الأهمية الاستثنائية لصحيفة "اليمن اليوم" لا تكمن في كونها مطبوعة صحافية يومية لحزب كبير بحجم وتاريخ المؤتمر الشعبي العام بتنوع علاقاته، وتشابك مصالحه مع الآخر، ومجمل تلك التقاطعات التي حكمت هذه العلاقات وضبطت إيقاعاتها بين خصومات، وصداقات وتحالفات، وصدامات.. مما ضبط إيقاعها المهني والسياسي والوطني وفقاً لهذا المزامير السياسية.. وليس لكونها الصحيفة الوحيدة التي صدرت عن المؤتمر تحت دواعي الضرورات والاحتكام لما تملية الحاجة الملحة لا مقتضيات الاستعراض ولوازم النفاق الحزبي والحضور الشكلي هنا أو هناك، كما كانت الإصدارات الصحفية للمؤتمر على مدى سنوات حكمه المديد.. وليس لتلك الخواص والمزايا التي ظهرت بها منذ اللحظة الأولى لتبسط من خلالها معايير الفرادة والتميز وسط المشهد الصحفي اليمني، بما كان يضج به من صحف منافسة وإصدارات يومية تعتمر أزياء الحرب والندية، والتنافس.. وليس لأمور عديدة يدركها المتابع والراصد.. ولكن لكل هذه الأشياء مجتمعه، مضافا إليها عامل أهم وأكثر تحدياً، وذلكم هو الزمن الذي ظهرت فيه وانطلقت من خلاله.. إنه زمن الكيد، والاستهداف والنيل من حزب حاكم غادر إلى المعارضة في محيط مشحون بالغضب والثارات والرغبات في الانتقام.. وتمكنت "اليمن اليوم" من أن تخوض هذه اللعبة المعقدة بحرفية ومهارة عالية، وتقنية سياسية غير مسبوقة في تاريخ البلاد. ومن المثير للدهشة والباعث على الصدمة أن "اليمن اليوم" وجدت نفسها لسان حال أمة وضمير وطن بأكمله بمواجهة خصوم أبعد من الداخل وأقوى من المتوقع وأكبر من حمل الوطن بأتمه.. وصمدت باقتدار أمام طغيان ماكينة إعلام دولي تنفق عليها الحكومة السعودية مليارات الدولارات وتكتسح بالرشاوى أهم وأكبر المؤسسات الإعلامية في العالم.. وكانت هذه الصحيفة بإمكاناتها وقدراتها المالية المتواضعة، نداً لمراكب محمد بن سلمان في أمريكا وأوروبا.. وهذه من الحالات التي تثير الدهشة وتبعث، على الغبطة والتأمل.. إنه القدر الذي يطارد حالات الإشراق في الأزمنة المعتمة.. هذه الحالة التي أراها تستحق وقفة جادة ومسؤولة.. وتدعونا جميعا لأن نشعر بالاعتزاز والرضا الكامل عن النفس.. بوركتم أيها المقاتلون من تحت الأقبية، المجاهدون بروعة الاقتدار ونكهة التحدي والفخار.