أديب وكاتب وشاعر لبناني، وهو صاحب القصيدة الشهيرة "هذه ليلتي وحلم حياتي.. بين ماضٍ من الزمان وآتِ" التي غنَّتها أم كلثوم، وتم تدجينها فتحوَّلت إلى أنشودة ضمن أناشيد الزفة الصنعانية. قبل أشهر كنتُ في بيروت، بحثتُ عن جورج جرداق لرغبتي في لقائه والتعرف عليه، فقيل لي إنه مريض ولا تسمح له حالته الصحية بالتحدث، فتحسَّرتُ كثيراً على ضياع هذه الفرصة.. وقبل يومين سمعت بخبر رحيله المفجع. قرأتُ كثيراً عن الإمام علي بن أبي طالب.. وغالباً ما كنت أنتهي من قراءة الكتاب وأنا أتحسَّر على هذا التاريخ الذي أصبح صاروخاً توجِّهه كلُّ فرقة في وجه الفرقة المناوئة لها.. فإن كان المؤلف شيعياً فستأخذه العاطفة ويبالغ في وصفه بما ليس فيه ولا يحتاج إليه، وإن كان المؤلف سنيَّاً فلا بد أن تشدُّه عاطفته ويغمطه حقه. لم أعرف علي بن أبي طالب، حق المعرفة، إلا حين قرأت كتاب "الإمام علي صوت العدالة الإنسانية"، وهو موسوعة من خمسة مجلدات، للكاتب جورق جورداق.. تناول هذا الكاتبُ المسيحيُّ عليَّ بن أبي طالب كفيلسوف وكإنسان، وكشخصية عظيمة تركت للبشرية الكثير من الضوء، بعيداً عن منغِّصات يوم السقيفة التي لا طائل من ورائها سوى النفخ في نار الطائفية المقيتة.. علي بن أبي طالب إمام عظيم، وهو ليس حكراً على الشيعة، ولا على سواهم.. لأنه كان يتحدث باسم الإنسانية، وكان يتعامل مع الناس في خلافته بميزان واحد، دون أن ينظر إلى أديانهم أو طوائفهم التي ينتمون إليها. جورج جرداق كتَبَ عن علي بن أبي طالب ما لم يكتبه المسلمون جميعاً طوال ألف وأربعمائة سنة، لأنه كتب عنه بمعرفة وليس بعاطفة. رحم الله جورج جرداق.