هل ستُصبح العملة الوطنية حطامًا؟ مخاوف من تخطي الدولار حاجز 5010 ريال يمني!    في ذكرى عيد الوحدة.. البرنامج السعودي لإعمال اليمن يضع حجر الأساس لمشروع مستشفى بمحافظة أبين    حدادا على شهيد الريح : 5 أيام في طهران و7 في صنعاء !!    مفاتيح الجنان: أسرار استجابة الدعاء من هدي النبي الكريم    الرئيس رشاد العليمي: الوحدة لدى المليشيات الحوثية مجرد شعار يخفي نزعة التسلط والتفرد بالسلطة والثروة    رئيس إصلاح المهرة: الوحدة منجز تاريخي ومؤتمر الحوار الوطني أنصف القضية الجنوبية    قيادي إصلاحي: الوحدة اليمنية نضال مشرق    الرئيس العليمي يبشر بحلول جذرية لمشكلة الكهرباء    الرئيس العليمي : قواتنا جاهزة لردع اي مغامرة عدائية حوثية    "العدالة تنتصر.. حضرموت تنفذ حكم القصاص في قاتل وتُرسل رسالة قوية للمجرمين"    "دمت تختنق" صرخة أهالي مدينة يهددها مكب النفايات بالموت البطيء!    بطل صغير في عدن: طفل يضرب درسًا في الأمانة ويُكرم من قِبل مدير الأمن!    خبير جودة يختفي بعد بلاغ فساد: الحوثيون يشنون حربًا على المبلغين؟    الونسو: اتالانتا يشكل تهديدا كبيرا    بن عديو: الوحدة تعرضت لسوء الإدارة ولا يعني ذلك القبول بالذهاب نحو المجهول    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    إيقاد الشعلة في تعز احتفالا بالعيد الوطني 22 مايو المجيد والألعاب النارية تزين سماء المدينة    محمد قحطان.. والانحياز لليمن الكبير    في ذكرى إعلان فك الارتباط.. الانتقالي يؤكد التزامه باستعادة دولة الجنوب (بيان)    أبين.. منتخب الشباب يتعادل مع نادي "الحضن" في معسكره الإعدادي بمدينة لودر    الوزير الزعوري يناقش مع وحدة الإستجابة برئاسة مجلس الوزراء الملف الإنساني    وزير الشؤون الاجتماعية يشيد بعلاقة الشراكة مع اليونيسف في برامج الحماية الإجتماعية    التعادل يسيطر على مباريات افتتاح بطولة أندية الدرجة الثالثة بمحافظة إب    القبض على متهم بابتزاز زوجته بصور وفيديوهات فاضحه في عدن    تراجع أسعار النفط وسط مخاوف من رفع الفائدة الامريكية على الطلب    الامين العام للجامعة العربية يُدين العدوان الإسرائيلي على جنين    لاعب ريال مدريد كروس يعلن الاعتزال بعد يورو 2024    المبعوث الامريكي يبدأ جولة خليجية لدفع مسار العملية السياسية في اليمن مميز    إحصائية حكومية: 12 حالة وفاة ونحو 1000 إصابة بالكوليرا في تعز خلال أشهر    الآنسي يعزي في وفاة الشيخ عبدالمحسن الغزي ويشيد بأدواره العلمية والدعوية والوطنية    الوزير البكري يلتقي رئيس أكاديمية عدن للغوص الحر "عمرو القاسمي"    تناقضات الإخواني "عبدالله النفيسي" تثير سخرية المغردين في الكويت    الحوثي للاخوان: "اي حرب ضدهم هي حرب ضد ابناء غزة"!!!!    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن حملة علاجية مجانية لمرضى القلب بمأرب    "وثيقة".. كيف برر مجلس النواب تجميد مناقشة تقرير اللجنة الخاصة بالمبيدات..؟    تقرير برلماني يكشف عن المخاطر المحتمل وقوعها بسبب تخزين المبيدات وتقييم مختبري الاثر المتبقي وجودة المبيدات    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكهنوت الشيوعي والوهابي وما بينهما( 2 )
نشر في عدن الغد يوم 20 - 06 - 2013

كنت قد تعرضت في الجزء الأول من هذا البحث الى المفاهيم المجردة للكهانة وحاولت استخلاص المعنى من خلال استعراض بعض الأمثلة التي توضح اكثر عما يمارسه الكاهن دون الخوض في تفاصيل تلك النماذج من الممارسات والتي هي موضع جدل مستمر أفرزت مواقف مختلفة حيالها. محاولة توصيل الفكرة بطريقة مجردة فيها صعوبة شديدة لي في توضيح ما اريد ان اصل إليه وفي نفس الوقت في تقديم صورة تبين فكرتي للقارئ بشكل يمكن فهمها ولذا لابد من توصيل الفكرة عبر الخوض في تفاصيل لنماذج لها علاقة بالممارسات الكهنوتية فتبرز صعوبة تناول هذه التفاصيل التي فيها جدل وتقديم رأي مستقل حولها. تلك مسألة بحثية لها شروطها واهمها الاطلاع الواسع على كل ما يتعلق بهذا النموذج.
موضع بحثي هو محاولة للوصول الى تقديم الصور المختلفة للكهانة الدينية والأيديولوجية واستخلاص القواسم المشتركة والتشابه الوظيفي والضرر التي تسببه هذا النماذج المختلفة في المجتمعات التي وجدت فيها. محاولة الاستخلاص دون التوهان في دهاليز تلك الظواهر او النماذج امر عسير لان من يستطيع ان يستخلص راي حول ظاهرة متشعبه لابد ان يلم بها من مختلف جوانبها. هو إشكال حاولت تجاوزه بقدر ما استطيع من خلال الوقوف على الحياد من أي رأي.. واعتمدت على كل ما أطلعت عليه ومن مشاهداتي وقراءاتي وتجربتي الشخصية. فعلى سبيل المثال من يقرأ عن الدعوة الوهابية سيتوه بين الكتب وسيل الكتابات التي تقف على النقيض بين من يشيد وينتقد بشده. لم اهتم كثيرا بما كتبه الداعية محمد ابن عبدالوهاب فهو لم يبدع ولم يأت بجديد بل قرأ الدين الإسلامي بطريقته الحنبلية الموغلة في الغلو والتطرف فقط لكن ما يهمني هي الممارسات التي افرزتها الدعوة والتي تحولت الى حركة سياسية اجتماعية تلبس ثوب الدين اكثر منها دعوية وسخرت الدين بشكل واضح لتعزيز سلطات دنيوية وسياسية تتعارض مع جوهر وروح الدين الإسلامي نفسه.
إذن عند قراءاتنا لمؤلفات الدعوة الوهابية نلمس وجود انحياز واختيار لقراءة وتفسير وفهم تيار إسلامي دون غيره وهو المذهب الحنبلي المعروف بتشدده واتباعه بالتسلسل من ابن تيمية ابن القيم والغزالي وابن حزم ثم يتواصل الانحدار العمودي لما بعد محمد ابن عبدالوهاب نحو ابو العلاء المودودي وسيد قطب هذا التيار الفكري الحالك السواد انتج لنا اليوم فقه جديد يدعو لتحريم شراء الخيار وستر عورة الشاة ومنع تقديم الزهور للمريض وبالتالي تحريم زرع وبيع وشراء الزهور . كل هذا الفقه الغريب على المسلمين صاحبته موجه عنف تحاول فرض هذه النسخة البدوية المتخلفة للإسلام ممثلة بتيارات التكفير والجهاد والقاعدة وغيرهم من اتباع "الفرقة الناجية" الذي يسيرون بنا فكريا وحضاريا نحو الهاوية فانتقلنا من فكر السجون الغاضب على كل شيء لسيد قطب " معالم في الطريق" إلى فكر الكهوف للدكتور ايمن الظواهري في كتابة فرسان تحت راية النبي الذي كتبه في كهوف تورا بوار قبل اربعة عشر عاما تقريبا والأخير والأخطر كما تصفه المخابرات الأمريكية وهو كتاب "إدارة التوحش ( اخطر مرحلة ستمر بها الامة )" ل أبوبكر ناجي الذي يعد الدليل النظري لتنظيم للقاعدة .
ما يهمني عند تعرضي للدعوة الوهابية كنموذجا للكهانة في الإسلام هو تقديم بعض جوانب الظاهرة من وجهة نظر غير متعصبة والتي اعتمدت فيها على كتابات رصد ت الظاهرة بكل موضوعية لإظهار كيفية توظيف النص في مقارعة الخصوم والفرق بين حقيقة النص والممارسة عبر الفهم المختلف للنص لأذهب وصولا لاستخلاص القواسم المشتركة بين كهنوتية الوهابيين مع ماسبقتها من ديانات مسيحة ويهودية اللتان تعتبرانها جزء من المكون العقيدي لهما ثم الكهنوت الأيديولوجي من يسار قومي او ماركسي او يمين نازي او فاشي يؤدون جميعا نفس الوظيفة في تقديس النص والتعصب لقراءة كل منهم فقط وانتهاج العنف وسيلة اولى وأخيرة.
