تأزمت، أمس، الأوضاع مجدداً بين جماعة أنصار الله (الحوثيين) والرئاسة، بتوتر ميداني في ساعات النهار الأولى قرب دار الرئاسة، وفي المساء أعلنت الجماعة رفضها الصريح لخيار الدولة الاتحادية من 6 أقاليم، كما أعلنت ضمنياً رفضها القرارات الجمهورية الصادرة، أمس الأول، والتي قضت بتعيين محافظين لسبع محافظات وإدارة جديدة لمجلس إدارة موانئ خليج عدن، والهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد. وساد ميدان السبعين ومحيط دار الرئاسة، في الصباح وحتى الظهر، توتر شديد كاد يتسبب بانفجار الموقف عسكرياً بين أنصار الله (الحوثيين) والحرس الرئاسي. وأوضح ل"اليمن اليوم" مصدر في الحرس الرئاسي أن عدداً من اللجان الشعبية وصلوا، صباح أمس، إلى ميدان السبعين وشرعوا في تركيب لوحات دعائية استعداداً لمهرجان المولد النبوي، وعندما أرادوا الصعود إلى منصة ميدان السبعين لغرض التجهيز وتعليق الشعارات منعهم أفراد الحراسة المرابطون أمام المنصة، ودخل الجانبان في مشادات كلامية، وسرعان ما أطلق أفراد (من الحرس الرئاسي) النار في الهواء دونما رد من الطرف الآخر، الذين سارعوا إلى التهدئة وإبلاغ الجنود أن لديهم أوامر من رئيس الجمهورية وأنهم لم يأتوا للاقتحام. وأضاف أن تعزيزات وصلت سريعاً للحوثيين وانتشرت على جميع المداخل المؤدية إلى ميدان السبعين، فيما رفع الحرس الرئاسي الجاهزية القتالية، وكانت الأوضاع تسير نحو الانفجار، غير أن الاتصال السريع برئيس الجمهورية، عبدربه منصور هادي، والذي بدوره وجَّه بعدم الاحتكاك بالحوثيين، قائلاً إنه من سمح لهم بذلك. وبحسب المصدر فإن قيادة الحرس الرئاسي وجَّهت اعتذاراً للحوثيين والذين قابلوا الأمر بتفهُّم. ولفت المصدر إلى أن الحوثيين كانوا أثناء المشادات قد أبلغوا الجنود بأن لديهم أوامر من الرئيس هادي بإقامة مهرجان المولد النبوي في ميدان السبعين والصلاة في جامع الصالح، إلاّ أن الجنود لم يعيروا ذلك أي اهتمام. وقال المصدر في سياق تصريحه ل"اليمن اليوم"، وهو ضابط في الحرس الرئاسي، إن إطلاق النار كان عشوائياً للهواء، نافياً وقوع إصابات في صفوف الحوثيين. وكانت المواقع الإلكترونية، أمس، تحدثت عن إصابة 3 من الحوثيين. وفضلاً عن الهلع الكبير الذي أصاب الشارع في العاصمة، تسبب التوتر- الذي استمر حتى الثانية بعد الظهر- بازدحام شديد في حركة السير شهدته الأحياء المحيطة بميدان السبعين بعد إغلاق الميدان والشوارع المتفرعة منه وإليه. وقال شهود عيان إن اللجان الشعبية فرضت طوقاً على أفراد الحراسة الرئاسية من كل الاتجاهات المحيطة بدار الرئاسة. ورغم انتهاء أزمة "السبعين" العسكرية فقد فُتحت أزمة سياسية جديدة بين جماعة أنصار الله التي تسيطر على العاصمة وعدد من المحافظات وبين رئيس الجمهورية. وحذرت جماعة أنصار الله "الحوثيين" ممَّا أسمته محاولة الالتفاف على اتفاق السلم والشراكة. وقال بيان صادر عن المجلس السياسي للجماعة "إن أي خطوة أو قرار أو تعيين يجب أن يخضع لمضامين ومحددات اتفاق السلم والشراكة الوطنية، وفي مقدمتها مضامين البندين الأول والسادس التي أكدت على وجوب تحقيق الشراكة الوطنية الفعلية في كل مؤسسات وأجهزة الدولة على مستوى المركز والمحافظات، بما يضمن التمثيل العادل لكافة القوى والمكونات السياسية في تلك المؤسسات والأجهزة"، في إشارة إلى قرارات التعيين التي يصدرها الرئيس عبدربه منصور هادي. وأضاف البيان "نؤكد رفض كل أعمال العرقلة والتعطيل ومحاولات الالتفاف على بعض الاستحقاقات والخطوات المنصوص عليها في اتفاق السلم والشراكة الوطنية، ومن ذلك التنصل عن تحقيق الشراكة الوطنية، وعن تجفيف منابع الفساد، ومحاربة قوى الإجرام، وكذا المماطلة في تصحيح الاختلالات المتعلقة بالهيئة الوطنية، وكذا توسيع مجلس الشورى، والتنصل عن تمثيل المكونات في اللجنة العليا للانتخابات، وكذلك الالتفاف على ما يتعلق بمعالجة شكل الدولة التي يحاول البعض اليوم فرض خيار الستة الأقاليم في نصوص الدستور الجديد في عملية انقلاب واضحة على البند العاشر من اتفاق السلم والشراكة الوطنية". يُذكر أن البند الأول من اتفاق السلم والشراكة نصَّ على "يجري الأخ رئيس الجمهورية مشاورات شاملة وشفافة مع جميع المكونات الممثلة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل فور توقيع هذا الاتفاق. وتهدف هذه المشاورات إلى تشكيل حكومة كفاءات في مدة أقصاها شهر. وتكلف الحكومة الحالية بتصريف الشؤون العامة العادية حتى تشكيل الحكومة الجديدة. وتعتمد في تشكيل الحكومة الجديدة مبادئ الكفاءة والنزاهة والشراكة الوطنية، على أن تضمن مشاركة واسعة للمكونات السياسية. تشارك المكونات في هذه المشاورات بشكل فعَّال، ويتم تمثيلها في الهيئات التنفيذية على المستوى المركزي وفي المحافظات لضمان الفاعلية والشراكة الوطنية". وينصُّ البند السادس على "يمارس الأخ رئيس الجمهورية صلاحياته الدستورية لضمان تمثيل عادل لجميع المكونات في الهيئات التنفيذية وعلى المستويين المركزي والمحافظات، إضافة إلى هيئات الإشراف، وذلك لضمان الكفاءة والنزاهة والشراكة الوطنية والفاعلية. ويجب ضمان المشاركة العادلة في الهيئات القضائية بما يتوافق مع مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. تعمل الحكومة بموجب مبادئ الشراكة الوطنية وتحترم مصالح اليمن العليا في السياسات المحلية والخارجية، وتعكس تطلعات جميع أبناء الشعب". وينص البند العاشر على "إلغاء كل الإجراءات العقابية، إدارية أو مالية أو غيرها، على العسكريين أو المدنيين على خلفية المشاركة في المظاهرات السلمية أو تأييدهم بطرق سلمية لمطالب شعبية مشروعة".