عمره 111.. اكبر رجل في العالم على قيد الحياة "أنه مجرد حظ "..    رصاص المليشيا يغتال فرحة أسرة في إب    آسيا تجدد الثقة بالبدر رئيساً للاتحاد الآسيوي للألعاب المائية    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    سلام الغرفة يتغلب على التعاون بالعقاد في كاس حضرموت الثامنة    حسن الخاتمة.. وفاة شاب يمني بملابس الإحرام إثر حادث مروري في طريق مكة المكرمة (صور)    ميليشيا الحوثي الإرهابية تستهدف مواقع الجيش الوطني شرق مدينة تعز    فيضانات مفاجئة الأيام المقبلة في عدة محافظات يمنية.. تحذير من الأمم المتحدة    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    أول ظهور للبرلماني ''أحمد سيف حاشد'' عقب نجاته من جلطة قاتلة    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    صحيفة تكشف حقيقة التغييرات في خارطة الطريق اليمنية.. وتتحدث عن صفقة مباشرة مع ''إسرائيل''    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    وكالة دولية: الزنداني رفض إدانة كل عمل إجرامي قام به تنظيم القاعدة    البحسني يكشف لأول مرة عن قائد عملية تحرير ساحل حضرموت من الإرهاب    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    العميد باعوم: قوات دفاع شبوة تواصل مهامها العسكرية في الجبهات حماية للمحافظة    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    "قديس شبح" يهدد سلام اليمن: الحوثيون يرفضون الحوار ويسعون للسيطرة    في اليوم 202 لحرب الإبادة على غزة.. 34305 شهيدا 77293 جريحا واستشهاد 141 صحفيا    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدرسة آل البيت في الإسلام
نشر في حياة عدن يوم 23 - 08 - 2012

• "إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين من المسلمين".
أخرجه أحمد والبخاري
• نظر النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى علي والحسن والحسين (رضي الله عنهم), فقال: أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم".
رواه الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة
• "كانت جماجم العرب بيدي يسالمون من سالمت ويحاربون من حاربت فتركتها ابتغاء وجه الله".
الإمام الحسن بن علي

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله أجمعين.. في مثل هذا اليوم الخامس عشر من رمضان من السنة الثالثة للهجرة ولد الإمام الحسن السبط بن علي بن أبي طالب في أشرف بيت من قريش والعرب, فوالده سيدنا الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ابن عم رسول الله (ص) وأخو رسول الله (ص) في الإسلام ويعتبر الشخصية الثانية بعد رسول الله محمد (ص) وأمه البضعة الطاهرة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء بنت محمد رسول الله (ص).
ومن الأهمية بمكان أن نسلط الضوء على هذه الشخصية الشريفة الفذة والذي سجل التاريخ بأحرف من نور موقفه الزاهد والناضج عندما تنازل الإمام الحسن السبط عن الخلافة كخامس الخلفاء الراشدين طوعاً لمعاوية بن أبي سفيان حقناً لدماء المسلمين, فأين منه مواقف الملوك والرؤساء العرب؟ وهو ما سيأتي لاحقاً بشيء من التفصيل.

وصفه ونشأته:

كان الحسن أشبه الناس برسول الله (ص) "فعن أنس رضي الله عنه قال: أشبههم بالنبي (ص) الحسن بن علي عليه السلام, وقال النبي صلى الله عليه وسلم للحسن: (اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه"..رواه الترمذي.
ولقد حج الحسن خمساً وعشرين حجة مشياً على قدميه وكان حكيماً كريماً صبوراً", كتاب التليد والطارف للسيد أبوبكر العدني بن علي المشهور ص 225.

