الاشتقاق اللفظي بين "غيب، وغبي"، يقابله القرب بين الغيبوبة والغباء.. ستجد هذا، وأنت تقرأ كلام المدافعين عن رأي رجل دين، أنكر حقائق علمية معروفة منذ "إخوان الصفاء" قبل أكثر من ألف ومائة عام، ومستقرة من أيام غاليليو غاليلي، وكوبرنيكوس، ومؤيدة بشواهد لا نقيض لها.. رجل دين يدعى بندر بن سليمان الخيبري، وهو عضو مركز الدعوة والإرشاد التابع لوزارة الشئون الإسلامية في السعودية، ألقى محاضرة وعظية قبل أيام، أكد فيها "بالدليل" أن الكرة الأرضية لا تدور، بل ثابتة، وأن الشمس تدور حولها، بدليل قول القرآن "والشمس تجري لمستقر لها".. وأما مركبات الفضاء، ورواد الفضاء "فما صعدوا إلى القمر، وما شافوا القمر، فذلك كله صنعوه في هوليوود، ونحن صدقناهم وجرينا خلفهم"! ومن الأدلة الدامغة، التي ساقها الخيبري، على عدم دوران الأرض، أنه لو كانت تدور فإن المسافر على متن طائرة من إمارة الشارقة، إلى بلاد الصين يمكن أن ينزل إلى الصين بمجرد وقوف الطائرة في سماء الشارقة، إذ ستأتي بلاد الصين إلى تحت الطائرة ما دامت الأرض تدور.. بمثال آخر - من عندنا- لو وجدت سحابة ممطرة في سماء مدينة صنعاء، سيذهب مطرها إلى منطقة أخرى لو أن الكرة الأرضية تدور، إذ ستبقى السحابة في السماء، بينما ستكون مدينة صنعاء قد ذهبت إلى مكان آخر بفعل دوران الأرض.. هذا كلام لا يقوله إلا من يجهل أن السحابة موجودة أصلا في الغلاف الجوي لصنعاء، إذ عندما تدور الأرض يدور معها غلافها الجوي بكل ما فيه من سحب وطائرات وطيور ورياح، وجن.. أقول ليس المهم عندي ما قاله ذلك الداعية العبقري، فهو ليس بجديد، إذ نقل ما حفظه من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية، وشيوخ هيئة كبار العلماء هناك، أمثال عبدالعزيز بن باز، ومحمد العثيمين.. فهم يقولون إنهم يتبعون كلام "ابن قيم الجوزية" بأن الأرض لا تدور، بل ثابتة، والشمس هي التي تدور، وأفتى بن باز ولجنة الإفتاء السعودية، أن على المعلمين -عندما يدرسون مادة الجغرافيا لطلاب المدارس- أن يبينوا لهم أن نظريات الجغرافيين حول دوران الأرض، وثبات الشمس، نظريات تتعارض مع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية!! كلام الداعية الخيبري، الذي يتعارض مع الحقائق العلمية الراسخة، والمفروغ منها اليوم وإلى قيام الساعة، ووجه بنقد وتعليقات ساخرة كثيرة، ولكن الذين أيدوا كلام الداعية، وهاجموا نقاده، كانوا أكثر، الأمر الذي يكشف عن حالة غيبوبة وغباء عربي- إسلامي، شبه عام.