حين تنازل السبط الحسن بن علي عليهما السلام لمعاوية بالخلافة، وألّف الله به بين طائفتين كبيرتين من المؤمنين تحقيقا لنبوءة جده عليه أفضل الصلاة والسلام، سمي ذلك العام بين المسلمين بعام الجماعة، ووضعت الحرب أوزارها بينهم، وليس هناك من يجهل أين مقام الحسن السبط، فضلا وعلما من معاوية، ولكن هكذا اقتضت مصلحة الأمة. وفي المذهب الزيدي الذي نما وترعرع في أرضنا المباركة، وبرغم أن حكماء هذا المذهب يرون أن الإمامة لا تكون إلا في علي عليه السلام وابنيه السبطين وما تناسل عنهما، إلا أنهم جوزوا إمامة المفضول في نظرهم أمثال الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم على الفاضل الذي هو في اعتقادهم الإمام علي عليه السلام الأَولى بالخلافة، وبهذه القاعدة الاستثنائية الحكيمة جوزوا كل إمامة من بعد ذلك مع وجود الأَولى بها من أبناء البطنين حتى لا يتم إلغاء تاريخ الإسلام -كما فعل غيرهم - مع احتفاظهم بحق الخروج على الحاكم الجائر. ليس هناك في عصرنا من هو في مقام السبط الحسن ولا من هو في مقام معاوية حتى ينطبق التمثيل عليهما، ولكن هناك طائفتان كبيرتان من المؤمنين في اليمن توحدتا على موقف واحد في مواجهة عدوان بربري حشدت له وقادته قوى الشر الصليبية والصهيونية ومنافقو الأعراب، وقد اتفقت الطائفتان على قيادة جماعية ليس بالضرورة أن تكون هي أفضل ما فيهما أو أفضل ما في الوطن من قيادات، ولكن توحدهما هو الغاية والهدف، ويبقى مع ذلك في مثالنا اليمني الحاضر أمور يجب أخذها في الاعتبار في هذا الاتفاق أهمها. أن هذه القيادة من خلفها قيادات أكمل ستكمل نقصها وتراقب سيرها. أن هناك مستويات من السلطة وأصحاب القرار سوف تقوم هذه القيادة بتأليفها لتغطي مجالات مختلفة تحتاجها البلاد في هذه الآونة. أن الاتفاق قد ارتكز على إحياء العمل بالدستور المجمَع عليه من قبل اليمنيين وعلى المجلس التشريعي المنتخب ومجلس الشورى الذي هو مجلس حكماء الأمة وهذه كلها من شأنها أن تحفظ سير المرحلة، حتى يتسنى الخروج من هذه المرحلة الانتقالية إلى انتخابات رئاسية وتشريعية بعد النصر إن شاء الله على الغزاة وقواديهم. والأهم من كل هذا أن الاتفاق سيسقط الذرائع التي يتحجج بها المستكبرون والغزاة ويمالئهم بها المجتمع الدولي المختل المعايير (وكذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله) فهذا هو دين الملك وشريعة مجلس الأمن الذي سنخرج بهذا الاتفاق عليه ونستعيد حقوقنا المهدرة. فليتأمل هذا كل مؤمن وكل وطني غيور، وليعلم أن الوحدة من موجبات النصر كيفما كانت والتنازع من موجبات الفشل حيث كان.. والله من وراء القصد.