ريحانة الرسول:

جاء في كتاب "العقود اللؤلؤية في بعض أنساب الأسر الحسنية الهاشمية بالمملكة العربية السعودية" جمع وإعداد وتحقيق الشريف محمد بن علي الحسني نقلاً عن عشرات المصادر الموثقة.
"الحسن بن علي, ريحانة الرسول, ولد في النصف من شهر رمضان بالمدينة المنورة السنة الثالثة من الهجرة.
قالت أم الفضل: يارسول الله رأيت كأن عضواً من أعضائك في بيتي:
قال: رأيت خيراً, تلد فاطمة غلاماً فترضعينه بلبن قثم. فولدت الحسن فأرضعته بلبن قثم (ابنها).
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
(لما ولد الحسن جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أروني ابني ماسميتموه؟ قلت سميته (حرباً) قال: بل هو (حسن) فلما ولد الحسين سميناه حرباً, قال بل هو (حسين), فلما ولد الثالث, جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال أروني ابني ما سميتموه؟ قلت: سميته حرباً قال: هو محسن.
قال أبو أحمد العسكري: سماه النبي (صلى الله عليه وسلم) الحسن وكناه (أبا محمد) ولم يكن يعرف هذا الاسم في الجاهلية.
وبلغ من فرح الرسول بمولد هذا الطفل الميمون أن أمر بحلق رأسه, وأن يتصدق بزنة شعره فضة, كما أمر بنحر كبشين وزعت لحومهما على الفقراء.
ولد الحسن في هذه البيئة الطاهرة العامرة بالتقوى والإيمان, وفي هذا البيت المتواضع الذي أسس علء الفيلة وخشية الله تعالى, فكأن عينيه قد تفتحتا على أكرم المشاهد وأعزها عند المسلمين عامة.
وما كان الحسن يشب عن الطوق حتى أخذ الرسول (صلى الله عليه وسلم) يعلمه مما علمه الله, وينشئه على خير ما تنشأ الأولاد, روى عن الحسن أنه قال: (علمني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كلمات أقولهن في الوتر: اللهم أهدني فيمن هديت, وعافني فيمن عافيت, وتولني فيمن توليت, وبارك لي فيما أعطيت, وقني شر ما قضيت, فإنك تقضي ولا يقضى عليك, وإنه لا يذل من واليت, تباركت ربنا وتعاليت.
وقد أخذ الرسول (صلى الله عليه وسلم) يبث في قلب الحسن الغض حب الحق والعدل والآيثار وينفخ في روح الصبي القناعة والرضى, فقد روي عن الحسن أنه قال: أذكر من رسول الله أني أخذت تمرة من الصدقة فتركتها في فمي فنزعها بلعابها, وجعلها في تمر الصدقة فقيل: يارسول الله, ما كان عليك من هذه التمرة؟.. قال: إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة.
وكان يقول: دع ما يريبك إلى ما لايريبك, فإن الكذب ريبة والصدق طمأنينة.
اختار الرسول (صلى الله عليه وسلم) الرفيق الأعلى والحسن لم يتجاوز الثامنة من عمره, ولكنه رغم هذه السن الغضة, وعى الشيء الكثير وتأدب بآداب الرسول الكريم وتخلق بأخلاقه.
كان الحسن ورعاً, ذا سكينة ووقار وحشمة, يكره الفتن وإراقة الدماء, ما سمعت منه كلمة فحش قط.
دعاه ورعه وفضله إلى ترك الملك والدنيا, رغبة فيما عند الله تعالى, وكان لا يحج إلا ماشياً وكان يقول:
إني لأستحي من ربك أن ألقاه ولم أمش إلى بيته.
وكان جواداً تقياً يصوم النهار ويقوم الليل.
وصفه محمد بن الحنفية وصفاً دقيقاً فقال:
(أنت عقبة الهدى, وخلق أهل التقوى, وخامس أصحاب الكساء, غذتك بالتقوى أكف الحق, وأرضعتك ثدي الإيمان, وربيت في حجر الإسلام).
ورث الحسن والحسين عن جدهما وأبيهما فصاحة اللسان, وقوة الجنان وحضور البديهة والحلم والكرم).
سأله رجل صدقة ولم يكن عنده ما يسد به رمقه فاستحى أن يرده فقال:
ألا أدلك على شيء يحصل لك منه بر؟ قال بلى, فما هو؟ قال: اذهب إلى الخليفة فإن ابنته توفيت وانقطع عليها وما سمع من أحد تعزية, فعزه بقولك له: (الحمد لله الذي سترها بجلوسك على قبرها, ولا هتكها بجلوسها على قبرك), فذهب الرجل وفعل ما قاله له: فذهب عن الخليفة حزنه وأمر له بجائزة وقال له: أكلامك هذا؟ قال: لا.. بل كلام فلان.
قال: صدقت فإنه معدن الكلام الفصيح, وأمر له بجائزة أخرى.
إن من يلوذ بأهل البيت, لا يرد خائباً, بل ينال كما يريد وفوق ما يريد, فإنهم منبع الكرم والجود والإحسان, قد كان في استطاعة الحسن أن يعتذر لمن سأله بأنه ليس لديه شيء يعطيه ويكون عذره وقتئذٍ مقبولاً, ولكنه التمس له طريقة يفرج بها كرب السائل, فأشار عليه بما تقدم فنال الخير الكثير".

