"مهربو المشتقات النفطية يشتغلون بكل حرية، ولا توجد جهات ضبط وعقاب بشكل فعَّال، رغم ثبوت تورطهم، وبعد رفع الأسعار ابتكروا طرق فساد واحتيال جديدة".. رجل الأعمال أحمد العيسي، رئيس مجلس إدارة مجموعة العيسي يتحدث في حوار ل"اليمن اليوم الاقتصادي" عن حقائق تهريب المشتقات.. حاوره/ إبراهيم الحجاجي بداية كيف تقرأ واقع الاقتصاد اليمني؟ - الوضع الاقتصادي الراهن في اليمن صعب نتيجة الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، احتياطي النقدي الأجنبي يتراجع، وإنتاج النفط الخام الذي تعتمد عليه الحكومة بتمويل الموازنة العامة تراجع خلال السنوات الماضية من 400 ألف برميل يومياً، ليصل في الفترة الأخيرة إلى 160 ألف برميل يومياً تقريباً، ولا زال مستمراً بالتراجع، خاصة مع توقف معظم الشركات في مجالات الاستكشاف والتنقيب والإنتاج والتي كانت الأسباب الرئيسية لذلك الأوضاع الأمنية التي تعيشها البلاد . كيف تقيمون قرار الحكومة برفع الدعم عن المشتقات النفطية؟ - قرار إيجابي كونه سيحافظ على الاقتصاد الوطني من الانهيار، والذي كان قد وصل مرحلة خطرة، ولو لم يُتخذ هذا الإجراء لأعلنت الدولة إفلاسها. كيف يمكن للحكومة تعزيز المالية العامة وتحسين أداء الاقتصاد؟ - أصدر رئيس الجمهورية توجيهات للحكومة بترشيد الإنفاق وحشد الموارد والمدخرات ورفع أداء تحصيل الإيرادات الضريبية والجمركية، ولو طبق مع محاربة الفساد ومهربي النفط والغاز، ذلك سيعزز استدامة المالية العامة، وأيضاً على الحكومة تحسين بيئة الاستثمار، فاليمن واعدة بالخير، كما يجب على الحكومة العمل على توفير المناخ المناسب للشركة الأجنبية لمعاودة التنقيب وإنتاج النفط، وتوسيع عمليات الاستكشاف للبترول. هل قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية سينهي عمليات التهريب؟ - رفع الدعم حدَّ من التهريب 90% ولن يبقى إلا نوع بسيط من التهريب أو طرق احتيال في ما يتعلق بالاستهلاكات المدعومة التي تخص الكهرباء وغيرها من مؤسسات الدولة، ومع قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية تضرر المهربين وابتكروا طرقاً أخرى للتهريب أو احتيال، إذا صح التعبير، وهم نفس الجهات المدانة بالتهريب مدعومين من قيادات نافذة، الذين يدَّعون أنهم وطنيون وحريصون على المصلحة العامة، مع أنهم يقدمون التوجيهات والتسهيلات للجهات المهربة، ويتم التعامل مع المهربين بصرف كميات مفتوحة وزيادة عن الآخرين باسم محافظات بعيدة، ويتم بيع الكمية بنفس مكان الصرف . ما هي أساليب الاحتيال التي ابتكرها المهربون؟ - يعطونهم ديزل وبنزين بأجور نقل صنعاءومحافظات بعيدة، مثلاً من الحديدة إلى صنعاء أو من عدن إلى صنعاء، ويتم بيع تلك الكميات في محافظات استلام الكميات، ويأخذون من 6 إلى 7 ريالات كأجور نقل للتر الواحد من الحديدة إلى صنعاء أو 14 ريالاً من عدن إلى صنعاء ويتم بيعها في نفس المحافظات التي استلموا الكمية منها، وهذا فساد واحتيال لإهدار جزء هام من الموارد العامة للوصول إلى إضعاف الدولة، وسبق أن تم كشف العديد من القاطرات. وأنتم، هل تتعاملون بنفس الأسعار؟ - لا، إطلاقاً، نحن نأخذ أجور نقل ريالاً واحداً وثمانين فلساً للتر الواحد من عدن إلى الحديدة، وعلى الجميع أن ينظر الفارق سواءً في السعر أو المسافة أو طريقة التعامل . برأيك لماذا لم تتخذ إجراءات ضد المهربين من قبل الأجهزة المختصة؟ - اتخذت ضدهم إجراءات وتم كشف جهات مهربة وتم ضبطها، وعليهم قضايا في النيابات والمحاكم والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وعليهم إثباتات أنهم قاموا بتهريب المشتقات النفطية، والغاز أكثر شيء، والجهات المختصة تعرف تماماً المهربين الحقيقيين، وهم معروفون لدى النفط والكهرباء ومصانع الأسمنت والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وغيرها من الجهات، وأتمنى أن تكشف الجهات المختصة المهربين الحقيقيين للرأي العام، ولكن للأسف هذه الجهات المهربة أصبحت تشتغل بكل حرية، ومن عجائب الزمان أن الجهات المهربة أو الشخصيات النافذة التي تساعدها على التهريب هي من تصنف المهربين، لأنه لا يوجد جهات ضبط وحساب وعقاب بشكل فاعل . الكثير من التقارير الإعلامية في الفترة الماضية تحدثت أنكم مهربون لمادة الديزل؟ - أنا سمعت مثلك الكثير من البلابل التي تفوح من مطابخ مغرضة عبر وسائل إعلامية اتهمت شخصي بتهريب الديزل، مع أني لا أبيع ولا أشتري بالديزل إلا من خلال محطات الوقود التي أملكها، ونؤكد ونتحدى كائناً من كان بكلِّ ما تعنيه الكلمة من معنى أن يثبت على أحمد صالح العيسي أنه هرَّب حتى لتراً واحداً أو اشتغل في هذا المجال، وأكرر التحدي لأي جهة أن تثبت علينا تهمة التهريب، سواءً كانت النفط بمختلف شركاتها ومؤسساتها أو الكهرباء أو الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أو القضاء أو الجهات الأمنية، وقد نزلت لجان تفتيش وتقصٍّ من مجلس النواب والجهات الأمنية والشئون القانونية والقضاء وغيرة من الجهات ذات العلاقة ولم تثبت علينا أي مخالفة، ولكن للأسف ربما أن البعض دفعه الحسد للبلبلة والمزايدة في بعض الأمور كالأسعار والاحتكار، بعض المسئولين يعملون مع تجار ووكلاء لهم.. صخر الوجيه كان في البداية ليس معه إلا هذه القضية سواءً في مجلس النواب أو الحوار أو وزارة المالية، لكنه لم يستطع أن يثبت أي خطأ أو تجاوز يخصنا. في ما يتعلق بالعقود.. أُثيرت مؤخراً شكوك حول عقود شركتكم؟ - نحن شركة وطنية تعمل في مجال النقل البحري، والشركة الوحيدة في اليمن التي تملك أسطولاً بحرياً يتكون من 20 ناقلة بحرية، ورثنا هذا العمل من شركات أجنبية كانت تقوم به، ونحن حينها قدمنا عروضاً أفضل وتم التعاقد معنا وفق النظام والقانون من جميع الجوانب، وعقودنا دولية التحكيم فيها بالقانون البريطاني، ولا ننكر أننا بفضل الله كسبنا واستفدنا من هذا العمل ووفرنا الاستقرار النفطي للبلد في كل الظروف الصعبة، والدليل على ذلك حرب الخليج والأزمات التي مرت بها اليمن، ولم نسحب بواخرنا واستمررنا في العمل، عكس الشركات الأجنبية التي هربت ورفعت التأمين، وغيرها من الأمور المتعلقة. وما هو العمل الذي تم اتهامكم من خلاله؟ - عملي الأساسي الذي يتهمونني من خلاله هو النقل، أنا أقوم بنقل المشتقات النفطية من المصافي إلى الموانئ بطرق نظامية وقانونية، يشرف على تحميلها جهاز طويل عريض يبدأ من موظف المصفاة والجمارك وخفر السواحل والجهات الرقابية والأمنية، حتى يصل إلى ميناء التفريغ ويتم استلامها عبر سبع جهات مشتركة كالنفط والجمارك وخفر السواحل والموانئ والجوازات.. إلخ، ثم الوصول إلى موظفي النفط في المنشآت والوكلاء الذين يوزعون إلى المحطات . كلمة أخيرة تودون قولها؟ - شكراً لصحيفتكم الغراء التي تركز على هذه المواضيع الهامة، وعبركم أدعو فخامة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي إلى توجيه الجهات المسئولة بمعالجة الاختلالات واختيار الكوادر الكفؤة التي يكون همها مصلحة الوطن قبل مصالحها الذاتية، كون البلد لم يعد يحتمل مزيداً من الأخطاء، رغم أننا نقدِّر الهمَّ الذي يتحمَّله رئيس الجمهورية في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية .