أمين عام الاشتراكي يعزي برحيل المناضل احمد مساعد حسين مميز    مليشيا الحوثي تقتحم قرية بالحديدة وتهجّر سكانها وتختطف آخرين وتعتدي على النساء والأطفال    تعاون حوثي مع فرع تنظيم القاعدة المخيف في تهديد جديد لليمن مميز    ضجة بعد نشر فيديو لفنانة عربية شهيرة مع جنرال بارز في الجيش .. شاهد    رشاد العليمي وعصابته المتحكمة في نفط حضرموت تمنع تزويد كهرباء عدن    ضعوا القمامة أمام منازل المسئولين الكبار .. ولكم العبرة من وزير بريطاني    «كلاسيكو» الأهلي والهلال.. صراع بين المجد والمركز الآسيوي    صنعاء.. اعتقال خبير في المواصفات والمقاييس بعد ساعات من متابعته بلاغ في هيئة مكافحة الفساد    سلطات الشرعية التي لا ترد على اتهامات الفساد تفقد كل سند أخلاقي وقانوني    جريمة مروعة في حضرموت.. قطاع طرق يقتلون بائع قات من عمران بهدف نهب حمولته    القاعدي: مراكز الحوثي الصيفية "محاضن إرهاب" تحوّل الأطفال إلى أداة قتل وقنابل موقوتة    ميسي وإنفانتينو ينعيان المدرب الأسطوري    رغم تدخل الرياض وأبوظبي.. موقف صارم لمحافظ البنك المركزي في عدن    أبطال أوروبا: بايرن لقلب الطاولة على الريال.. وباريس يستهدف رقما تاريخيا    تغاريد حرة.. رشفة حرية تخثر الدم    بالصور: بايرن ميونخ يكشف عن قميصه التاريخي الجديد    ليلة دامية في رفح والاحتلال يبدأ ترحيل السكان تمهيدا لاجتياحها    بسبب منعه عكس الخط .. شاهد بالفيديو قيادي حوثي يدهس متعمدا مدير المرور بصنعاء    عقب تهديدات حوثية بضرب المنشآت.. خروج محطة مارب الغازية عن الخدمة ومصادر تكشف السبب    العثور على جثة مواطن معلقة في شجرة جنوب غربي اليمن    الحوثيون يطوقون أحد المركز الصيفية في صنعاء بعناصرهم وسط تعالي صراح وبكاء الطلاب    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    عندما قال شيخان الحبشي للشيخ محمد بن أبوبكر بن فريد أنت عدو للغنم    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    هل يستطيع وزير المالية اصدار كشف بمرتبات رئيس الوزراء وكبار المسئولين    البدعة و الترفيه    فاجعةٌ تهزّ زنجبار: قتيلٌ مجهول يُثيرُ الرعبَ في قلوبِ الأهالي(صورة)    فيديو مؤثر.. فنان العرب الفنان محمد عبده يكشف لجماهيره عن نوع السرطان الذي أصيب به    "ضمائرنا في إجازة!"... برلماني ينتقد سلوكيات البعض ويطالب بدعم الرئيس العليمي لإنقاذ اليمن!    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    "ثورة شعبية ضد الحوثيين"...قيادية مؤتمرية تدعو اليمنيين لهبة رجل واحد    رباعية هالاند تحسم لقب هداف الدوري.. وتسكت المنتقدين    استهداف السامعي محاولة لتعطيل الاداء الرقابي على السلطة التنفيذية    وفاة مريض بسبب نقص الاكسجين في لحج ...اليك الحقيقة    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    ليفربول يعود إلى سكة الانتصارات ويهزم توتنهام    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ورشة في عدن بعنوان "مكافحة غسل الأموال واجب قانوني ومسئولية وطنية"    الرئيس الزُبيدي ينعي المناضل محسن أبوبكر بن فريد    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    خصوم المشروع الجنوبي !!!    لماذا اختفت مأرب تحت سحابة غبار؟ حكاية موجة غبارية قاسية تُهدد حياة السكان    الإصلاح بحضرموت يستقبل العزاء في وفاة أمين مكتبه بوادي حضرموت    الاحتلال يرتكب مجازر جديدة بغزة وارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و683    بخط النبي محمد وبصمة يده .. وثيقة تثير ضجة بعد العثور عليها في كنيسة سيناء (صور)    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    الحكومة تجدد دعمها لجهود ومساعي تحقيق السلام المبني على المرجعيات    ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزيرة انقلاب على المعايير
نشر في البيضاء برس يوم 13 - 02 - 2012

الذي دفعني لتناول موضوع بحجم قناه الجزيره التي تخطت الحدود العربيه ليذاع صيتها مختلف اصقاع العالم حتى بات يطلق عليها سي ان ان العرب هو شعوري بالحنق الشديد عند مشاهده برامجها المختلفه وخاصه نشراتها الاخباريه لما وصلت اليه من انحدار في مستوى ادائها الاعلامي الذي لايليق بمكانتها العالميه مما احزنني كثيرا وانا العاشق الذي لطالما واظب على مشاهدتها وبشكل يومي ولعده ساعات ووصلت درجه غرامي لها حد الادمان وقد شخصت حالتي تلك الراحله السيده ام كلثوم بكلمات اغنيتها القائله "ان مر يوم من غير رؤياك ماينحسبشي من عمري".
