إن الرهان على التدخل الأجنبي في القضايا الداخلية لأيِّ شعبٍ من شعوب العالم، هو رهان خاسر بالتأكيد، ولا يجرُّ معه إلا الكوارث والويلات والدمار على الأوطان والشعوب. شواهد التاريخ ماضيه وحاضره ماثلة، وعلى مرمى كل عقل يتمتع ببصيرة ثاقبة، وإدراك واعٍ متحرر من الضغائن والكيد والأنانية. التدخل الأجنبي في العراق وليبيا وسوريا لا يزال ينتج الدمار والمآسي، ولا تزال شلالات الدم والدموع تتدفق بغزارة من أكباد وأجساد هذه الأوطان التي استباحتها آلة التدخل الأجنبي، وبمباركة وتهليل بعض أبنائه. لا اعتقد أن من يصفقون للتدخل الأجنبي في اليمن، ويحثون حملة بيارق الفصل السابع على سرعة تجهيز الفيالق وتدشين الحرب الدولية المقدسة ضد خصومهم يجهلون هذه الحقيقة، ولكنهم يعبِّرون عن حالة الأنانية والتطرف في الخصومة المستحكمة في وعيهم المنكفئ في حدود خارطة مصالحهم المادية والتسلطية التي تجعلهم مستعدين دائماً للمغامرة بسيادة الوطن وحياة الشعب ومستقبل أبنائه في سبيل إزاحة خصم سياسي أو إخضاعه لقبول شرط، أو تمرير صفقة سياسية، تضمن لهم طول البقاء في كراسي الحكم، حتى لو احترق الكون. أولئك هم من يغرزون الخناجر الأجنبية في خواصر أوطانهم. الأوطان في نظرهم ليست سوى مساحة جغرافية تدرُّ المصالح، والشعوب ليست في مفهومهم سوى رعية وأجراء!! عليهم ألَّا يفرطوا بالعويل في محاولة منهم لاستنفار الحمية الأجنبية للتدخل العسكري في اليمن، وأن يتذكروا جيداً ما قاله مسئول بريطاني رفيع عندما طرح له مسئول عربي فرضية التدخل العسكري في اليمن أثناء حرب صيف 94 بقوله: " اليمن ليست مضيافة لتواجد من هذا النوع"..