهم. وفي حال التساؤل: لماذا هذا الاهتمام والرغبة في عدم الضغينة بشأن المؤتمر ولا يسري ذلك على حزب الإصلاح- وأقصد بحزب الإصلاح القيادات وليس الأعضاء العاديين فهم مواطنون أبرياء مثلنا- لثقتي وجميع اليمنيين عدا الإصلاحيين، فقط، أنهم سبب كل مشكلة تمر بها اليمن وسيبقون كذلك بقراءة تاريخهم وتجاربهم السابقة، ولا يمكن بناء يمن جديد أو حتى الإبقاء على اليمن كما هو حالياً بهم، أما صالح فلم يعد حاكماً البلد، ومنذ خروجه لم يُسئ أو يمارس أدواراً عدائية ضد الحوثيين، وهو ما يؤكد أنه كان يخوض حرباً كرئيس لدولة وليس لبعد طائفي. أتمنى قراءة الموضوع برويَّة واهتمام، مع رجاء التركيز أني محسوب على الأقل كمحب ومتعاطف مع أنصار الله- الطرف القوي- الذي يُحسب حسابه حالياً، ومن باب المصلحة وليس الانتماء أن أستثمر بعض الجهد الذي بذلته معهم حالياً، خصوصاً لما عُرف عني من وقوفي ضد النظام وصبّ جام غضبي على الرئيس السابق، وهي معلنة وليست خافية ولا مصلحة لي معهم، فهم لن يثقوا بي بعد خروجي ضدهم.. ودمتم بخير وعافية.