خلافة الإمام الحسن وتنازله عن الحكم

جاء في كتاب التليد والطارف للسيد أبوبكر المشهور عن عدة مصادر:

"وبايع الناس الإمام الحسنا
خليفة يرجو الكريم المحسنا
فقام بالأمر وجهز الجنود
للشام كي يلزمهم أخذ العهود
وكتبوا كتاب صلح يلتزم
مع اشتراط كل ما خص وعم
يشير الناظم إلى ما جرى بعد مقتل الإمام علي (عليه السلام) من الاجتماع على تعيين الإمام الحسن بن علي (رضى الله عنه) خليفة للمسلمين حتى قيل: إن الذين اجتمعوا على بيعة الحسن أكثر ممن اجتمع على بيعة أبيه, فتم الأمر على ذلك, وكان الحسن بن علي رضي الله عنهما ميالاً إلى السلام ومعالجة الأمور بالحسنى, إلا إن القوم دافعوه الأمر وأكثروا عليه في أمر الحرب ضد أهل الشام, فخرج بهم إلى المدائن بعد خلافته بثمانية أشهر تقريباً, وكان الجيش من لفيف الناس والأعراب والتقى الجيشان بناحية الأنبار من أرض السواد.
وراجع الإمام الحسن أهل الشام وعلى رأسهم معاوية ومن معه درءاً للفتنة وحقن الدماء, فما وجد من الجانبين إلا الرغبة في القتال, ورأى الحسن رضي الله عنه في أصحابه, تفككاً حتى قيل: إنه صاح صائح بهم أن قيس بن سعد بن عبادة قتل وكان قائد جيش الإمام الحسن, فهرج القوم وماجوا وأخذ ينهب بعضهم بعضاً حتى نازعوا الحسن رضي الله عنه في فراشه الذي كان عليه وجرحه أحدهم بسلاحه.
ورأى الحسن بعد هذا الأمر وما سبقه أن يقبل الصلح ويولي الحكم إلى معاوية بشروطه فأرسل إلى معاوية يفاوضه الأمر, فقبل معاوية وأرسل إليه أن اطلب ما شئت واشترط فإني أوفي لك بذلك وأرسل بياضاً وختم في أسفله, فاشترط الحسن على معاوية مايلي:
1- أن يكون بيت مال الكوفة تحت تصرفه.
2- أن يكون له خراج دار أبي جرد.
3- أن تكون الخلافة بعد معاوية له ولأخيه الحسين, وفي رواية: أن تكون للمسلمين يولون من شاءوا.
4- أن لا يتعرض معاوية لأهل العراق ولا ينتقم منهم.
فتم الصلح والتوقيع على ذلك وقام الحسن بن علي خطيباً فحمد الله وأثنى عليه, وقال: (أيها الناس إن الله هداكم بأوّلنا وحقن دماءكم بآخرنا, وأن معاوية نازعني أمراً أنا أحق به منه, وأني حقناً لدماء المسلمين وطلباً لما عند الله).
وجاء في (البداية والنهاية) أنه قال: إن الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا وأن لهذا الأمر مدة والدنيا دول, فإن الله تعالى قال لنبيه (صلى الله عليه وسلم): (وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين), ولم يسر هذا معاوية ولم يزل في نفسه.
قال أبن كثير: وحصل على بيعة معاوية .... الاجتماع والاتفاق, فرحل الحسن بن علي ومعه أخوه الحسين وبقية إخوتهم وابن عمهم عبدالله بن جعفر من أرض العراق إلى أرض المدينة النبوية – على ساكنها أفضل الصلاة والسلام – وجعل كلما مر بحي من شيعتهم يبكونه على ما صنع من نزوله عن الأمر لمعاوية, وهو في ذلك البار الراشد الممدوح, وليس يجد في صدره حرجاً ولا تلوماً ولا ندماً, بل هو راضٍ بذلك مستبشر به, وإن كان قد ساء هذا خلقاً من ذويه وأهله وشيعتهم, ولا سيما بعد ذلك بمدد وهلم جرا إلى يومنا هذا.