لقد احدثت الجزيره نقله نوعيه في مسار الاعلام العربي واستطاعت مع بقيه الفضائيات كسر الاحتكار الغربي لنقل وتسويق الاخبار التي اعتادت عليه اجيال مختلفه التي سئمت الاعلام الرسمي الموجه والذي حاول صياغه الراي العام وفق توجهاته السياسيه الامر الذي دفع بالمتلقي العربي للبحث عن مصادر اخرى فوجد ضالته في وسائل الاعلام الغربي مثل هيئه الاذاعه البريطانيه صوت امريكا راديو مونتكارلووغيرها من المحطات الاجنبيه لعله يجد فيها مايروي عطشه الاخباري ويساعده على معرفه ولو القليل مما يجري من حوله
انه من المؤسف حقا تغير الجزيره وانقلابها على نفسها وتبنيها لسياسات جديده نقيضه لسابقاتها ان مايعتمل في دهاليزها تجاوز كل المعايير المهنيه والاعلاميه وتحولت الى اداه تؤدي وظيفه سياسيه وامنيه بشقيها الاستراتيجي والتكتيكي ولفهم طبيعه هذا الانحراف الدرامتيكي علينا الرجوع الى القواعد والاسس التي اعتمدتها القناه كقوانيين تنظم طبيعه عملها الاعلامي وساضعها في متناول القارى الكريم ليتمكن من مقارنه سلوكها المهني ومدى تقيدها بالمعاييرالمهنيه التي من المفترض الالتزام بها كمرجعيه نظريه واخلاقيه تسميه الجزيره بميثاق الشرف المهني وتعرف القناه فيه نفسها على النحو التالي: "الجزيرة خدمة إعلامية عربية الانتماء عالمية التوجه شعارها الرأي والرأي الآخر وهي منبر تعددي ينشد الحقيقة ويلتزم المبادئ المهنية في إطار مؤسسي." .
ومن ابرز نقاط ميثاق الشرف المهني اقتبس الاتي:
- التمسك بالقيم الصحفية من صدق وجرأة وإنصاف وتوازن واستقلالية ومصداقية وتنوع دون تغليب للاعتبارات التجارية أو السياسية على المهنية.
- السعي للوصول إلى الحقيقة وإعلانها في تقاريرنا وبرامجنا ونشراتنا الإخبارية بشكل لا غموض فيه ولا ارتياب في صحته أو دقته.
- تقديم وجهات النظر والآراء المختلفة دون محاباة أو انحياز لأي منها.
- تحري دقة وصحة المعلومات الواردة من مختلف المصادر والحرص على تفادي ارتكاب أخطاء نتيجة للغفلة والإهمال .
- عدم تحريف الوقائع والمعلومات والحقائق تحت أي ذريعة.
- عدم إطلاق الأحكام على الأمور والموضوعات التي نتناولها، وتفادي التحليلات الوصفية غير القائمة على معطيات وحقائق وبيانات معلومة يمكن التأكد منها.
- تفادي الإبهام والمفردات والمصطلحات والعبارات التي قد تؤدي الى التشكيك في صدقية الخبر او التقرير او الرأي او التحليل ( مثل استخدام كلمة مؤخرا بمعنى أخيرا" لتفادي التثبت من تأريخ حدث مهم،.. وتكرار مفردات وعبارات مثل "العالمون ببواطن الأمور" و"النقاد والمراقبون" قد تبدو محاولة للالتفاف على الحقائق بنسبها الى جهات غير معلومة (لدى القناة والمتلقي).
