قبل أكثر من 200 سنة كتب الإمام محمد بن علي الشوكاني، يقول:" ولقد أخبرني أمير حجاج اليمن أن جماعة منهم (الوهابيين)، خاطبوه ومن معه من الحجاج، بأنهم غير معذورين عن الوصول إلى صاحب نجد في إسلامهم، فما تخلصوا منه إلا بجهد جهيد".. وفي موسم حج عام 1342، كان الوهابيون يتوثبون لمذبحة في تنومة تحت راية: "هبت هبوب الجنة، وأين أنت يا باغيها"، ثم تنادوا: اقتلوا المشركين، اقتلوا المشركين.. وكان أولئك المشركين هم الحجاج اليمنيين.. وفي تلك الفترة كانت هناك مشكلة سياسية بين الإمام يحيى، وبين الوهابية- السعودية.. في تلك السنة قتل الوهابيون الذين يقودهم خالد آل سعود، نحو 3000 حاج يمني في منطقة تنومة بعسير، وهم عزل من السلاح.. قتلوا ذلك العدد الكبير من المسلمين المتوجهين إلى مكة، وسلبوا كل ما كان بأيديهم، وما حملته دوابهم من متاع وطعام، ومنذ ذلك العام وإلى عام 1934، كان ممثلو الإمام يحيى في المفاوضات اليمنية- السعودية حول عسير ونجران وجيزان، يطرحون قضية أولئك الحجاج أمام ممثلي عبد العزيز آل سعود، فلم يستجب لمطالب تعويض أسرهم، ففي مفاوضات صنعاء عام 1927، قال السعوديون إن قضية تنومة منتهية، لأن سلطان نجد والحجاز "برئ من هذه المذبحة، وقد أمر بإعادة كافة ما وجد مع الحجاج، وعندنا وثيقة باستلام ذلك"، وبهذه الكذبة السعودية ماتت تلك القضية الكبرى. لقد كانت الوهابية – السعودية تستغل موسم الحج لتصفية أي مشكلة سياسية مع قوم من أقوام المسلمين، أو دولة أجنبية لديها رعايا مسلمين، وهذه الطريقة المجربة منذ أكثر من قرنين، يتم استحضارها في أي وقت، ولا تعدم الوهابية- السعودية المبررات، فهي تضايق حجاج بلد ما، أو تنقص منهم، بدعوى أنهم شيعة فوضويون مثلا، واليوم في ظل العدوان السعودي على الشعب اليمني، يعيقون مسعى اليمنيين الراغبين في الحج، ومن يدري فقد تدبر الوهابية- السعودية مذبحة، لمن يستطيع منهم السفر إلى الحجاز، وسيكون المبرر أنهم "حوثيون شيعة" سعوا للإضرار بأمن المملكة، فإذا رأت وزارة الأوقاف أن حج هذا العام قد يعرض اليمنيين للخطر، فينبغي أن تنبههم بأنه من الخير لهم أن يؤجلوا أداء الفريضة. وبالمناسبة، بعد المذبحة الكبرى التي وقعت للحجاج اليمنيين في منطقة تنومة، سارعت دول مثل بريطانيا وإيطاليا إلى إبرام معاهدات مع عبد العزيز بن سعود، توجب عليه أن " يتعهد، ويعلن التزامه بأن يكون الحجاج آمنين على أموالهم وأنفسهم أثناء ذهابهم إلى الحجاز وإقامتهم فيها والرجوع منها"!