عند قيام الدولة السعودية الاولى عام 1754م وعاصمتها الدرعية وعندما انتقل مؤسس الدعوة الوهابية محمد إبن عبد الوهاب الى الدرعية وبدأ هو بنشر دعوته والتأصيل الديني للغنائم بعد الغزوات والإغارة على القبائل التي تقطن المناطق المجاورة من قبل المقاتلين من اتباع الدولة السعودية الاولى يساندهم في القتال والفتاوي الداعية محمد ابن عبدالوهاب وشيعته حتى بدأت تترسخ المكانة الدينية لتلك الدعوة التي كانت تبحث عن سلطة تحميها وفي نفس الوقت كان آل سعود في امس الحاجة أيضا للتبرير الديني لدعم نشاطاتهم التوسعية عبر الشحن والتأصيل الدينيين. وهنا نشأ التحالف بين الوهابيين وآل سعود واتفقا على التقسيم بينهما على ان تبقى السلطات الدينية من اختصاص اتباع محمد بن عبدالوهاب واما السلطات السياسية فهي من اختصاص آل سعود..
إن جوهر الدعوة الوهابية يكمن في تفسير القران او الدين الإسلامي بشكل مختلف عبر الادعاء بالعودة للسلف.. العودة للأصول وهي القرآن والسنة ولا يعتد بما يقول غير ذلك.
الدعوة الوهابية تعد نموذجا حيا للتطرف وكحاضنة نشأت بداخلها وتنهل منها الفرق المتطرفة والغلاة المعاصرون وهي الوريث الحقيقي لتيار الخوارج الذي كفروا كل من لا يؤمن بفتاويهم وقد رأينا كيف ان الوهابيين يعتبرون الشيعة والمتصوفين وكل من لايتبع مذهبهم مشركين يوجب قتالهم ورفضوا اراء من لا يعجبهم من السلف المشهود لهم بالعلم كابي حنيفة النعمان والشافعي ومالك واكتفوا بالتمسك بمذهب احمد ابن حنبل المتشدد وساروا على نهج المتعصبين مثل ابن تيميه والغزالي بل ان اتباعهم ايضا هم من الغلاة والمتعصبين الذين يكفرون كل من يخالفهم كأبي علي المودودي وشكل التزاوج بين التعصب السلفي مع الفكر الإخوانجي المعاصر مصدر خطر حقيقي على المجتمعات الإسلامية بسبب الفكر الظلامي الحالك السواد الذي ينزع العقول ويؤجج الحقد والعنف والوحشية . لقد مثل فكر سيد قطب المنظر المعاصر للفكر السياسي المتأسلم ذروة هذا التعصب حيث يقول " إنْ العالم يعيش اليوم كله في "جاهلية" من ناحية الأصل الذي تنبثق منه مقومات الحياة وأنظمتها . جاهلية لا تخفف منها شيئًا هذه التيسيرات المادية الهائلة ، وهذا الإبداع المادي الفائق !
هذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله في الأرض وعلى أخص خصائص الألوهية . . وهي الحاكمية . . إنها تسند الحاكمية إلى البشر ، فتجعل بعضهم لبعض أربابا " "معالم في الطريق" سيد قطب .
ترى لو قدر لسيد قطب ان يعيش ليرى النموذج الذي دعى له وقد تحقق على ايدي طالبان او الشباب المؤمن في الصومال هل سيظل على رأيه.
انها ليست صدفه ان تنتشر الوهابية في المجتمعات البدوية المتخلفة في صحاري جزيرة العرب وفي افغانستان المجتمع العشائري التي تعيش في اقبية القرون الوسطى او بلد اللادولة في الصومال.. لم تنتشر في العرق والشام ومصر البلدان الأكثر تحضرا رغم كل وسائل التعليم والنهضة العلمية والثقافية .. إنها ليست صدفة بكل تأكيد. واجه التعصب الوهابين وحملاتهم الوحشية مقاومة من عرب البادية في الجزيرة العربية وكل ما حولها وما نشاهده اليوم في مصر وسوريا والعراق وليبيا واليمن والصومال وتونس والجزائر وافغانستان يعد شاهد حي على رفض الفكر المتعصب وعلى مقاومة الفتنة التي زرعها الفكر الديني البدوي. ويقودنا هذا التعصب في تكفير الشيعة وتقسيم المسلمين الى سنة وشيعة ناهيك عن الانقسام الحاد في اطار المجتمعات السنية إلى كارثة لن تبق ولن تذر وستفعل بأمة الإسلام ما عجزت عنه الحملات الصليبية والاستعمارية الاوربية مجتمعة طوال الألف عام تقريبا.. ترى هل هذا هو التجديد في الدين والدعوة الحسنة!!؟. الم يكتمل الدين والوحي بوفاة الرسالة " قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3] الم يقل المولى جلىّ وعلى " لا إكراه في الدين". لم تعد المسالة محصورة في الدعوة الحسنة والوعظ ونشر تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وهو ما نحن احوج إليه بل انه الفكر الوهابي السلفي الأعمى يريدون من خلاله إكراه جميع من يخالفونهم دون اعتراف بان الخلاف ليس حول الإسلام والقرآن نفسه بل هو حول قراءة وتفسير القران وفهم الإسلام وهو امر موضوعي عرفه الإسلام طوال تاريخه منذ وفاة الرسول:
"إنه من المؤكد أنه ليس هناك فهم واحد للإسلام، وإنما عشرات الأشكال والأنواع. فهناك من يرفض معظم الأحاديث النبوية ولا يقبل منها إلاَّ عشرات (مثل أبي حنيفة النعمان) وهناك من يقبل في كتابه "المسند" عشرات الآلاف (أحمد بن حنبل). وهناك من يعتمد مصادرَ للفقه غير مصادر غيره (الاستحسان عند الحنفية والمصالح المرسلة عند المالكية .. إلخ). وهناك من يتجاوز الآفاق الضيقة للتفسير ويفتح بوابات العقل على ما يسميه "التأويل" (ابن رشد). وهناك من يسمي عقوبة شرب الخمر (حد الشرب) مثل معظم الفقهاء. بينما هناك من يسميه (حد السكر) مثل أَبي حنيفة القائل عن الخمر (لو أَلقوني في النار ما شربتها .. ولو أَلقوني في النار ما قلت إنها حرام)." سجون العقل العربي ..طارق حجي.
لقد ساعدت ظروف الطفرة النفطية في جزيرة العرب على انتشار الإسلام البدوي الوهابي الذي صار في حالة تضاد وحرب ليس مع أعداء الإسلام بل مع المسلمين انفسهم .. لقد اسسوا مذهبا يعتمد على اراء أحمد أبن حنبل الذي اصّل له الفقيه الحنبلي الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية والذي تولى القضاء في بغداد وتوفى سنة 450 للهجرة فتحولت تلك الأحكام إلى دين جديد وصارت مراجع للجماعات المتطرفة المعاصرة.
إن الدعوة الوهابية ليست فكرا جديد او تجديدا كما يدعي اصحابها بقدر ماهي تفسير مختلف للدين الإسلامي وترتكز على معنى التوحيد وتكفر كل من يزور القبور او يبني الأضرحة او يلبس القلادة او الأسورة بل وانهم كفروا الأمير السعودي لأنه ركب السيارة واستخدم التليفون والإذاعة التي تعتبر من صنع الكفار وتشبّه بهم فلم تجد هذه الدعوة قبولا عند ظهورها لأسباب كثيرة هي في مغالاتهم وتكفير مخالفينهم واعتماد العنف وسيلة لفرض آرائهم وسحق من يختلف معهم.