- عند تناول الموضوعات والأحداث بالتحليل والتعليق ينبغي الاستعانة بأهل المعرفة والدراية على اختلاف رؤاهم مع الاخذ في الاعتبار أن تبني موقف أو رأي دون الآخر سيُحسب على القناة.
- على الصحفي عدم إطلاق الأحكام على الأمور التي يتناولها، وتفادي التحليلات الوصفية غير القائمة على معطيات وحقائق وبيانات معلومة يمكن التحقق منها ( مثلا التحدث عن دمار شامل في بلدة ما لمجرد أن في المشهد المصور بضعة مبان مهدمة،.. أو القول بأن طرفا ما في مواجهة مسلحة تلقى "ضربة قاصمة").
- الرصانة وليس الإثارة هي ما يكسبك احترام جمهورك ، ومن ثم ينبغي تفادي التهويل عند وصف الأحداث او عرض الخبر، أو محاورة أصحاب الرأي والمواقف، ويستوجب ذلك عدم الانفعال من الأحداث بما يوحي للمشاهد ان هناك تعاطفا او انحيازا لطرف او آخر - حتى من خلال ما يسمى بلغة الجسد (الايماءات وتعابير الوجه، إلخ).
- الصفات والنعوت ذات الطابع التعميمي تشكك في أحيان كثيرة في صدقية وحياد الرواية ( سلوك شائن،.. همجية،... وحشية..).
- تفادى الحيل البلاغية المستهلكة، والعبارات المقولبة المحفوظة ( مثلا: عن بكرة أبيهم،.. المصير المشترك ... الجموع الهادرة.. خفي حنين...وللحرية الحمراء باب،..)، واستخدام عبارات صحيحة وسهلة لها دلالات مباشرة لايصال المعنى المطلوب وينبغي تفادي المفردات والجمل التي قد تحمل أكثر من معنى، أو يُفهم منها الاستخفاف أو الإساءة الى اي معتقد أو عرق أو ثقافة أو فرد.
- عامل ضيوفك ومشاهديك او مستمعيك باحترام وخاطبهم بلغة مهذبة حتى لو بادروك بالإساءة ، وتجنب تحقير وتسفيه آرائهم ، دون حرمان نفسك من حق تصويب ما تراه خطأ في طروحاتهم.
- خلال البرامج الحوارية والتفاعلية احرص على التوزيع العادل لفرص الكلام وتجنب الانحياز الى او تغليب طرف على آخر.
- خلال البرامج التفاعلية ينبغي ان نحفظ كرامة ضيوفنا إذا تعرضوا للإساءة والتجريح من قبل من يقومون بمداخلات هاتفية ( ويعني هذا ضمنا إهمال الإساءة والتجريح التي تأتي عبر الفاكس او البريد العادي او الالكتروني)، وقد يكون ذلك بقطع الاتصال عن المتداخل والاعتذار للضيف.
- وبنفس القدر علينا حماية أفراد الجمهور الذين يقومون بمداخلات في برامجنا من التجريح والإساءة من قبل الأشخاص الذين نستضيفهم، بلفت انتباههم بأدب ووضوح الى أن التجريح بالآخرين غير مسموح في الجزيرة.
- أمر مقاطعة الضيف الذي يراد استنطاقه متروك لتقدير الشخص الذي يقوم باجراء الحوار إن كان في البرامج او نشرات الاخبار. ولكن ينبغي ادراك ان المقاطعة المتكررة قد تهدر فرصة الحصول على اجوبة كاملة ومعلومات وافية كما انها تشتت ذهن الضيف أو تسبب له ضيقا. ومن ثم ينبغي تفادي مقاطعة الضيوف خاصة وهم يدلون بمعلومات مهمة، وطالما انهم لا يتهربون من السؤال او الموضوع المطروح، وفي جميع الأحوال ينبغي ان تكون المقاطعة بكياسة و أدب.
