على بعد 43 كيلو متر في الشمال الغربي للعاصمة صنعاء، ومن على سفح جبل كوكبان في مديرية شبام كوكبان بمحافظة المحويت -2800 متر عن مستوى سطح البحر- تربض مدينة كوكبان منذ القرن السابع قبل الميلاد، تلوح لزائريها اليوم والحزن يعتريها نتيجة استهدافها أكثر من مرة من قبل مقاتلات العدوان السعودي الأمريكي بإحدى عشرة غارة دون أن يحرك العالم ساكنا، إن لم يكن من أجل سكانها الأبرياء (نساء - أطفال - شيوخ طاعنون في السن..إلخ)، فعلى الأقل من أجل مكانتها التي تعد إرثاً تاريخياً وسياحياً وثقافيا للعالم بأسره. لم تعد كوكبان قادرة على استقبال زائريها بابتسامتها العريضة المعهودة، وقد فقدت من أبنائها سبعة بينهم امرأة، وقرابة عشرين جريحا، كما دمرت طائرات الدمار السعودي حصن وقلعة القشلة وبوابة المدينة التاريخية، وعدداً من المعالم التاريخية والسياحية التي يعود تاريخها إلى ما قبل القرن السابع قبل الميلاد، ولم تستثن طائرات العدوان ضريح الأمير شمس الدين الذي يمثل أحد المعالم الإسلامية، إضافة إلى تدمير (60) منزلا، تنوع تدميرها ما بين تدمير جزئي وكلي. كما استهدفت طائرات العدوان السعودي ب3 صواريخ مبنى المواصلات وأبراج وشبكة الاتصالات، متسببة في تدميرها بالكامل. يد الله والعشرات يد الله في السماء، وعشرات الشباب بينهم عدد من الشيوخ الطاعنين في السن الذين أبو مغادرة منازلهم إلا على أكتاف الآخرين، هم من تبقى في حراسة مدينة كوكبان التاريخ من أية سرقة أو عدوان، بينما غادر المدينة بقية السكان بعد أن أصبح ما نجا من المنازل التي تعرضت للتدمير غير قادر على إيواء السكان، حيث لم يتبق منزل بمقدوره أن يحمي من تبقى من الشباب المتكفل بحراسة المدينة التاريخية. تكسّرت جميع النوافذ ، لتبقى الرياح التي تهب من كل اتجاه في أعلى سفح كوكبان هي اللحاف الوحيد لأولئك الشباب، ما جعل الحياة مأساوية، في ظل غياب تام لمنظمات الإغاثة. الحاجة (عتيقة) أنموذجا الحاجة (عتيقة)، أبت أن تغادر منزلها مهما بلغ الحقد والطغيان لغارات العدوان، قاطعة العهد على نفسها أن لا تغادر منزلها إلا على أكتاف أبنائها، إما عزيزة كريمة، منتصرة لكرامة المرأة اليمنية في كوكبان التاريخ خاصة، واليمن عامة، أو شهيدة عظيمة تروي للأجيال قصة عظمة صمود المرأة اليمنية التي عاشت قرابة عام كامل تحت القصف الجوي والبحري، وحصار (بري- بحري – جوي)، مجسدة (الحاجة عتيقة) بذلك الصبر والجلد والتحدي والعزيمة الكبيرة، أنموذجا للمرأة اليمنية.