لا اظن ان هناك معضلة فكرية تواجه المسلمين تستحق كل هذا العنف والتكفير, فجميع الفقهاء السنيين منهم والشيعة والمتصوفين يدعون الى وحدانية الرب دون سواه, لكن التعصب الوهابي السلفي الحنبلي في تفسير ممارسات المسلمين مثلا عند زيارة القبور والأضرحة او بناء القباب او دفن الاولياء في المساجد التي يرى الحنابلة انها شرك بالله وان اصحابها خارجون عن ملة الإسلام وشنوا حملات ابادة للمسلين وتدمير للعتبات الدنية واضرحة الصحابة والمساجد التاريخية.. لا اظن ان من يزور القبر يجعل من القبر شريك لله او من يصلي في مسجد فيه قبر ولي صالح انه يعبد الولي او يجعل من القبة صنما يعبدها.. إنه أمر يصعب الوقوف عنده إذا اعتمدنا هذا التفكير كمنهج للقياس وماذا سيكون الموقف من الكعبة المشرفة والحجر الاسود التي يطوف حولها الحجاج وهي في نظري لا تختلف عن أي مسجد سوى في قيمتها التاريخية ورمزيتها والدور الإيجابي التي تؤديه في جمع وتوحيد المسلمين لأن المساجد كلها بيوت الله. ولا اظن ان احد يستطيع الادعاء أن الله يتواجد في الكعبة المشرفة التي يطلق عليها بيت الله الحرام بل ان لا احد ايضا يستطيع ان يدعي ان الله يتواجد في المساجد التي يطلق عليها جميعا مجازا بيوت الله. وماذا بخصوص البدوي الذي يعبد الله في الصحراء ويصلي امام الخيمة او تحت النخلة او خلف الجمل حتى نقول انه يتخذ من كل هذه الأشياء اصناما يشرك بالله. الم يكن ديننا الإسلامي دين العقل والمنطق والإيمان في القلوب وليس بظواهر الممارسة.
" كان الوهابيون يعتبرون جميع المسلمين المعاصرين لهم والذين لا يؤمنون بتعاليمهم أكثر شركا من الجاهليين في الجزيرة العربية. وكان سليمان شقيق محمد بن عبد الوهاب قد تزعم لأمد طويل الحركات المناوئة للوهابية في العديد من واحات نجد. وقد أشار إلى أن التعصب من السمات الملازمة للوهابية. وكتب المؤرخ الحجازي ابن زيني دحلان "وقال له أخوه سليمان يوما كم أركان الإسلام يا محمد بن عبد الوهاب فقال خمسة فقال بل أنت جعلتها ستة السادس من لم يتبعك فليس بمسلم هذا ركن سادس عندك للإسلام." تاريخ العربية السعودية.. اليكسي فاسيلييف.
كل الفتاوي المريبة التي نسمع عنها اليوم هي نتاج لهذه القراءة المتطرفة للدين من يطلع على مؤلفات محمد عبد الوهاب " التوحيد" يدرك المعالم الأساسية لقراءة وتفسير الشيخ للدين الإسلامي. ليس المهم فيما يقوله الشيخ في دعوته لكن المهم فيما ممارسه هو واتباعه. لا اظن ان المسلمين يدعون للشرك بالله او يرفضون الاستماع للداعية في توجيههم بما هو شرك اصغر او شرك أكبر. ليس مبررا كل تلك الحملات الوحشية والنهب والسلب الذي تعرضت له القبائل البدوية في نجد والجاز والإحساء والعراق والشام فهذا ليس من الدين في شيء فقد أمرنا الله والرسول بالموعظة والدعوة الحسنة. الم يسمعوا عما فعلوا الدعاة الحضارم اتباع مدرسة تريم الشافعية المعتدلة في نشر الدين في أصقاع الارض في ماليزيا وإندونيسيا وافريقيا دون ان يقتلوا او يسبوا احد. . وهل البدوي الذي لا يعرف من الدنيا سوى الخيمة والجمل والنخلة نقتله ونسلب امواله ونسبي زوجته وامه وبناته لأنه ليس عالما بالدين او فقيها حنبليا لا يعرف الدين وفقا لقراءة محمد بن عبدالوهاب.

"كانت حملات الوهابيين تحت راية تجديد الدين تستهدف تحقيق مهمات دنيوية بحتة تتلخص في زيادة ثروات حكام الدرعية ووجهاء الجزيرة المرتبطين بها (وجهاء نجد بالدرجة الأولى) وكذلك الجند المساهمين في الغزوات. ويدل ما كتبه مؤرخو الجزيرة والرحالة الأوروبيون على أن الغزو ظل الطريق الرئيسي لحصول الوجهاء على الثروة. وكتب المؤرخ الوهابي أبن بشر يقول، بعد أن عدد الضرائب التي وردت إلى الدرعية: "وما ينقل أليها من الأخماس والغنائم أضعاف ذلك"( 1. ويعتقد بوركهاردت كذلك ( أن الأخماس تحتل المرتبة . الأولى بين عائدات حاكم الدرعية( 2.كانت غزوات الوهابيين الأولى تنتهي بالاستيلاء على بضع عشرات من الإبل والأغنام ونهب الحقول أو بساتين النخيل، أما في سنوات أوج قوتهم، فقد كانت غنائمهم تبلغ عشرات الآلاف من رؤوس الماشية المنهوبة. وفي عام 1796 بعد دحر قوات شريف مكة، وقع في أيدي الوهابيين 30 ألفا من الإبل و 200 ألف من الأغنام والماعز( 3)، إذا لم تكن في ذلك مبالغة. 1791 دحر قبائل مطير وشمر حصل الوهابيون على "غنائم كثيرة _ ويقول أبن بشر أنه عندما جرى في عام 1790.