وبعد استعراض جوانب من الميثاق المذكور يتبين بوضوح مدى انفصام الجزيره عنه ولاكانها اصبحت قناه اخرى تحتاج الى اسس جديده تتناسب مع تموضعها الجديد ولادراك مدى تناقض الجزيره مع ميثاقها يكفي للقارئ الاستماع الى التقارير التي ترد في نشرات الاخبار وعاده تتم
قراءتها من داخل الاستوديو سنجد فيه نسف كامل لتلك الضوابط ففيه تعلن القناه موقفا سياسي واضح وتحريضي من هذه القضيه او تلك تطلق فيه احكاما واوصافا مسبقه وتحيزا صارخا لادنى المعايير الموضوعيه لايليق بقناه تتدعي بانها مستقله وكان من الانصاف ان تعلن نفسها قناه حزبيه ببرامج سياسيه واضحه تدافع عنها وتروج لها اما ان تقدم نفسها كجهه مستقله تنقل الحقيقه بموضوعيه وحياديه فهذا امر مختلف تماما بمعنى ينبغي ان تكون كذلك نزيها حياديا وموضوعيا والضيوف المغضوب عليهم والتي تتم استضافتهم لمجرد الديكور فقط فهم في حال لايحسدون عليه حيث تتم مقاطعتهم بشكل لايسمح لهم يايصال فكرتهم والحال يختلف عند الضيوف المرغوب بهم والمنسجمين مع توجهاتها فهولاء يعبرون عن وجهات نظرهم بحريه غير مكتريثين بعامل الوقت ولاتتم مقاطعتهم بل يتم مساعدتهم من خلال توجيه الاسئله بمايخدم الفكره المرجو ايصالها.
لقد اتسم نهج القناه في المرحله السابقه بالتصدي للهيمنه الامريكيه في المنطقه وكانت فلسطين والعراق ولبنان وافغانستان عناوين رئيسيه لتغطيتها الاخباريه بلوره من خلالها موقف مبدئي حازم مدافعا عن قضايا العرب والمسلمين تعرضت على اثره لضغوطات هائله وتمت ملاحقه مراسليها واغلاق بعض مكاتبها الاانها صمدت واستمرت في نهجها حتى حدوث الانقلاب الخطير في توجهاتها الجديده ومن الصعوبه بمكان فهم مايحدث فالقناه التي دابت على فضح المشاريع الغربيه في منطقتنا تتحول بقدره قادر الى اداه اعلاميه طيعه بيديه تروج لسياساته وتسوق للتدخل الخارجي لحل مشاكلنا والمقصود هنا الناتو وتخصص لذلك حيزا من برامجها الاخباريه وتناست القناه بانها لو عادت الى ارشيفها من الماضي القريب لوجدت في اشرطتها
الموثقه صور الماسي والخراب والكوارث التي احدثه هذا التدخل في كلا من العراق وافغانستان
الجزيره والربيع العربي تونس ومصر النموذج الاستثناء
لقد شكلتا ثوره الشعب المصري والتونسي نموذجا فريدا حظى باجماع منقطع النظير من خلال نضوجهم الثوري وحضاريتهم الراقيه وسلميتهم البريئه وغدى ميدان التحرير قبله للاحرار يستلهمون منه قيم الحريه والكرامه الانسانيه ان ماحدث في البلدين الشقيقين سيكتب عنه التاريخ مرات ومرات فهو بحق ربيعا عربيا لالبس فيه لعده امور منه:ا
- الوعي الراسخ والتنظيم الرائع الذي واكب مسار الثوره زاد من زخمها انتشارا كاالنار في الهشيم فغصت الساحات بالملايين المفعمه بالاراده والاصرار على تحقيق مطالبها
- وقف العالم مذهولا ومرتبكا ازاء مايحدث الامر الذي جنب البلدين مخاطر التدخل المباشر كان يمكن معه حرف مسار الثوره واخذها الى المجهول يصعب التكهن بنتائجه
- جماليه المشهد تكمن في سلميته النادره حيث تصدى الثوار بصدورهم العاريه لاله القمع الوحشيه ولم يلجا الثوار الى حمل السلاح ولم تسجل اي حادثه قتل في صفوف قوات الامن
اما الاعلام ومنها الجزيره فلاسبيل لها الا الانحياز الى الثوره لان الثوار هم من فرض ايقاع الاحداث على الاعلام وليس العكس وفي تقديري لو ان بقيه دول الربيع العربي الاخرى استلهمت العبر من تجربه مصر وتونس وتركت الشعوب تقرر مصيرها بدون تدخلات خارجيه لكانت النتائج افضل حال مما نشاهده اليوم.
