مازالت دول التحالف تقصف، وما زال الحوثي يتمدد، وما زالوا جميعاً يغلقون آذانهم ويصمونها، ولا يريدون أن يستمعوا لأنين الشارع، الذي بات لا يجد لقمة العيش ولا يجد الأمان ويتسول النوم في المدن داخل اليمن، وأيضا في مطارات الخارج علّ وعسى أن يغفو ويصحو على حلمه في وطن لا يكون حلبة صراع. فحتى الآن أكثر من 1200 غارة لم تستطع دول التحالف أن تغير الوضع على الأرض، بالعكس من ذلك جعلت المؤسسة العسكرية الصالحية أو الحوثية سموها ما شئتم "بشريا" متماسكة أكثر لاسيما ولم ينشق منها أي جزء في الواقع وإنما في الفيسبوك. بعد أسبوعين من الغارات تجد السعودية أنها لا تستطيع التقدم ولا التراجع في معركتها وإن صح التعبير وقعت في الفخ، فلا باكستان أرسلت رجالها، ولا تركيا ولا مصر ولا معركة برية حصلت أو رافقت ذلك. راهنت السعودية على كثير من المتغيرات لإضعاف الحوثيين والجيش براً ومنعهم من مواصلة التقدم في مدن مختلفة، والذي لم ينجح. خسرنا أكثر من 2500 شخص إلى اليوم بين قتيل وجريح كلهم من أبناء اليمن، مئات الآلاف نزحت من بيوتها وكلهم أيضا من أبناء اليمن، وهناك حصار بحري وجوي يعاني منه ليس صالح ولا الحوثي وإنما جميع أبناء اليمن. أطفال يتم تجنيدهم وزجهم في معارك تحت حجج مختلفة، وهم أيضا من أبناء اليمن. نساء وأطفال مرعوبون وخائفون في صنعاءوعدن، وهم أيضا من أبناء اليمن. خسرنا شبابنا وأهلينا والأمان وبيوتنا في عدنوصنعاء والضالع وغيرها، وكل ذلك في اليمن. وخسرنا البنية التحتية للمؤسسات العسكرية والأمنية، وتدمير المطارات والمنشآت الرياضية والخدمية ونحن نصفق ونبتهل برغم أنها ليست ملكا لصالح أو الحوثي وإنما ملك اليمن. تدمر طائرات ومنها طائرة إل يوشن 76- الاستراتيجية للنقل، والتي تبلغ قيمتها 150 مليون دولار برغم أن المطارات قد ضربت أيضا، فهذا من حسابات قوت أبناء اليمن، يرافق ذلك انهيار اقتصادي وتعليمي وإداري، ونحن في نقاش، هل أنت مع العاصفة أم ضدها، وكل ذلك مصيبة في حق اليمن . ولم يسلم حتى القطاع الخاص أيضا سوى من الغارات والحرب على سبيل المثال، صوامع الغلال، ناقلات القمح أو المصانع، خزانات النفط، وذلك في اليمن. كثير من أبنائنا عالقون في الخارج وآخرون ركبوا البحر إلى جيبوتي، وهم من أبناء اليمن. تضرب الرادارات والدفاعات الجوية ومعسكرات في مناطق وجزر نائية ويسقط فيها شباب ورجال ومكتسبات ليست في المريخ وإنما في اليمن. ظهرت أمراض طائفية كثيرة في المجتمع وشحن فكري مريض، ولم يدركوا أنها صراعات سياسية يموت فيها الغلابة من أبناء اليمن. حصار للبلد وعما قريب انتشار مجاعة يموت فيها ليس 2500 شخص وإنما الآلاف، نتسول الجميع بعدها ونحن نناقش الشرعية الدستورية والشرعية الثورية وهل سوف تحصل معركة برية أم لا، ومحصلة الأمر أن من يدفع الثمن هم أبناء اليمن. في هذا الصراع لم يسقط إيراني أو سعودي أو مصري أو حتى جني، أهلنا يتساقطون أمامنا كأوراق الخريف وبلدنا يسقط أمامنا كقطع الشطرنج. ومختصر الأمر أن اليمن يتعرض لعدوان داخلي منا نحن اليمنيين، وخارجي من أشقائنا غير مسبوق كيفاً وكماً، فيكفينا حرب الداخل ومساعدة الخارج لحد كذا. وكل ذلك لن يجعل أي طرف يحسم المعركة، وفي الأخير سوف يصل الجميع إلى قناعة أن الحوار السياسي هو الحل شرط أن يكون في دولة محايدة وبشرط أن تخرج الأطراف بماء الوجه! *من حائطه