حسنا سأكون مثقفا كما تريدون، وسأدين القتال الداخلي كما أدين العدوان السعودي، الذي تكون إدانته أحرى لكل يمني، وسأقول للحوثي: ارفع مليشياتك وارفع يدك من الدولة ومؤسساتها، وللجان الشعبية: عودوا لمنازلكم، وأقول لصالح: اترك البلد وشأنها وإن كنت فارسها وابنها البار، ولكن هل تقبلون أن تتعايشوا معنا وتتسامحوا وتدافعوا عن وطنكم بضمير إنساني وأخلاقي، دون أن تنبطحوا للمال السعودي، وتتخابروا مع الطيران الذي يقتل الأبرياء، ويهدم مصالحهم وبنى وطنهم التحتية؟ هل تقبلون أن تكونوا بحجم المسؤولية، وتقنعوا القاعدة وداعش وقوى الإرهاب بترك الجنوب وأبنائه لحال سبيلهم، يعيشون كما يريد لهم الله، وتكفون عن اغتيال الناس، وتلزمون قوى الاحتلال بمغادرة عدن، والرحيل من فوق كل شبر في اليمن.. وهل لديكم القدرة على إرغام من يقاتل في تعز ويُهَجِّر سكانها، بمقابل أن لا تروا حوثياً واحداً على تخومها؟ هل تستطيعون إقناعنا بأنكم مسالمون، ولم تتلبسكم وهم المقاومة والزعم أن المخلوع والحوثي سبب المشاكل، وهل لكم قدرة على إحراج الحوفاشية بنزوعكم للسلم والسلام والمدنية التي رقصت عارية أمام المخلافي وسرحان.. وهل لديكم رغبة في تقديم أنفسكم كيمنيين حقاً، أهل حكمة وإيمان، وتقديم ذواتكم غير مسترزقين أو منتفعين على الأقل؟ هل تراودكم لحظة صدق لتحكِّموا العقل والمنطق، وتثقوا أن إيران مجرد تهمة وعالة كبيرة على جراحنا، لا تقدم قطرة واحدة من بحر ما تقدمه لكم السعودية لتخريب وطنكم؟ سأكون مثقفاً كما تريدون وأعتبر الحوثي متمرداً وباغيا، وصالح متآمراً وعدواً للوطن وإن كان في وطنه لا يتزحزح قيد أنملة عنها حتى يأتيه الموت، ولكن اتركوا لهادي وبحاح وحكومته وكل أتباع سلطة الرياض موطئ قدم بسعة كيلو متر في الجنوب لنشعر أن لديكم معا مشروعا وطنيا يفيد البلاد بعيداً عن خلطة آل سعود السحرية لبعث الفوضى والدمار وبحوائج أمريكية.. سأكون مثقفاً وأحاول فهم أن الأخطاء والمثالب والعلل تأتي من الشمال ومن تحت أقدام الدحابشة، ولكن ضعوا السلاح وتعالوا لحوار تدعمه قناعات تستوطن أدمغة يمنية لا تأتي من مطبخ سعودي وغرفة عمليات في واشنطن تدير كل هذه (البلاوي) وتُشَرع لسفك ملايين اللترات من الدماء اليمنية.. أنقذوا أنفسكم من صواريخ الطيران الذي يببعثر أشلاءكم, كلما تراجعتم قسراً أو تقهقرتم بفعل نار رجال الجيش، كما يبعثر أشلاء المدنيين الأمنين في منازلهم فيخلط لحومهم بأحجار مساكنهم.. أقنعوني مرة واحدة فقط وبالحجج بسوء فكرة صالح القائلة للجيش واللجان لا تقتلوهم، أمسكوا بهم واسلبوهم السلاح السعودي الأمريكي، وأفرجوا عنهم ليأتوا بسلاح جديد ونظيف.. أقنعوني بسوء منطق الحوثي وهو يقول يا إخواننا في تعز والجنوب حاربوا الإرهابيين أنتم وطهروا مدنكم من رجسهم.. أقنعوني أن بدون طيار الأمريكية التي تقتل الإرهابيين في شبوة وأبين وحضرموت كلما راق لهم إنعاش مسرحية الحرب على الإرهاب من الجو، بينما هم أقرب لكم منها، بل إنهم معكم في ذات المترس، يتقاسمون معكم مساحات الجنوب، ربما ليس بالتساوي، بل بضعف مساحتكم التي تسيطرون عليها، لأكون المثقف الطلب بحسب إرادتكم لي ومعاييركم القادمة من واشنطن وتل أبيب وأنقرة والرياض.. أقنعوني أن بلاك ووتر رحلت بتدابيركم الوطنية وأن قوى الجنسيات الغازية تكبدت خسائر ولازالت برباطة جأشكم.