قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية في تقرير لها، إن إدارة ترامب في البيت الأبيض بدأت بتصعيد الإجراءات المساندة للتحالف السعودي ضد اليمن، كجزء من خطة أوسع لمواجهة مزعومة مع طهران، فيما حذر عدد من الخبراء الأمريكان مؤكدين أن ذلك "خطأ كارثي" في حال أقدمت عليه إدارة ترامب. ولفتت المجلة الأمريكية إلى أن الولاياتالمتحدة أرسلت ،يوم الجمعة، مدمرة إلى الساحل اليمني لحماية خط الشحن من الحوثيين، فيما تدرس خطوات أكثر صرامة بما في ذلك هجمات الطائرات بدون طيار ونشر مستشارين عسكريين لمساعدة القوات المحلية - وفقا لمسؤولين مطلعين على المناقشات. وقال مستشار لفريق الأمن القومي لترامب للمجلة: "هناك رغبة داخل الإدارة الأمريكية لرؤية انتكاسة للعدوانية الإيرانية في اليمن". مضيفاً أنه وبالنظر إلى الخطاب العام ومداولات خاصة في البيت الأبيض، الولاياتالمتحدة " يمكن أن تشارك في محاربة الحوثيين بصورة مباشرة" جنبا إلى جنب مع حلفاء واشنطن، المملكة العربية السعودية والإمارات. مساعدو الرئيس دونالد ترامب يرون اليمن وكأنها ساحة معركة مهمة للإشارة إلى عزم الولاياتالمتحدة ضد إيران، والتأكيد على ما يعتبرونه فشل الإدارة السابقة لمواجهة نفوذ طهران المتنامي في المنطقة. ولكن النهج المتشدد يحمل خطر اندلاع انتقام إيراني ضد الولاياتالمتحدة في العراق وسوريا، أو حتى الدخول في حرب شاملة مع إيران. يوم الجمعة، أطلق مستشار الأمن القومي مايكل فلين بياناً يتهم المجتمع الدولي بأنه كان "متسامحا جدا مع سلوك إيران السيئ"، مضيفا أن "إدارة ترامب لن تتسامح مع الاستفزازات الإيرانية التي تهدد مصالحنا". وقالت المجلة إن إرسال المدمرة الأمريكية (يو اس اس كول) إلى مضيق باب المندب، يعد الاستجابة الأولى الواضحة على استهداف الحوثيين لفرقاطة سعودية يوم الاثنين الماضي. وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية ل"فورين بوليسي" إن المدمرة "كول" هي نفسها السفينة الحربية التي تعرضت لهجوم فتاك من قبل تنظيم القاعدة في ميناء عدن عام 2000، وقتل فيه 17 بحاراً أمريكياً. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن المدمرة الأمريكية سترافق السفن المارة بالساحل اليمني وإلى البحر الأحمر. وقال مستشار الإدارة الأمريكية وجمهوريين في الكونغرس، إن الإدارة تدرس تكثيف هجمات الطائرات بدون طيار ونشر الكثير من المستشارين العسكريين، لشن هجمات برية، وربما تسريع الموافقة على توجيه ضربات عسكرية ضد المتشددين في اليمن. وأضاف المستشار للمجلة الأمريكية إلى أن: "فلين يريد مواجهة قوية للجهود الإيرانية" في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ولكن التساؤلات حول توقيت المواجهة وحجمها في اليمن وبقية دول الشرق الأوسط يظل معلقاً. وأكدت المجلة أن واشنطن لعبت بالفعل دوراً في الحرب على اليمن، ودعم حملة القصف التي تقودها السعودية على مدى العامين الماضيين. المجلة الأمريكية، رأت أن تدخلا عسكريا أمريكيا أعمق في اليمن أمر محفوف بالمخاطر. مذكرة بالهجوم الأمريكي على بلدة في البيضاء وسط البلاد ضد تنظيم القاعدة الذي لا ينتمي لإيران، وكيف قتل ضابط أمريكي وجرح 3 وتحطيم طائرة أمريكية في المواجهات، إضافة إلى مقتل عدد غير معروف من المدنيين. من جانبه قال سيث جونز، وهو