مرحله مابعد تونس ومصر الجزيره اداه لمشروع سياسي
قبل الولوج في الحديث عن المشروع السياسي الذي بدات ملامحه بالتشكل بعد الثورات المباركه في مصر وتونس لابد من التوقف امام الوضع العربي عموما وما تسوده من حاله استبداد مزمنه توارثها عبر قرون من الزمن وحتى يومنا هذا انتج عقليه سلطويه عقيمه هيمنت على كل مفاصل الحياه وترفض الاخر الامر الذي وفر بيئه خصبه تتطلع الى التغيير وبدات تتبلور في الافق مناخات ثوريه تفاوت فيها درجه النضوج من بلد الى اخر بحسب ظروفه الخاصه وطبيعه القوى السياسيه الفاعله فيه ومدى تاثيرها في المجتمع ونظرا لغياب الاطار السياسي الذي يقود الجماهير ضمن برنامج سياسي واضح تلتف حوله معظم شرائح المجتمع مما فتح شهيه البعض لاستغلال ثغره الدفرسوار تلك لصياغه اجندته السياسيه الذي يحاول استثمار حاله الغضب الشعبيه وتسعيرها ومن ثم توجيه دفتها لبلوغ اهدافه السياسيه والتي بالضروره لاتتوافق وطموحات شعوبنا العربيه وبناء عليه برز الى الواجهه معالم محور سياسي يضم كلا من فرنسا تركيا قطر بهندسه امريكيه بعيده عن الظل تلعب الجزيره فيه راس حربه فسلاح الاعلام في عصر التكنولوجيا المتطوره لايقل بل ويتفوق على القدره العسكريه من حيث امكانيه تحقيق الاهداف بفاعليه اكبر وتكلفه اقل التحالف المذكور يهدف الى تعميم النموذج التركي مايسمى الاسلام المعتدل والمقصود بالاعتدال ان يكون امريكي التوجه لايعادي المصالح الغربيه ويضمن امن اسرائيل ويشاع بانه تنفيذا لهذا المخطط ابرمت صفقه مع بعض القوى الاسلاميه المؤثره بحيث تصل تلك القوى الى السلطه مقابل الحفاظ على المصالح الغربيه في المنطقه وليس مصادفه ان يقوم بعض القاده الاسلاميين بالتهافت على وسائل الاعلام الاسرائيليه لاجراء لقاءات صحفيه معها هدفت الى تقديم اوراق اعتماد وتطمين اسرائيل بانه لاخوف من الاسلاميين واللافت انهم لايخوضون كثيرا في القضايا الخارجيه بل انه على الرغم من انقضاء عام منذو قيام الربيع العربي الاان حصار غزه لايزال يخنق اهله وكان شئيا لم يتغير وحتى طلب الاعتراف بفلسطين الذي تقدم به رئيس السلطه الفلسطينيه في سبتمبر الماضي توارى عن الانظار ولايعرف عنه شئي ولم يحرك احد ساكنا ويفهم من ذلك ان هناك خطوط حمراء وضعت امام الربيع العربي لاينبغي تجاوزها وهي مصالح امريكا واسرائيل
وفي حال استطاع هذا المحور تنفيذ مارسم له تكون المنطقه الممتده من بحر قزوين والخليج العربي والبحر المتوسط في قبضه المارد الامريكي وحلفائه وتصبح معه ثروات المنطقه وطرق امدادت الطاقه تحت تصرفهما وهذا مالايمكن ان تسمح به روسيا والصين وهو مادفعها لاستخدام الفيتو مرتين في ظاهره استثنائيه عادتنا الى اجواء الحرب البارده.
لماذا الاسلاميين بالذات ؟!
لقد وقع الاختيار على القوى الاسلاميه ليس عفويا بل ومقصودا فهم اكثر الجهات السياسيه تنظيما تمتلك برنامج سياسي عملي بسيط تتغدغ من خلاله مشاعر الملايين ويتلخص في شعار الاسلام هو الحل كما ان تلك القوى تعرضت للقمع والاضطهاد الشديدين جعلها تحظى باعجاب وتعاطف الجماهير ثم ان نظام الاستبداد البائد اغلق كل منافذ الحياه السياسيه فغابت الاحزاب وقوى المجتمع المدني وحريه الاعلام وبقي المسجد منبرا وحيدا للتنفيس والتعبير استفاد منه الاسلاميون كثيرا للتاثير على الناس وبصوره مباشره كل تلك العوامل بالاضافه الى ضغف التيارات القوميه واليساريه جعل من الاسلاميين الاكثر تاهيلا لتصدر المشهد.
