كان محمد بن سعود يحكم منطقة صغيرة في نجد اسمها الدرعية، ومحمد بن عبدالوهاب رجل دين متعصب، ضاقت به الدنيا بسبب تعصبه، خرج من بلاده العيينة التي ولد فيها عام 1703، وهي أكبر مدن نجد حينها، إلى حريملا، والإحساء، ومكة والمدينة، والبصرة، وأينما حل كان يتهم بأنه "يحدث أمرا في الدين"، ثم يطرد، وأخيرا رجع إلى العيينة، وقال لحاكمها بن معمر: إذا أنت نصرتني ونصرت دعوتي، فإن الله سوف يظهرك فيملكك نجداً وأعرابها.. استراح بن معمر الطامح لتوسيع نفوذه، والمنافس لابن سعود في الدرعية، ولكن رجال الدين والأهالي لم يحتملوا وجوده، إذ كفروه وطردوه، فاضطره ذلك للارتماء في أحضان حاكم الدرعية ابن سعود، الذي كان يخشى التحالف بين أمير العيينة، وصاحب الدعوة الجديدة محمد بن عبدالوهاب، ولكن الصيد الثمين جاء إلى عنده.. زوج محمد بن سعود، لما علمت أن بن عبدالوهاب طرد من العيينة، قالت لزوجها: إن هذا الرجل، قدم إلى بلدك، وهو غنيمة ساقها الله تعالى إليك، فأكرمه، واغتنم دعوته، فلعل الله يفتح لنا الفتوحات! فلما وصل بن عبدالوهاب إلى الدرعية، استدعاه بن سعود، وقال له: ابشر بالعز والخير والمنعة، فرد عليه: وأنت ابشر باليُمن والغلبة على جميع بلاد نجد وأعرابها، فلعل الله يفتح لنا الفتوحات.. ولما علم بن معمر، حاكم العيينة بعقد هذا القران، ذهب إلى الدرعية يطلب عودة محمد عبدالوهاب إلى العيينة، فقال له بن سعود: ما لهذا الأمر من سبيل، فقد وفد إلينا الشيخ محمد، ونحن به فرحون، ولا يمكن التخلي عنه.. وبعد فترة قصيرة من عقد القران السعودي- الوهابي هذا، والذي قلنا في وقت سابق: إنه خرج من بطن واحدة هي "بلاد نجد"- بدأت الفتوحات"الإسلامية" السعودية الوهابية في بلاد نجد، ثم ما حولها، وذلك بأول غزوة لابن سعود وبن عبدالوهاب، كانت في العام 1746، وكانت موجهة نحو بعض "أعراب نجد".. وكانت هذه الفتوحات تعتمد على أمرين: الأول أن كل هؤلاء المسلمين الذين هم خارج الدرعية، مشركون، كفار، والثاني مبني على الأول، وهو أن كل ما يملكه المشركون الكفار، "أهل البلاد المفتوحة" غنيمة وفيء للمسلمين، وهم الغزاة الذين أطلق عليهم بن سعود وبن عبدالوهاب أسماء: مثل: "الموحدون".. "الإخوان".. "السلفيون".. "أهل كلمة لا إله إلا الله"، ولذلك كانت هذه الغزوات تلحق خرابا اقتصاديا بأهالي "البلاد المفتوحة"، حيث كانوا يحرقون النخيل وسائر المزروعات، وينهبون ما بأيدي السكان، ومجوهرات "المشركات"!.. وللكلام بقية.