والحق في ذلك اتباع السنة ومدحه فيما حقن به دماء الأمة, كما مدحه على ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكان أصحاب الحسن يقولون: ياعار المؤمنين, قال: فيقول لهم: العار خير من النار.
وقال له رجل يقال له أبو عامر: السلام عليكم يامذل المؤمنين, فقال: لا تقل هذا يا عامر..!.. لست بمذل المؤمنين ولكني كرهت أن أقاتلهم على الملك, وسميت تلك السنة (سنة الجماعة) لاجتماع الناس ورفع القتال, وتحقق للإمام.
يقول ابن عبدالبر في "الاستيعاب":
"كان علي إذا ورد عليه مال لم يبق منه شيء إلا قسمه, ولا يترك في بيت المال منه إلا ما يعجز عن قسمته في يومه ذلك, ولم يكن يستأثر من الفيء بشيء ولا يخص به حميماً ولا قريباً ولا يخص بالولايات إلا أهل الديانات والأمانات".
فلما قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه لثلاث عشرة بقيت من رمضان سنة 40 للهجرة بايعه (أي الإمام الحسن) أهل العراق, وبقي نحو سبعة أشهر خليفة للعراق وما يليه من خراسان والحجاز واليمن وغيرها ولم تثبت خلافة الحسن أمام قوة معاوية بن أبي سفيان فآثر أن يتنازل عن الخلافة حقناً لدماء المسلمين, وكان يقول: ما أحببت أن ألي أمر أمة محمد علي أن يراق في ذلك محجمة دم.
روى عن الحسن أنه قال لعبدالله بن جعفر رضي الله عنهما:
- إني رأيت رأياً أحب أن تتابعني عليه.
- ما هو؟
- رأيت أن أعمد إلى المدينة فأنزلها وأخلي الأمر لمعاوية, فقد طالت الفتنة وسفكت الدماء وقطعت السبل.
- جزاك الله خيراً عن أمة محمد.
وقد خطب الحسن في وفود أهل العراق فقال:
(إنكم بايعتموني على أن تسالموا من سالمني وتحاربوا من حاربني وإني قد بايعت معاوية فاسمعوا وأطيعوا"..!.
أصبح معاوية صاحب السلطان في العالم الإسلامي كله, وقد آثر عن الحسن أنه قال يوم دخل معاوية الكوفة في شهر ربيع الثاني سنة 41ه.
"إلا أن أكيس الكيس التقى وأن أعجز العجز الفجور, وأن هذا الأمر الذي اختلفت أنا ومعاوية فيه, إما أن يكون أحق به مني وإما أن يكون حقي في تركته لله عز وجل لإصلاح أمة محمد وحقن دمائكم", ثم التفت إلى معاوية وقال:
- و"إن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين".
معاوية يسمم الحسن

توفي الحسن سنة تسع وأربعين وقيل سنة خمسون للهجرة وأشتهر أن معاوية بن أبي سفيان دس إلى جعدة بنت الأشعت بن قيس أن تسمم الحسن ويزوجها يزيد, فسممته وقتلته, ثم كتبت لمعاوية أن يفي بوعده فقال لها معاوية: إن يزيد منا بمكان..!!, وقد يصلح له من لا يصلح لابن رسول الله..!.. وعوضها عنه بمائة ألف درهم..!.

