أولا.. لأنها كانت ثورة بدون مشروع وبدون هدف وبدون رؤية للمستقبل.. غير إسقاط وهدم وبس.. يرحل وبعدين سهل.. يرحل وكل المصايب ستحل.. يرحل وبعدين عنسد.. إذا صح أن نسميها ثورة فهي ليست ثورة بشر وإنما ثورة قطعان.. تسيرها شمطاء بالمكرفون وشيخ مراهق بالمال وزعماء روحيون بالفتاوى.. وأحزاب سياسية فاشلة وعميلة، وحركات سياسية ناشئة تحمل طموحات ومشاريع جامحة وأنانية. ثانيا: لأنه تاريخ دخول اليمن في مرحلة سنواته العجاف.. تشظى المجتمع وكره بعضه.. تفرق الإخوة وا?حبة وا?صدقاء والزملاء.. تشرذم الشعب.. توقف العمل وانتشرت البطالة وتفشى الفقر.. أصبح القتل والدمار شيئا طبيعيا كحوادث السير.. دخلت البلاد في نفق مظلم ومنحدر نحو ا?سفل ولم يخرج منه حتى الآن.. نتربص ببعضنا ونفرح بقتل بعضنا منذ ذلك اليوم.. لكن، ومع كل ذلك فالمشكلة ليست هنا.. إليكم أين كانت المشكلة الحقيقية، عسى أن نتعلم: المصيبة (كل المصيبة).. الجريمة (كل الجريمة).. النكبة (كل النكبة).. أننا لم نكن مجبرون على كل ذلك.. كانت الخيارات والبدائل والحلول التي تنقذ البلد من الفوضى والدنس الخارجي موجودة ومتاحة ومتوالية.. غير أن ثوار البلوى ورعاتهم رفضوا كل الحلول.. استكبروا وعموا وصموا وأبوا إلا الوقوع في الكارثة وهم يعلمون تمام العلم ماذا يفعلون.. بسبب الطمع والحقد والعمالة والخيانة.. والمشاريع الوهمية غير الوطنية.. وأخيرا.. لماذا 11 فبراير نكبة حلت باليمن واليمنيين؟ لأننا مع كل ذلك لازال فينا من يحتفل بهذا التاريخ كإنجاز.. المشكلة هنا ليست في الاحتفال نفسه، بل في دلالته.. ودلالته هي أننا لازلنا نحمل نفس الحمق ونفس الاستكبار ونفس الجنون وكأننا، وبعد كل هذا، لم نتعلم شيئا.. فليحتفلوا.