ليس طبيعياً ولا مألوفاً ولا لائقاً أن تقوم صحيفة في يوم واحد بإجراء مقابلتين مع رئيس دولة ونائبه، لأن ذلك إهانة للرئيس وللصحيفة وللقارئ، لكن صحيفة (الرياض) حين تنشر مقابلة مع علي محسن بعد ساعات من نشر مقابلة مطولة مع رئيسه هادي، يمكن استثناؤها من القاعدة السالفة؛ لأن الصحيفة الرسمية في مملكة استبدادية لا كرامة لها ولا لديها إلا لطويل العمر الذي أنشئت للتسبيح بحمده، والقراء بالنسبة لها قطعان تعنى بتسييرهم لا باحترامهم، وهادي ليس رئيساً حقيقياً لدولة وإنما مرتزق في فندق لا تمثل إهانته خروجاً عن حدود اللياقة، عموماً لم يكن في مقابلة محسن سوى المزيد من الحديث عن الخطر الإيراني وأهميته، وإنجازات عاصفة الحزم في استنقاذ اليمن من براثنه وحماية المنطقة كلها منه، وهو الموضوع الذي بدأت به مقابلة هادي الطويلة، ولم تخل منه غالبية الإجابات في المقابلتين، وهيمن على 80 % من عناوينهما. محسن كرئيسه كال المزيد من الثناء على المملكة وشيطن الانقلابيين كثيراً مثل هادي، وشدد مثله على المرجعيات الثلاث، وعلى ضرورة السيطرة على ميناء الحديدة ومواصلة الحرب، ولم ينس أن يؤكد مثله أن النصر قريب. ذات القضايا التي تناثرت وسط الكثير من الهذيان في مقابلة هادي الطويلة تم تركيزها في مقابلة محسن، لتتناقلها الفضائيات كتبريرات تقنع المواطن السعودي بالرضى عن قرار الحرب الذي اتخذه حكامه، وتخفف وطأة عامين من الفشل الذريع لهذه الحرب التي تستنزف ثروته الوطنية، وأصبحت تمتد إلى جيبه لتسرق ماله الخاص للإنفاق على كارثيتها. كانت الرياض تحشر هادي ومحسن على صفحاتها بصفتي الرئيس ونائب الرئيس اليمني ليشهدا على وجود الخطر الإيراني وأهميته وضرورة عاصفة الحزم، وتعديد انتصاراتها وأفضالها على اليمن والمنطقة، وتحميل صالح والحوثي مسئولية ما حدث ويحدث من دمار، والتأكيد على أن إغلاق ميناء الحديدة سيحقق النصر وينقذ اليمن ويحمي المنطقة. مقابلتا هادي ومحسن تعكسان قلق حكام المملكة من الداخل السعودي، ويأمل الإعلام السعودي أن تكون صفة رئيس ونائب الرئيس كفيلة بإقناع المواطن السعودي أكثر من لوحة السبعين التي رسمها اليمنيون تعبيراً عن فشل عامين من العدوان، وتجعله يتناسى حقائق المواجهات في الحد الجنوبي والصواريخ التي بلغت الرياض، والجرائم البشعة التي ترتكبها الطائرات السعودية منذ عامين، لكن المقابلتين لن تكونا أكثر جدوى من تقارير محمد العرب وتحليلات الشليمي.