وصية الإمام الحسن بن علي لأخيه الحسين عند موته

كما جاء عن وصية الإمام الحسن (نفس المصدر السابق).
جاء في (تاريخ الخميس) ص 293: روينا من عدة وجوه أن الحسن لما حضرته الوفاة قال للحسين أخيه: يا أخي: إن أباك حين قبض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) واستشرف لهذا الأمر رجاء أن يكون صاحبه فصرفه الله عنه ووليها أبوبكر, فلما حضرت أبابكر الوفاة تشرف لها أيضاً فصرفت عنه إلى عمر, فلما قبض عمر جعلها شورى بين ستة هو أحدهم فلم يشك أنها لا تعدوه, فصرفت عنه إلى عثمان فلما هلك عثمان بويع له, ثم نوزع حتى جرد السيف وطلبها فما صفا له شيء منها, وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا أهل البيت النبوة والخلافة, فأعرفنك ما استخفك من سفهاء أهل الكوفة فأخرجوك.
ولما مات الحسن بن علي (رضي الله عنه) شهد الحسين (رضي الله عنه) تحولاً خطيراً في الاتفاق, وخاصة أن موت الحسن كان بالسم مدسوساً عليه, قال عمير بن إسحاق: دخلت أنا ورجل آخر من قريش على الحسن بن علي, فقال: قد سقيت السم مراراً وما سقيت مرة هي أشد من هذه, وقد أخذ في السوق (النزع) فجاء الحسين حتى قعد عند رأسه, وقال: (أي أخي من صاحبك؟) قال تريد قتله..!! قال: نعم.. قال: (فإن كان صاحبي الذي أظن فالله أشد نقمة).. وفي رواية عند ابن كثير في (البداية والنهاية), أنه قال: "الله أشد بأساً وأشد تنكيلاً وإن لم يكن.. ما أبعد أن تقتل بي بريئاً".
كما جاء في كتاب العقود اللؤلؤية بعض أنساب الأسر الحسنية الهاشمية نقلاً عن "آل البيت" لمحمود الشرقاوي ومصادر أخرى, ولما حضرت الحسن الوفاة قال لأخيه الحسين:
قد كنت طلبت إلى عائشة إذا مت أن تأذن لي فأدفن في بيتها مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأطلب ذلك إليها.. فإن طابت نفسها فادفني في بيتها.. وما أظن إلا القوم سيمنعونك إذا أردت ذلك.. فإن فعلوا فلا تراجعهم في ذلك وادفني في بقيع الفرقد.
فلما مات الحسن أتى الحسين عائشة رضي الله عنها فطلب ذلك إليها فقالت: نعم وكرامة فبلغ ذلك مروان, فقال: والله لا يدفن هناك أبداً, منعوا عثمان من دفنه في المقبرة يريدون دفن الحسن في بيت عائشة, وكادت الفتنة تقع بين بني هاشم وبني أمية, لولا كلمة من عبدالله بن جعفر لابن عمه الحسين, قال:
عزمت عليك بحقي ألا تتكلم بكلمة.
ومضى بابن عمه الحسين إلى البقيع حيث ثوت أمه السيدة فاطمة الزهراء.
حدث ثعلبة بن أبي مالك قال:
شهدت الحسن بيوم مات ودفن في البقيع, فلقد رأيت البقيع, ولو طرحت فيه إبرة ما وقعت إلا على رأس إنسان.
عاش الحسن بن علي زاهداً ومات زاهداً, طيب الله ثراه وجعل الجنة مثواه.
سلماً عليك يا أبا الحسن المثنى يوم ولدت يوم مت ويوم تبعث حيا.

# ناشر ورئيس تحرير صحيفة الطريق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.