ان مايبث على شاشه القناه يجري الاعداد له بدقه متناهيه ليحقق الهدف المنشود لكل مرحله على حده وفق مقتضيات الضروره ولعل من شاهد التسجيل المصور للحديث الذي دار بين عزمي بشاره وعلي الظفيري حين يخبره الاول بضروره تجنب الاشاره الى الاردن وانه سيخصص 40 دقيقه للموضوع السوري ثم سرعان ما بداءت عليه علامات الارتباك بعد ان شك بان حديثهم ينقل على الهواء مباشره وهذا دليل على ان البرامج يتم توظيفها لخدمه الاجندات السياسيه ولعل الاشاره الوارده في حديث المفكر هيكل عن التحريض الذي تمارسه القناه تحمل في طياتها اكثر من دلاله لما يمثله هيكل من مرجعيه سياسيه اعتمدته القناه لسنوات طويله من خلال اطلالته الاعلاميه في برنامج مع هيكل قدم فيه للمشاهد تحليلا ت معمقه ورصينه لكثير من القضايا الحيويه والجيواستراتيجيه.
لقد اتسمت تغطيه الجزيره لاحداث الربيع العربي مابعد مصر وتونس بطغيان البعد السياسي وفقا للاهداف والنتائج المرجو تحقيقها في كل بلد على حده حيث غابت الموضوعيه وغلب عليها طابع الانحياز والاحاديه والتهويل والمبالغه واحيانا التضليل
البحرين
تناست الجزيره هذا البلد واحداثه رغم نزاعات قطر معه الاان التزاماتها السياسيه جعلها تغض البصر عنه والسبب يكمن في ان البحرين هي مقر الاسطول الخامس الامريكي والاب الروحي للمشروع انف الذكر لذلك كان لزاما عليها تغييب الاحتجاجات بل ذهبت حد تبرير دخول قوات درع الجزيره لقمعها.
الاردن والمغرب
تعاملت الجزيره مع هذان البلدان برحابه صدر حيث كان التعاطي الاعلامي خجولا ومتواضعا لايتعدى سياق الخبر العادي واللافت في ربيع البلدين كما لو ان هناك اتفاق غير معلن بين السلطه والمعارضه فقوى المعارضه ولاسيما الاسلاميه منها ورغم حضورها الفاعل في الشارع الا انها لم تصعد بل اقتصر دورها للخروج الى الشارع ورفع المطالب السياسيه دون اعتصامات او اي شكل من اشكال النضال السلمي متجنبه الصدام مع السلطه الحاكمه مفسحه المجال امامها لاجراء اصلاحات تحت قيادتها ومن هنا يمكن فهم طبيعه التغطيه الاعلاميه الباهت الذي يبرز القشور ولايخوض في الجذور والسبب يعود في كون البلدين حلفاء لواشنطن وجاءت دعوتهما للانضمام الى مجلس التعاون الخليجي الا محاوله لانقاذهما مما يؤكد رغبه بعض القوى السياسيه التحكم في مسار الربيع العربي وتوجيه بوصلته بما يخدم اجنده جيوسياسيه وليس طموحات الشعوب ومعلوم ان الاردن والمغرب يخضعان لانظمه حكم ملكيه مطلقه تصل الى درجه التقديس ولكن الجزيره اخرجتهما من سياق الربيع العربي وفقه لاراده المشروع سالف الذكر.
