لنتمعن قليلاً في منطقية العنوان وهو يصف واقع الحال الحقيقي لتوجهات قناة العربية السعودية والمناقض لما تدعيه القناة وهي ترفع شعار أن تعرف أكثر للمشاهدين الذين تستخف بهم وبعقولهم وتتعامل معهم كدمى، وتعتبر أن المتابعين يفكرون بجماجم بلاستيكية حيث يتجلى التضليل الممنهج والافتراءات الاحترافية التي تمارسها هذه القناة ضد المشاهد العربي حين تقوم بتغطية أحداث في بلده ليقف مباشرة على ذلك المد الكاذب من الأخبار والتلفيقات المخزية المتنافية مع ما يدور على الواقع، فحجم الفضائح التي ترتكبها هذه الأداة الإعلامية المأجورة تكشف بجلاء دأبها على تنفيذ مخططات تآمرية كبيرة على الأمم والشعوب، وتعطي إشارات إعلامية يتبعها تحركات عسكرية تستمد نفسها من تحويل الحقائق عن مسارها وبعكس وقائعها وموضوعية الأحداث كما حدثت. العربية بكل بجاحة تقوم بتجيير المظاهرات المنددة بالقصف السعودي لصالح العدوان وتدعي أنها مظاهرات مؤيدة للعدوان هكذا مغالطة عيني عينك وبتزوير واضح جهاراً نهاراً ناهيك عن تمييع المهنية وذبحها ببث أخبار خادمة للاعتداءات على المدنيين عن طريق تبديل الفتك بهم على أن منازلهم منشآت عسكرية فيحلون دماءهم ويبيحون نسف أشلائهم.. ثم تقفز هذه العبرية على الأعراف والأخلاق حين تروج أخباراً من قبيل دخول الجيش واللجان الشعبية إلى الأحياء السكنية بغرض إزاحة الستار عن تحريم التعرض لهذه التجمعات المدنية وإحلال قصفها وخاصة في العاصمة أو نصب مضادات طيران فوق مبانٍ مدنية. ولذلك يظل المواطن العربي في الحقيقة ضحية شعار "لن تعرف أكثر" بإدراج خطط الأهداف التي يقصفها العدوان السعودي بمعنى أن هذا المنبر ليس أكثر من غرفة عمليات علنية للعدوان السعودي وعلاوةً على ذلك وصل بها الحد من الانحطاط إلى اعتبار قنوات إعلامية يمنية أهدافاً عسكرية لتمرير مشروعية الاعتداء عليها؛ لأن هذه القنوات تقطع وتقاطع المشروع التضليلي الفاجر الذي مازال يصر على أن المنشآت الوطنية والمقدرات المكتسبات المملوكة للشعب مأوى للحوثيين تارة وفي تارة أخرى تزعم أنها مخازن أسلحة وفي أحايين أنها مؤخرات للإمداد والتزويد، وتكون النتيجة دائماً عقب القصف أشلاء أطفال وجماجم نساء ومصانع ومدارس وملاعب ومنشآت وتجمعات مدنية. العربية لا تتطرق إلى القاعدة ودورها في مساندة ميليشيات هادي إن لم نقل أنها هي فعلاً مليشيات هادي ودخول هذه المليشيات المدن اليمنية بحرية مطلقة وبإيعاز سعودي منسق له مسبقاً مع أمريكا التي يقال أنها قصفت قبل أيام جيوباً للقاعدة وقتلت قادة في الجماعة بحسب ذات القناة التي تمارس الإعلام بطريقة حطابة ليل، وتحاول أن تعطي أمريكا دوراً آخر للتمويه وبإصرار يغطي المفضوح ويحاول تقديم إدارة أوباما على أنها ليست فص الضوء الأخضر للعدوان. ومهما يكن لا يمكن الشك مطلقاً بأن العربية غرفة عمليات لما يسمى عاصفة الحزم إنما ليس على غرار غرف العمليات العسكرية لكونها غرفة عمليات معلنة مثلها مثل قناة الجزيرة بفارق أن الأولى تتبنى تصدير أوامر القصف للمواقع العسكرية والمدنية من خلال تقرير مستقل داخل كل نشرة كل يوم حيث تحددها على الخرائط لتكون هدفاً للغارات. والثانية مشغولة بقضية الانقلاب على مرسي وكيل التحامل على السيسي أكثر بقليل من انشغالها بالعدوان على اليمن وهنا يبدو التضارب في الأولويات بحسب المهام الموكلة لكل قناة. ومن اليسير اكتشاف الصفقة الطويلة المدى بين إعلام دول الخليج وبين أمريكا بشأن هذا الدور داخل المنطقة بمقابل بقاء أنظمة الحكم في الخليج كأنظمة عصور وسطى ممالك وإمارات وسلطنات، فلو دعمت الأخيرة تحوّل الأنظمة إلى الإدارة العصرية وعن طريق الديمقراطية لما استطاعت جعل الحكام هناك رعاة للمخططات الخطيرة والمستجدات المرهقة والمرعبة في المنطقة والإعاثة بالشعوب والإمساك بفتيل الصراع وتمزيق الجغرافيات وتحطيم الجيوش عن طريق آل سعود والأسرة الحاكمة في بقية دول الخليج العبري وتغذيتهم للحروب الدائرة في سوريا والعراق وليبيا واليمن بنزق إعلامي تضليلي وكاذب يهيئ لتحقيق الرغائب والإرادات الإمبريالية لأعداء الأمة وبلغة هذه الأمة وقاموس هويتها ولذلك فالمشاهد العربي يجنح تحت قصف شعار لن تعرف أكثر مما نريد لك.