أمام الحالة المزرية والحياة "المُعلَّقة" التي يحياها المواطنون اليمنيون وسط مختلف المحافظات اليمنية: كهرباء مضروبة، وقود شحيح، مياه مهددة، أمراض متفاقمة، دراسة وأعمال معطلة. من المسئول الآن عن تخطي آثارها. العبثُ العام بحياة المواطنين من يحد عواقبه. أصحاب "الشرعية القانونية" أم "شرعية الأمر الواقع"! مثلاً، تصدر فاتورة استحقاق إحدى الخدمات المقطوعة ظلماً وعدواناً، ويريد بعض الناس المراجعة بشأنها ومحاولة التخفيض –لا الإعفاء- من هو المسئول الأعلى والمعني حقاً ليذهبوا إليه فيخاطبوه. البنزين والديزل والغاز الرائج في السوق "السوداء" وزبائنه "البيض" من المسئول عن محاربة تهريبهم ومنع تسويقهم بعيداً عن السوق "الشرعية". من المسئول عن تبصير الناس بمعطيات وجدوى تحويل وقود معداتهم من المولدات والسيارات من بنزين وديزل إلى "غاز". من القادر على تنوير البسطاء بالكلفة الاقتصادية لهذا التحول "الغازي" المفاجئ الذي اندفع إليه جملة الناس دونما استثناء على ما يبدو: ما أنا إلا من غَزيةَ إن غوت * غويتُ وإن ترشد غَزيةُ أرشدُ أو "مع أخوتك مخطئ ولا وحدك مصيب". والمصيبة في كل الأحوال يخلقها "الإجماع على الخطأ"! .. من المسئول عن التصريح دائماً بتوفر كل متطلبات الحركة اليومية من غاز ووقود، ثم يعقب التصريح فيضان المنتظرين أو سرب "المطوبرين" أو "المساربين". من المسئول القادر على التصدي ل"المغالاة" و"العدوان" على جمهور المواطنين في السوق برفع الأسعار أو حجب بعض البضائع الأساسية عن الجمهور بتأثير "الفساد الأخلاقي" أساساً. من المسئول عن دعوة عموم المواطنين إلى المساهمة في تنظيف الشوارع، ومن يستجيب. هل الأحزاب المتبرعة بالمبادرات السياسية والمتمنعة عن التنفيذ أم اللجنة الثورية العليا المنغمس أعضاؤها في تجربة إدارية جديدة عنهم ثم شغلهم الوضع العسكري وإبراز تداعياته السيئة؟ أو الحكومة "المغتربة" الساعية في الإغاثة الإنسانية، السائرة في الدعاية الإعلامية! طريق الصبر من يضيئه للناس؟ من؟ لا أحد؟! إني لأفتح عيني حين أفتحها * على كثيرٍ ولكن لا أرى أحدا "خلا الجو" من المسئولين مثلما "خلا البال" من المسئولية وما "خلا الناس" من الهموم والمعاناة اليومية. خلو الحس بالمسئولية خلق كل المآسي اليمنية، فهل يصبح الناس الآن مسئولين عن معالجة كل مأساة، لأن "من بدأ المأساة -لم يعد- ينهيها" بعدما غَامَ الموقفُ والرؤى عن مبدئيها ومسببيها ومختلقيها فعجزوا عن الخلاص السريع من الورطة مع اضطراب مواقفهم من لقاءات الخارج لحل مشاكل الداخل لا تعقيدها! لكن البحثَ جارٍ عن مسئول يحترم ذاته أولاً، ليحترم الآخرين ويضطلع بوظيفته الأساسية، ويستطيع خدمتهم وخدمة وطنه. فهل من مسئول يجده اليمنيون بعيداً عن جنيف؟ أم سيبحث اليمنيون في جنيف عن هذا المسئول؟