اليمن
صحيح ان الجزيره انحازت الى ثوره الشعب اليمني وان بصوره انتقائيه افردت لها حيز من تغطيتها الاخباريه ومن الصحيح ايضا ان ثوره اليمن كانت حقيقيه وليست افتراضيها رغم وقوف الاراده الخارجيه بوجهها وقد ذكرتنا ساحات التغيير في المدن اليمنيه بصوره ميدان التحرير الجميله الرائعه بسلميتها وحضاريتها ممايثبت حقيقه مفادها انه كلما كان التدخل الخارجي متحكما في مسار الثوره كلما زاد ها تشوها بعد ان حولها الى مواجهات مسلحه اما اذا غابت بصمات الخارج عنها كان المنظر جميلا سلميا وهذا مارايناه في كلا من تونس ومصر واليمن
تجلت انتقائيه الجزيره في الحدث اليمني من خلال ابرازقوى سياسيه معينه وتغييب اخرى حتى الشخصيات التي يتم استقدامها الى الدوحه للتعليق على المشهد السياسي فهي في معظمها من لون سياسي محدد وياتي ذلك ضمن استراتيجيه القناه الهادفه الى ابراز التيارات الاسلاميه لتتصدر الواجهه السياسيه وفرض اجندتها في اطار الصفقه الي اشرت اليها سابقا فاقصت الجزيره الحراك الجنوبي من نشاطاتها رغم انه يعد المهد الحقيقي للربيع العربي فقد قدم للعالم منذو العام 2007 نموذج فريد وراقي في النضال السلمي سقط خلاله مئات الشهداء امام صمت المجتمع الدولي والمفارقه العجيبه هو ان الجزيره حرصت في السابق الى تغطيه نشاطات الحراك الجنوبي واستضافه قياداته اما اليوم ومع انخراط القناه في المحور السياسي الجديد كان لزاما عليها تغيير اولوياتها
وجاء التفاهم القطري السعودي ليدفع بالمشهد اليمني الى التراجع حيث انحسر تفاعل الجزيره مع انشطه الثوره اليمنيه واصبح خبرا عاديا في الخريطه الاخباريه.
ليبيا
تحولت تغطيه الجزيره للوضع الليبي بمايمكن تسميته بغرفه عمليات تقود وتوجه الفعاليات السياسيه والميدانيه وبعد اقتناعها بعدم نضوج الثوره وبالتالي عدم القدره على اسقاط النظام كماهو مخطط سارعت بالترويج لفكره التدخل الخارجي عبر طلب الجامعه العربيه باستصدار قرار اممي باقامه منطقه حظر جوي وفي انتهاك صارخ لمضمون هذا القرار قام الناتو بتنفيذ عدوان شامل وممنهج دمر فيه البنى التحتيه الليبيه ليضمن لشركاته عقودا طويله الاجل لاعاده اعمار ليبيا وعلى حساب مقدرات الشعب الليبي
لقد ارتكب حلف الناتو جرائم حرب حقيقيه ذهب ضحيتها عشرات اللالاف من ابناء الشعب الليبي وبداءت الصحافه الغربيه تعترف بذلك علانيه بينما عمدت قناه الراي والراي الاخر الى اخفاء جرائم الناتو بشكل مقصود وواعي فغابت عن شاشتها مناظر الدمار والخراب وجثث القتلى والجرحى وبالتالي حرمت المشاهد العربي من معرفه حقيقه مايجري في ليبيا كل ذلك لان القناه لاتريد تشويه صوره حلف الناتو امام المتلقي العربي فهو في نظرها ينفذ مهمه انسانيه نبيله فاصبح من الصعب الحصول على رؤيه واضحه للمشهد الليبي فتغطيه الجزيره كانت احاديه ومنحازه ولعل الخبر الذي بثته بشان اعتقال سيف الاسلام ومن ثم تاكيده من قبل المجلس الانتقالي وكذا محكمه الجنايات الدوليه في سابقه خطيره وغريبه ليكتشف فيما بعد بان سيف الاسلام حرا طليقا وان هذاالخبر لم يكن سوى فخ امني ارادت غرفه العمليات تحقيق هدف سياسي وهو حدوث انهيارات في معسكر القذافي ودفعهم للاستسلام والسوال الذي يفرض نفسه هنا هل ماقامت به الجزيره في هذه الحادثه المختلقه يمت بصله الى الاعلام ورسالته الساميه ام انه عمل سياسي استخباراتي بامتياز اترك الحكم للقارئ.
سوريا
تخوض الجزيره واخواتها في سوريا بحسب توصيف الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ام المعارك حيث زجت بكل طاقاتها الاعلاميه والميدانيه لتحقيق هدفها السياسي وهو اسقاط النظام فمنذو بدايه الازمه خصصت القناه معظم مساحتها الاخباريه لتغطيه التطورات السوريه وبصوره احاديه ومنحازه وتحولت معه احداث الربيع العربي في البلدان الاخرى الى اخبار ثانويه لاتحظى باهتمامها ممايطرح علامات استفهام عن سر هذا الاهتمام المبالغ فيه الذي من اجله عمدت القناه الى تهميش فلسطين والعراق وافغانستان وبقيه دول الربيع العربي
لقد ابتدعت الجزيره ضمن حمله التضليل والتحريض التي تشنها على سوريا ظاهره سوداء
في القاموس الاعلامي هي مصطلح شاهد العيان الذي اصبح مصدر رئيسي لاستقاء اخبارها وتبين في كثير من الحالات ان شاهد العيان لايروي الوقائع من موقع الحدث كما تقتضي الامانه المهنيه بل من مسافات بعيده واحيانا من خارج البلد انا ادين العنف ايا كان مصدره وخاصه الموجه ضد المدنيين.
