* عندما تؤكد الصحفية النرويجية «كارين استفيد» عبر مقال في صحيفة صادرة في أوسلو بأن أربعة من كل خمسة مشاهدين توقفوا عن متابعة قناة «الجزيرة» فإن هذه الصحفية ليست من فلول أي نظام عربي غادر السلطة. * وعندما تؤكد صحيفة «أفتنبلات» السويدية انخفاض نسبة مشاهدي الجزيرة إلى (86%) ويعلن عن انخفاض المتابعة في تونس من (950) ألفاً إلى (200) ألف فإن الصحيفة لا تموّل من زين العابدين بن علي انتقاماً من راشد الغنوشي. * الحكاية ليست أكثر من تأكيد حقيقة لم تعد خافية على القاصي والداني من المشاهدين العرب.. بصرف النظر عن التقاء أو ابتعاد تغطية «الجزيرة» عن الهوى السياسي لهؤلاء المشاهدين. * ولقد قلتها وأكررها.. في الحرب على العراق والحرب على غزة سجلت قناة «الجزيرة» مواقف مهنية مدهشة وكانت منبراً للعرب أمام طوفان الإعلام الدولي المتغوّل آنذاك.. لكن الأحداث التي ضربت المنطقة العربية بعد ذلك كشفت أن الحضور المشرّف ل «الجزيرة» في الحرب على العراق لم يكن سوى طعم كان له ما بعده من خيبة الأمل تجاه قناة أكدت حرفيتها.. لكنها سقطت مهنياً في تغطيتها لأحداث كبيرة من المحيط الهادر إلى الخليج الحائر. * وحتى لا يكون في التناول شيء من شبهة الخبط العشواء يجدر بالقارئ والمشاهد أن يتذكر كيف أن الواحد كان لا يستطيع الاستغناء عن استقاء الأخبار من قناة «الجزيرة» ولا بأس من أن يعرج على الفضائيات الأخرى. * بلغة الربيع العربي كان يكفي «الجزيرة» أن تتحدث عن فساد الأنظمة التي شهدت الأحداث وبما يكفي للوصول إلى ذات النتائج.. لكنها تفانت في الانتقال من فضاء المهنة إلى التزييف والتضليل.. بل والمشاركة في صناعة الحدث وتوجيهه ونقله والتعليق عليه على طريقة تلك الموجهات التي كان يبثها عزمي بشارة على الهواء. * وغير خافٍ ما حدث من مغادرة عدد من ألمع نجوم «الجزيرة» للقناة اعتراضاً وبراءةً من ذلك الانحراف المهني بما فيه من الورطات المهنية التي تحتاج معه قناة «الجزيرة» إلى جهود كبيرة لتبديد أزمة الثقة مع مشاهديها واستعادتهم بالعودة إلى ما كانت عليه من الجمع بين المهنية والاحترافية الإعلامية. * إن في الذاكرة الجمعية للمشاهدين داخل كل بلد عربي حكايات كثيرة حول تناولات إعلامية مدفوعة بضغوط الممول.. وهو ما ظهر منافياً لما تنص عليه مدونات السلوك ومواثيق الشرف الصحفي. * لقد بدأت قناة «الجزيرة» مشوارها بصورة أبهرت المشاهدين من المحيط إلى الخليج.. لكنها أوقعت نفسها في سلسلة من المخانق لن تغادرها بدون العودة إلى الجرأة الموضوعية التي لا تكسر القاعدة الإعلامية الشهيرة. الخبر مقدس والرأي حر..!!