مستشار سابق لقوات العمليات الخاصة وخبير في مكافحة الإرهاب إن العملية البرية تعد مؤشراً على اهتمام الولاياتالمتحدة المتزايد في الحصول على المزيد من المشاركة بصورة سرية في اليمن، على الرغم من كونها تقدم دوراً استشارياً فقط. وتوقع جونز، أن الولاياتالمتحدة لن ترسل قوات إلى الأرض، وستكتفي بعمل الطائرات بدون طيار في توجيه ضربات مباشرة ضد الحوثيين، ومساعدة القوات المحلية على الأرض. وقالت كاثرين زيمرمان، وهي محللة في معهد أميركان إنتربرايز، "إن تكثيف الضغط على الحوثيين قد يأتي بنتائج عكسية وسيصب المزيد من الزيت على الحرب الأهلية، ويدفع الحوثيين إلى التعمق أكثر في مدار طهران". وأضافت كاثرين أن "الولاياتالمتحدة تقف إلى جانب الحكومة التي يعتبرها غالبية سكان شمال اليمن بأنها غير شرعية". ورداً على خطوات إدارة ترامب لدراسة مشاركة أعمق في الحرب باليمن، نشرت صحيفة "The American Conservative" مقالا تحليليا للمحلل السياسي وكبير محرريها، دانيال لاريسون، قال فيه إن الولاياتالمتحدة يبدو أنها لم تكتفِ من تمكينها التحالف بقيادة السعودية من تدمير وتجويع اليمن على مدى ال22 شهرا الماضية، لكن إدارة ترامب، يبدو أنها ستجعل الولاياتالمتحدة أكثر تورطاً في حرب طائشة لا تهدد الأمن الأمريكي إطلاقاً. وأضاف الأسوأ، هو تبرير ذلك عند إرسالها "إشارة تحذيرية" إلى إيران، وهي ليست طرفا في النزاع، ودعمها الحوثيين لا يكاد يذكر. ولذا فمن غير الممكن مواجهة إيران في اليمن بسبب تورط إيران في حرب لم تكن موجودة فيها أو طرفاً في النزاع أصلاً. واعتبر لاريسون أنه وبفضل العديد من "أوهام" الصقور الإيرانية في إدارة ترامب، فإننا في خطر أسوأ القرارات السياسية الرهيبة التي ستتخذها الإدارة. وأكد أنه خلافاً لأوهام الصقور الإيرانية والدعاية السعودية، فإن "الحوثيين ليسوا وكلاء لإيران وليسوا تحت سيطرتها. ولذا فإن إيران لن تعتبر تورط الولاياتالمتحدة أعمق في اليمن دليلاً على "قرارنا"، لكنها ستعتبر ذلك كدليل على جهل الإدارة وسوء الحكم". وأشار لاريسون إلى أن تقديم المزيد من المساعدات لقوات التحالف التي تقودها السعودية في هجومها على اليمن لإظهار "عزيمتنا" ضد إيران، قرار أحمق ولا مبرر له، ولن يفعل ذلك شيئاً لإيران، سوى إلحاق ضرر إضافي على الشعب اليمني وزيادة التكاليف إلى رصيد الولاياتالمتحدة في هذه الحرب المشينة. ويرى لاريسون أن زيادة الدعم وتعميق الحرب على اليمن باسم محاربة النفوذ الإيراني، هو مواجهة الهدف الخاطئ بسبب الأيديولوجية الغبية وسوء الفهم الخطير لليمن والصراع الذي يحدث هناك. وكما غزت الولاياتالمتحدةالعراق باسم محاربة الإرهاب، فإن إدارة ترامب، على وشك الوقوع في أخطر الأخطاء التي ارتكبها أوباما. وختم تحليله بالقول: علاوة على سياسة الولايات المخزية التي لا تغتفر في دعمها للحملة العسكرية الكارثية للتحالف بقيادة السعودية في اليمن، فإن خطواتها التصعيدية وتورطها أكثر سيجعل الأمور أسوأ من ذلك بكثير. من جانبه قال المؤرخ والصحفي الاستقصائي في شؤون الأمن القومي الأمريكي، جاريث بورتر، لموقع "كونسيرتيوم" الأمريكي إن إدارة ترامب تدين إيران عن مسؤوليتها بطريقة ما عن هجوم الحوثيين في اليمن على سفينة حربية سعودية، وتتجاهل حمامات الدم السعودية التي أغرقت بها الشعب اليمني.