حاولت الجزيره واخواتها صياغه صوره نمطيه افتراضيه في ذهنيه المتلقي العربي عن المشهد السوري مستخدمه عدم توخي الدقه وغياب الموضوعيه والفبركه والتضليل احيانا لقد نسف تقرير بعثه المراقبين العرب تلك الصوره الافتراضيه التي سعت الى نسجها في خيال المشاهد العربي مما افقدها اعصابها وتوازنها دفعها للتصويب وبشكل هستيري على المراقبين العرب مع انها من المروجين الاوائل لمهمه البعثه وخيبه املها تكمن في ان الملايين لم تزحف بحسب تسميه جمعه الزحف الى الساحات كما افترضته القناه وكان الاجدر بالجزيره ومفكرها العربي التوقف بعلميه وموضوعيه امام السوال الكبير لماذا لم تكتسح الملايين الساحات ولماذا لم
تستطع المعارضه استقطاب الاغلبيه الصامته الى صفوفها بل ظلت الاحتجاجات في مناطق جغرافيه محدده قد يقول البعض بان مرد ذلك هو الخوف من وحشيه قوات الامن لهولاء اقول ان الحريه لاتوهب بل تنتزع فاالملايين المصريه والتونسيه واليمنيه لم تستئذن عند خروجها من الحاكم بل فرضته بارادتها وعداله قضيتها والتفاف الملايين من حولها لقد خدمه الجزيره من حيث لاتدري النظام السوري فالتضليل والتحريض المنهجي خلق حاله نفور لدى اغلبيه السوريين على طريقه المثل العربي الشئ الذي يزيد عن حده ينقلب ضده لانها ترى ان الواقع مغايرا لما تحاول الجزيره فرضه عليهم صحيح ان القناه استطاعت خلق راي عام عربي مؤيد لروايتها بحكم رصيدها السابق الذي زرعته في عقول وقلوب المشاهد العربي
ان تعامل القناه مع المعارضه السوريه يتم بطريقه احاديه ومنحازه فهي تمنح حيزا كبيرا من تغطيتها للمجلس الوطني الذي كان لها دورا بارزا في تاسيسه متجاهله بقيه الاطراف الاخرى التي لاتتوافق مع توجهات القناه السياسيه.
لقد سقط النظام في سوريا عمليا ولاسيما عقليته الامنيه التي سادت في العقود الماضيه والتي استئثرت بالبلاد والعباد نحن بالفعل امام سوريا جديده والصراع الاقليمي والدولي الذي يحتدم حولها هو باي وجهه ستذهب واي موقع ستحتله في خريطه المنطقه والمنتصر في هذا الصراع سيتمكن من التحكم بمستقبل المنطقه وثرواتها لعقود طويله.
وخلاصه مااود استنتاجه يكمن في ان قناه الجزيره قد انحرفت عن المعايير والقواعد المهنيه لمصلحه اهداف سياسيه مشبوهه وهي قد تستطيع من تحقيق اهدافها المرسومه ولو ظرفيا اما ما لايمكنها استعادته فهي المصداقيه والمهنيه التي فقدتها بعد ان شيدتها على مدى سنوات طويله فالاجندات السياسيه متغيره بتغير ظروفها وتحالفاتها اما رساله الاعلام فهي خالده وثابته لانها مستمده من الحياه الانسانيه نفسها.
اما المتلقي العربي فارجو منه توخي الدقه والحذر عند متابعه الربيع العربي لكي لاتتكرر ماساه العرب في مطلع القرن الماضي عندما اعلنوا ثورتهم الكبرى بالتحالف مع فرنسا وبريطانيا على امل الظفر بالاستقلال المنشود الاانه بدلا عن الاستقلال وقع العرب تحت استعمار بغيض بموجب اتفاقيه سايكس بيكو المشؤومه فهل يعيد التاريخ نفسه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.