زعم محمد بن عبدالوهاب أن الله بعثه ليرفع كلمة "لا إله إلا الله".. لكن من الناحية الدينية اشتغل الرجل - تحت هذه اللافتة- بتوافه، مثل: قطع أشجار بدعوى أن الناس ينظرون إليها، مثل نظرة الصحابة لشجرة بيعة الرضوان.. وهدم المعالم التاريخية لأنها "أضلَّت الناس عن الهدى"، ولذلك تعتبر السعودية البلد الوحيد في العالم الذي ليس فيها آثار، باستثناء سروال الملك عبدالعزيز طبعاً.. كما اشتغل بن عبدالوهاب بهدم الأضرحة والقبور، ومكافحة التأنق في الأكل واللباس، وشرب القهوة والتبغ.. ومن الناحية السياسية، صيَّر لافتة "لا إله إلا الله" منطلقاً للقضاء على الآخرين، فقد وضع نفسه وأتباعه في خانة الفئة المختارة المكلفة من الله بإدخال المسلمين (المشركين) إلى الإسلام، ولهذا السبب اتهمه أخوه سليمان- كما اتهمه رجال الدين في الحجاز- بأنه ادعى النبوة.. مؤرخو الوهابية ينكرون ادعاءه النبوة، ويقولون فقط: "إن الله أقامه محل أنبيائه ورسله"!! قال بن عبدالوهاب لقرينه بن سعود: بكلمة "لا إله إلا الله" سنخضع الأعراب ونملك الأرض بالفتوحات.. وبهذه الكلمة أيضاً صار الوهابيون مسيطرين على الإفتاء والوعظ والتعليم، وتوجيه السياسة العامة للإمارة، ولا تزال هذه السلطة قائمة إلى اليوم، فاستناداً إلى التحالف السعودي- الوهابي تصدر حكومة هذا الثنائي قرارات تعزز التوجهات والتصورات المذهبية الوهابية في التعليم والإعلام والسياسة العامة، ودعم الإرهاب. اعتبر بن عبدالوهاب نفسه حاملاً تكليفاً إلهياً، وقرينه بن سعود وأتباعهما "الموحدون" قوة منفذة لهذا التكليف، فوطَّنوا أنفسهم على البقاء في حالة حرب دائمة مع المسلمين في نجد وما حولها، والذين أطلقوا عليهم أسامي مثل: المشركين، الكفار، عبدة الأولياء.. وهذا التوجه ظل سارياً حتى بعد وفاة بن عبدالوهاب، وبعد سقوط الدولة الوهابية الأولى على يد الأتراك العثمانيين عام 1818، وواصل حضوره في الدولة الثانية عام 1820.. ونفس الأمر ينطبق على الوهابية- السعودية في القرن العشرين.. الجيش السعودي- الوهابي قتل 3000 من الحجيج اليمنيين في تنومة قرب عسير عام 1924، بدعوى أنهم زيود، مشركون، كفار، وإلى اليوم لا تزال الوهابية في حالة حرب مع اليمنيين وتفتي آل سعود بقتلهم، كما هي في حالة حرب مع المسلمين، داخل الدائرة الإسلامية، وخارجها أيضاً، رغم يقينها أن علاقة آل سعود بالغرب وبإسرائيل أمتن من علاقتهم بالكويت مثلاً.. كما أن هذا التحالف السعودي- الوهابي جعل السعودية منبع الإرهاب، وممول الإرهاب، وموجه الإرهاب، الذي يستحيل القضاء عليه دون القضاء على هذا التحالف.. وللكلام بقية.