لم يعد المواطنون اليمنيون يعرفون من أي جهة وفي أي وقت سيأتيهم القتل القادم من صواريخ وقنابل العدوان السعودي. ال 24 الساعة صارت مساحة زمنية لتدمير الحياة في اليمن، وبتصاعد عجيب يعكس مخزون الحقد والكراهية وكتل الغطرسة والاستكبار على الجار المنكوب بقوى سياسية معروفة بالاسم والصفة الاعتبارية، والمنكوب بجار متشرب بكذبة أن رفاهيته مرهونة بأن يبقى اليمنيون إما متسولين أو تحت رحمة الكفيل أو تحت سكاكين الإرهاب. على أن دخول الأسبوع الرابع للعدوان كشف تركيز منفذو العدوان على أوقات معيّنة يجري فيها انتظام القصف. مع ارتفاع أصوات المآذن بالنداء لصلاة الظهر يبدأ القصف في التغطية على الأذان، ويتكرر القصف مع كل أذان وصلاة بصورة أجزم أنها تحولت إلى ظاهرة جديرة بالسؤال والبحث. ولقد حمل يوم أمس الذي يلتقي فيه الكل مع الكل في اليمن، مع رسائل التمنيات بجمعة مباركة، تصعيداً في عدد الطلعات الجوية وتوسيعاً لخارطة استهداف كل شيء بما لا يُحصر من أعمدة الدخان المتصاعدة من كل مرافق الإبقاء على الحياة. ولعل من حسن التوفيق بمعايير علاقة اليمنيين بربهم أن سُعار العدوان يرتفع في أوقات يكونون أكثر طمأنينة، وهم إما بين يدي الله في المساجد، أو يسلمون أجسادهم للنوم، فيكون العدوان المستكبر فرصة لقراءة القرآن والدعاء بأن ينتقم الله من العدوان، حيث لا تسمع من الجهر والهمس إلا قراءة القرآن ودعوة الله الجبار بأن يجعل كيد الظالمين في نحورهم. وبين حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأفوض أمري إلى الله، يشعر المراقب كيف أن العدوان الظالم والحرب القاتلة إنما توحد اليمنيين، تفضح من يقولون "نحن نقتلكم من أجل مصلحتكم".. يشعر المتأمل كيف أن ما يحدث إنما يجدد إيماننا بالله وثقتنا بأنه أكبر من كل كبير، وأنه المنتقم من كل ظالم. تحية للشعب اليمني العظيم على صبره، وليكن الجميع على ثقة بأن الله هو الحق وهو العدل.. وأن العاقبة دائماً للمتقين.