كان مؤسس المذهب الوهابي أول من كفَّر الأمة بكاملها، أما بالنسبة للدولة، أو "ولاة الأمر"، حكام إمارات زمانه فلم يكفِّر سوى الحكام الذين رفضوا دعوته.. والجماعات والأحزاب الإسلامية المتطرفة والإرهابية، الموجودة في الساحة العربية- الإسلامية اليوم، التي تكفِّر الدولة، وأيضاً تلك القليلة التي تكفِّر الدولة والأمة بأسرها، هذه الجماعات كلها شربت من حوض التكفير الوهابي، فمحمد بن عبدالوهاب هو الذي أسس مبدأ التكفير الشامل، الذي لم يسبقه إليه حتى الخوارج في القرن الهجري الأول، ولأن تكفير الأمة هو المدخل لشن الحرب عليها واحتلال أراضيها، فقد راق هذا لمحمد بن سعود، قرين بن عبدالوهاب، الذي قال إن مسلمي زمانه مشركون كفار، لا يعرفون معنى "لا إله إلا الله". كان بن عبدالوهاب يقول إن الناس في نجد وما حولها جميعهم مشركون، لا يعلمون معنى لا إله إلا الله حتى، وعليهم أن يسلموا بدعوته ليصبحوا مسلمين، ويسلموا أنفسهم وأموالهم، ورجال الدين في زمانه، أيضاً مشركون لا يفهمون معنى لا إله إلا الله، حتى الآن (في أيامه)، فكيف يكونون مسلمين وهم لا يعرفون معنى لا إله إلا الله..؟ كتب لرجل دين في نجد يدعى بن سحيم، يقول له: أنا أشهد شهادة يسألني الله عليها يوم القيامة أنك، إلى الآن، أنت وأبوك لا تفهمون شهادة أن لا إله إلا الله.. وقال: من زعم من علماء العارض (نجد) أنه عرف معنى لا إله إلا الله، أو عرف معنى الإسلام قبل هذا الوقت، أو زعم عن مشايخه أن واحداً منهم عرف ذلك فقد كذب وافترى، ومدح نفسه بما ليس فيه.. وعبارة "قبل هذا الوقت"، فيها إشارة إلى أن الذين عرفوا معنى لا إله إلا الله، في ذلك الوقت عرفوا ذلك منه.. وألَّف بن عبدالوهاب "كتاب التوحيد"، قال عنه: أُشهد الله، أن ما سطرته في هذا الكتاب هو الحق لا غير.. والكتاب في معظمه كلام عن المساجد والقباب المزينة، وأضرحة الأولياء والمقابر، عدَّها من الشرك، وسخَّر هو وابن سعود مقاتليهم الذين سموهم "الموحدون" لهدم تلك المساجد، ولما وصلوا إلى المدينةالمنورة هدموا قباب مسجد الرسول.. وقبل أشهر اقترح شيخ وهابي سعودي نقل قبر الرسول من مكانه لأن الناس يتبركون به، وهو شرك، كما قال.. اعتبر بن عبدالوهاب كتابه ذاك، قرآن مذهبه الجديد، والعمدة التي اتكأ عليها هو وابن سعود للغزو وتكوين دولة وتوسيعها على حساب الآخرين.. وللكلام بقية.