من الإبل والغنم والأثاث والأمتعة". وسرعان ما تعرض سائر البدو لمثل هذا المصير. فقد كان الوهابيون يطاردونهم يومين أو ثلاثة "ويأخذون منهم الأموال ويقتلون الرجال"( 4). إن المصنفات التاريخية العربية غاصة بوقائع من هذا النوع. وكتب المؤرخ الوهابي أبن بشر عن هذا الحادث يقول: "سار سعود بالجيوش المنصورة والخيل العتاق المشهورة من جميع حاضر نجد وباديها والجنوب والحجاز وتهامة وغير ذلك وقصد أرض كربلاء… فحشد عليها المسلمون وتسوروا جدرانها ودخلوا عنوة وقتلوا غالب أهلها في الأسواق والبيوت. وهدموا القبة الموضوعة (بزعم من أعتقد فيها) على قبر الحسين. وأخذوا ما في القبة وما حولها كما أخذوا النصيبة التي وضعوها على القبر وكانت مرصوفة بالزمرد والياقوت والجواهر، وأخذوا أيضًا جميع ما وجدوا في البلد من أنواع الأموال والسلاح واللباس والفرش والذهب والفضة والمصاحف الثمينة وغير ذلك مما يعجز عنه الحصر ولم يلبثوا فيها إلا ضحوة وخرجوا منها قرب .( الظهر بجميع تلك الأموال وقتل من أهلها قريب ألفي رجل" . تاريخ العربية السعودية .. إليكسي فاسيليف.
ويضيف المستشرق الروسي نفسه قائلا: " وترك محمد بن عبد الوهاب لورثته أرضًا فيها نخيل وأشجار فاكهة وحقول تبلغ عائداتها 50 ألف درهم ذهبي سنويًا".
ويقول فاسيلييف في نفس المرجع ايضا عن المضمون الاجتماعي للوهابية :
" تتضمن مؤلفات مؤسس الوهابية أحكاما لا لبس فيها وهي تجسد مصالح الوجهاء ضد الفقراء. وتهدف إلى تأمين الاستقرار الاجتماعي. فالعامة يجب أن تخضع لاصحاب السلطة( 61 )، كما يؤكد طبقا لأصول الإسلام. وان عذاب الجحيم من نصيب كل متمرد على الأمراء( 62.
واعتبرت الوهابية دفع الزكاة واجبا وليس مطلبا طوعيا، وبذلك جعلت عائدات السلطة من جميع الفئات للسكان، بمن .فيهم البدو، مبدأ دينيا لا مناص منه( "63.
يعد المستشرق الروسي إليكسي فاسيليف اهم من كتب عن الحركة الوهابية في كتابة المذكور والذي اعتمد في تأليفه على وثائق كثيرة ومهمة ناهيك عن الجهد الجبار الذي قام به في دراسة وقراءة وتمحيص المعلومات داخلها بكفاءة وموضوعية نادرين. هذه المراجع شملت كم هائل من الوثائق البريطانية الرسمية والمراسلات والوثائق الاستخبارية لفرنسا وبريطانيا وروسيا ومؤلفات الوهابيين ومخطوطاتهم النادرة في المتاحف الأوروبية وغيرها من كتابات المستشرقين والجواسيس. الكتاب حديث صدر في بداية التسعينيات من القرن الماضي ويبدو انه لم يعتمد على كتابات خصوم الوهابيين من أمثال الإصلاحي السعودي ناصر السعيد في كتابة المثير للجدل "تاريخ آل سعود" والذي دفع حياته ثمنا له حيث اختطفته المخابرات السعودية عام 1979م بالتعاون مع ياسر عرفات من بيروت وتم ترحيله الى السعودية مخدرا وهناك عذب وتم رميه حيا من طائرة مروحية في رمال الصحراء لتأكله الجوارح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.